عاد الملحن والمؤلف الموسيقي المصري حمزة نمرة ليفاجئ جمهوره العريض بجديده الفني المستوحى من التراث الموسيقي المغربي العريق والغني، فبعد أن كان سباقا كفنان مصري متشبع بالإيقاعات الشرقية المختلفة عن الإيقاعات المغربية، إلى إعادة التوزيع الموسيقي و«ريميكس» أغان مغربية عريقة وتأديتها ببراعة تامة مثل «صينية» ناس الغيوان أو «خليلي» المشاهب دون أن ننسى نجاحه الباهر في تأدية رائعة المرحوم رويشة «إيناس إيناس»، وغيرها، هاهو اليوم يرفع تحديا جديدا وصعبا للغاية، حيث اختار أن ينشر شراع بحثه في بحر العيطة المغربية محاولا سبر أغوارها المتمنعة، والنهل من أغانيها الشعبية الرائقة الضاربة جذورها في التاريخ، والمرتبطة ارتباطا وثيقا بتراب المغرب ووجع أبنائه ولوعتهم قبل مرحلة الاستعمار وإبانها، وهي الأغاني التي تؤرخ لصراع القبائل مع قيادها المتسلطين على العباد، بحمولة رمزية وكلمات مشفرة لا يستطيع فهمها حتى المغاربة فما بالك بالمشارقة … مهمة صعبة لكنها لم تكن مستحيلة بالنسبة لعازف القيثار الشهير، ويبدو أن أغنية الشاوية أو «خربوشة» عروس ريبرتوار العيطة الحصباوية المنتمية لمنطقة عبدة أسَرَتْهُ فوقع عليها اختياره ليعيد تأديتها بطريقة جديدة، مستعينا في ذلك «بخبراء» متمرسين في هذا الميدان، وفي مقدمتهم جمال الزرهوني، شيخ العيطة الحصباوية و رائدها الذي لم يبخل على الفنان المصري بالتوضيحات اللازمة لتقريبه أكثر من هذه الأغنية الشعبية العريقة التي تؤرخ لصراع قبيلة أولاد زايد بمنطقة عبدة مع بطش القائد عيسى بن عمر، وليقرر في الأخير، وبمساعدة موسيقي مغربي متمرس من بلاد المهجر و هو حبيب بيلك، أن يمزج بين العيطة ورافد آخر من روافد الفن المغربي الأصيل، ويتعلق الأمر بموسيقى كناوة الرائدة، وقد كان الاختيار موفقا، إذ خرجت «خربوشة» ترفل جذلى في عباءة كناوية رائعة وأداها الفنانان المغربي والمصري بشكل متميز واحترافي… «خربوشة» أو «العمّالة العبدية» برؤية مصرية وإيقاع كناوي إفريقي حققت نسب مشاهدة عالية منذ اللحظات الأولى لطرحها في اليوتيوب، ونجحت كسابقاتها في شد انتباه جمهور نمرة المتعطش دوما لجديده. لقد نجح ابن النيل مرة أخرى في التعريف بالفن المغربي ومد جسورالتواصل مع جمهور بعيد هناك في المشرق بدأ يكتشف للتو موسيقى مغربية لم يكن يعرف عنها إلا النزر اليسير، بل أصبح بفضل نمرة من محبيها والمعحبين بها، و يبدو أن الباحث الموسيقي المصري وجد في التراث المغربي ضالته وأسرته إيقاعاته المتنوعة والعريقة، فيا ترى ما هو جديده القادم ؟ وأين سيحط الرحال هذه المرة؟ أسئلة سنعرف لا محالة أجوبتها في القادم من الأيام.