بدأت نيران غضب تلميذات و تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية تخمد شيئا فشيئا، منذ زوال يوم الاثنين 12 نوفمبر الحالي. بعد مرور أيام صعبة وجد متوترة، حيث اختلفت درجة الغليان والعصيان من مديرية وأكاديمية لأخرى عبر التراب الوطني، ابتداء من عودة التلميذات و التلاميذ من عطلتهم المدرسية . وإذا كان السبب الرئيسي لهذا الغضب والذي تولدت عنه احتجاجات وامتناع عن الدخول لحجرات الدراسة هو الساعة المضافة، فإن المتتبعين للشأن التربوي والتعليمي وفعاليات ثقافية وفكرية وحقوقية وقانونية تطرح عدة تساؤلات : لماذا خرج التلاميذ والتلميذات رغم أن الزمن المدرسي لم يتأثر بعد دخول جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات و التلاميذ عبر تنظيماتهم على الخط مباشرة بعد صدور قرار الحكومة يوم 26 أكتوبر 2018 والخرجة الإعلامية لوزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، والتي حدد التوقيت المدرسي في الدخول صباحا على الساعة التاسعة والمدة الزمنية بين فترة الصباح والزوال ساعة فقط. حينها بادرت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وأباء وأولياء التلميذات و التلاميذ بالمغرب إلى إصدار بيان شديد اللهجة مطالبة فيه من الوزير العدول على هذا التوقيت ،مستنكرة في الوقت نفسه أحادية القرار في مسألة تتعلق بالتلميذات و التلاميذ. فتم استدعاؤها إلى جانب تنظيمات أخرى، وبعد مناقشات مستفيضة تمت اضافة ساعة للمدة الزمنية الفاصلة بين الفترة الصباحية والزوالية، وأصبحت ساعتين، كما تقدمت بملتمس التعامل بمرونة مع الآباء والأمهات الذين ينقلون أبناءهم إلى مدارسهم كل يوم قبل ذهابهم إلى عملهم. وهو ما استجاب إليه وزير التربية الوطنية. مع ترك الصلاحية للاكاديميات الجهوية ومجالس التدبير في حق اختيار أوقات الدخول مع مراعاة الزمن المدرسي. إذن فالاحتجاجات التي قام بها التلاميذ والتلميذات لم تكن أبدا تخص أوقات الدراسة بالقدر الذي كانت تخص فيه الساعة المضافة. وتزداد التساؤلات تعميقا حول من رسخ في ذهن هذا التلميذ وتلك التلميذة أنهم قادرون باحتجاجاتهم إعادة الساعة الأصلية. وبالتالي سيسجل التاريخ المغربي موقفهم هذا. ومن استطاع تسخير ما يفوق 9 ملايين تلميذ وتلميذه للاحتجاج على أمر هم غير متضررين منه، بل كيف استطاعت الأيادي الخفية تحويل الإحتجاجات التلاميذية من داخل الأسوار بالمؤسسات التعليمية إلى الشوارع وتصوير فيديوهات وترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتصديرها لقنوات اجنبية، ومن لقن مجموعة شعارات وسرب سلوكات بعيدة كل البعد عن التلميذ والتلميذة أدت إلى إحراق العلم الوطني في مشهد أثار شعور من ضحى بروحه من أجل استقلال وتحرير هذا البلد الأمين من أجداد وأباء هذا التلميذ . وفي مشهد قد لا يتحمله و لاتتحمله تلك المجموعة الحاضرة لهذا المشهد غير الوطني، وأيضا من سمح لمجموعات شعارها الدائم هو الشغب وإحداث الفوضى والغرض من ذلك إثارة الكراهية ضد الوطن باقحامها التلميذ في أمور هو في منأى عنها. اليوم وبعد عودة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية تدريجيا. وظهرت بوادر الإستقرار بجل المؤسسات التعليمية ومحيطها،لابد من كشف بعض الحقائق التي اظهرتها هذه الإحتجاجات وكشفت من جهة عن عورة منظومتنا التعليمية ومن التقصير في التعامل مع التلميذ نفسه. فإذا كانت هذه المنظومة في مجملها تعتمد على التلميذ كمحور أساسي. و كل الإجراءات والمخططات والإستراتيجيات والقرارات الاستعجالية هي من أجل هذا التلميذ وتلك التلميذة. فالواقع المر يؤكد عكس ذلك، بحيث اتضح جليا أن آخر ما نفكر فيه هم التلاميذ، ليس هذا فقط على صعيد المؤسسات بل حتى الأسر لها الدور الكبير فيما وصلنا إليه،لأن العملية التعليمية ليست حكرا على المدرسة لوحدها ،كما لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلميذات و التلاميذ دور أيضا في ذلك. فحين تقوم هذه الجمعية بمجموعة من الأنشطة المتنوعة وتساهم في أخرى،هل قامت بدراسة أو بتحليل حول مدى استفادة هذا التلميذ وتلك التلميذة من ذاك النشاط وما حجم التقارب معه ، و حين تضيف بعض المنشأت أو بناء بعض المرافق ،هل اشركت ولو كاستشارة ذاك التلميذ او تلك التلميذة ؟ ثم إن علاقة الأستاذ بالتلميذ والتلميذة يقتصر فقط بالدرس والنقطة والمعدل، والإداري علاقته أيضا بالتلميذ تقتصر فقط فيما هو إداري في غياب شبه تام لقاعات الإستماع ولحلقات تواصلية، باستثناء الحملات التي تطالب بها المذكرات الوزارية أو الأكاديمية. أما بعض الآباء والأمهات سامحهم الله فالعديد منهم من لا يعرف حتى المستوى الدراسي لابنه أو ابنته ويظهر ذلك حين يطالب بشهادة مدرسية وتغيب عنه أي معلومة عن ابنه او ابنته. من خلال الأحداث الأخيرة، اتضح أن هناك فرقا شاسعا بين التلميذ وهذه المكونات. وفراغ كبير على أثره دخلت اياد غيرصافية وبنوايا خلفية صنعت من التلميذ في هذه الفترة أداة لتحقيق أهدافهم.يجب ان نعيد حساباتنا ونشرك ابناءنا في تقرير مصير هم الطرف الرئيسي فيه.