في حفل تلفزيوني كانت تبثه القناة الأولى منذ سنوات، أنشدت رجاء بلمليح رائعة الثلاثي (شوقي – السنباطي – أم كلثوم) (سلوا قلبي)، أنشدتها بكل جوارحها، وتفاعل صوتها الناعم الدافئ مع معانيها، فمنحتنا الطرب، وبنفس التفاعل وبنفس المعايشة، شدت في جلسة خاصة بأغنية (ما منك زوج)، وفي حفلة عامة غنت (ما أنا إلا بشر للدكالي، ويا- موجة غني للسلاوي، والأغنية التونسية آه يا خليلة لعليا)، كانت رجاء بلمليح في عيني دائما زهرة فتية كلما انفتح صوتها شادية فاح العبير من أعماقها. بدايتها تعود إلى برنامج (مواهب) للأستاذ عبد النبي الجراري الذي أعطاها شهادة الاستحقاق، حيث شاركت بأغنية (أعطني الناي وغني) للمطربة اللبنانية فيروز، وتكلف العازف آنذاك عز الدين المنتصر – بإشارة من أستاذه – بتمرين صوتها، ثم انطلقت في المجال الفني مستفيدة من توجيهات الجراري، وقد تميز مشوارها الفني بالتأني والتريث، حيث لم تقدم إلا عددا قليلا من الأغاني، كان أغلبها شعرا عربيا فصيحا، ولعل هذا يعود إلى دراستها الجامعية وثقافتها العربية، وعلى الدرب وجدت رجاء ملحنين آمنوا بقدراتها، وعلى رأسهم عبد القادر الراشدي الذي لحن لها قطعة (مشغولة) وعدة قطع أخرى وطنية، وعبد الله عصامي الذي غنت له (صبر الحبيب) وأحمد موسى الذي لحن لها (هوية قلب)، وأما حسن القدميري فقد شكلت معه ثنائيا ناجحا، قدم في البداية (يا- جار وادينا) والتي عرفت انتشارا ملحوظا، ثم دخل معهما الشاعر عبد الرفيع الجواهري على الخط، فكانت (مدينة العاشقين – أطفال الحجارة – الحرية). وقد حاول هذا الثلاثي استرجاع أمجاد ثلاثي سابق (عبد الرفيع الجواهري شاعرا، وعبد السلام عامر ملحنا، وعبد الهادي بلخياط مغنيا)، لقد حاولت هذه التجربة الثلاثية أن تردنا إلى الزمن الجميل لأغنيتنا المغربية العصرية. لقد هاجرت رجاء بلمليح فيما بعد خارج حدود الوطن، فقدمت ألحانا خليجية وشرقية نالت نصيبا وافرا من النجاح، كان أشهرها هو قطعة (صبري عليك طال)، وتشاء الأقدار وهي في قمة التألق أن يختطفها المرض اللعين ولا زالت في نفسها الكثير من الطموحات والأماني. إن رحيل رجاء بلمليح المبكر يذكرنا بأسماء كبيرة رحلت هي الأخرى قبل الأوان، ولا زال في نفسها الكثير من العطاء، نتذكر الملحن عبد السلام عامر، والمطربة ماجدة عبد- الوهاب والمطرب محمد الحياني.