استغربت كل من المركزية النقابية للفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين التصريحات والمواقف الحكومية المتواترة التي أعقبت الإعلان عن إضراب 29 أكتوبر المقبل، وعبرت عن قلقها الشديد من هذا التعامل الحكومي الذي يضرب عرض الحائط الحق الدستوري الذي يكفله الدستور ألا وهو حق الإضراب. وقال فاتحي عبد الحميد، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل في ندوة صحفية مشتركة عقدتها هاتان المركزيتان يوم أمس بمقر الاتحاد العام للشغالين من أجل الرد على تهديدات الحكومة وتصريحات بعض المسؤولين الحكوميين لثني الشغيلة على ممارسة حقها الدستوري، «سنواجه الحكومة بالإضراب الذي نملكه كحل بعد أن جمد الحوار الاجتماعي في وجهنا، ودواعي هذا الإضراب كثيرة ولا تقتصر على ملف التقاعد، كما توهم الحكومة الرأي العام الوطني». وفي السياق ذاته ذكر محمد كافي الشراط، الأمين العام للاتحاد العام للشغالين أن المركزية قد سبق لها أن تقدمت للحكومة رسميا باقتراحاتها حول إصلاح أنظمة التقاعد في أواخر يونيو، إلا أنه لا حياة لمن تنادي «لم يتم استدعاؤنا أو استدعاء مركزيات نقابية تقدمت بمذكرات أخرى في نفس الموضوع». مضيفا في نفس الوقت أن الإضراب لجأنا إليه مرغمين كاختيار أخير، دفعتنا إليه الحكومة الحالية التي لا تؤمن بالحوار الاجتماعي. وفي ردهما على مغالطات الحكومة، أكدت المركزيات النقابية المعنية على أنهما لم يتوصلا بأية دعوة للحوار سواء قبل الإضراب الوطني الذي تم خوضه يوم في شتنبر الماضي أو بعد، بل الحكومة سارعت إلى تبخيس نتائجه والاستهتار بحجم المشاركة فيه، وهو ما اعتبرناه تصعيدا من طرفها. واعتبر فاتحي في نفس الصدد أن هناك غياب إرادة حقيقية للتفاوض مع النقابات كشركاء اجتماعيين، مضيفا أن النقابات لها بدائل ومشاريع الإصلاح جاهزة، لكن ينقصها الزمان والمكان. وبالنسبة لفاتحي الزمان هو الإرادة السياسية لمأسسة الحوار وجدولته وتخصيص أجندته، والمكان هو طاولة الحوار الاجتماعي لمناقشة كل القضايا التي تهم الشغيلة المغربية للوصول إلى نتائج مرضية للأطراف المعنية بهذا الحوار. وفي سؤال لجريدة «الاتحاد الاشتراكي» حول ما هي الأشكال النضالية التي ستلجأ إليها المركزيات النقابية إذا ما أقدمت الحكومة على الاقتطاع الذي تلوح به ومارسته في حق قطاعات نقابية سابقا، قال فاتحي «إننا اليوم بهذا الإضراب الذي أجمعت عليه المركزيات النقابية نواجه ما هو أخطر، ألا وهو الإجهاز على المكتسبات التي راكمتها الحركة النقابية منذ سنين من طرف هذه الحكومة التي تحارب الحريات النقابية، وجمدت الحوار الاجتماعي واستفرادها بتدبير ملفات اجتماعية كبرى دون تشاور، وتمادت في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين عبر الزيادة في الأسعار، مشددا على أن المركزيات النقابية مستعدة للدفاع عن الطبقة العاملة ومصالحها، وستواجه كل ما ستقوم به الحكومة الذي لا يتماشى مع القانون والدستور. ودعت الفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين الحكومة للتحلي بروح المسؤولية وتغليب مصلحة الوطن والاستجابة العاجلة للمذكرة المطلبية الثنائية المرفوعة لرئيس الحكومة وفق ما يرسخ أجواء الثقة ويعيد الحوار الاجتماعي ودوره في معالجة الازمات.