إلى حدود الآن خلق مجلس مدينة الدارالبيضاء خمسة شركاء للتنمية المحلية، منها شركة »كازا تنمية«كازا تهيئة» و«كازا تراث» و»كازا تنشيط«، بالإضافة إلى شركة خاصة بتدبير المجازر. هذه الشركات التي أحدثت إحداها قبل سنوات وهي شركة «الدارالبيضاء تنمية» ظلت في حالة عطالة إلى غاية الأسابيع الأخيرة، خلقت نقاشا واسعا في كل صالونات الدارالبيضاء، دون أن تعقد بشأنها ندوات ومناظرات لمعرفة وتحديد الأهداف منها وإمكانية إنجاح الأدوار التي ستقوم بها. فمن مؤيد لهذا النوع من التدبير ومن معارض تظهر عدة ملاحظات، سواء على المستوى القانوني لهذه الشركات أو على المستوى المالي والتدبيري، خصوصا بعد الخلافات والنقاشات الأخيرة حول من سيرأس مجالس إدارات هذه الشركات الوالي أم عمدة الدارالبيضاء، وكذا من له حق تعيين مدرائها وأطرها أو أنها ستضم بعض الخواص، فماهي القيمة المالية التي سيأتي بها هؤلاء، خاصة وأن المجلس سيضخ أمواله بها بالاضافة إلى ممتلكاته، فمثلا إذا أخذنا شركة «كازا تنشيط»، التي ستدبر السير العام للمسارح والمركبات البيضاوية، وإذا غضضنا النظر عن الأموال التي ستمنح لهذه الشركة من طرف المجالس المنتخبة، فإن مجلس المدينة سيضع بين أيديها عقارات بملايير السنتيمات، إذن ماهي النسبة المالية التي سيأتي بها الخواص، هذا من جهة، ومن جهة أخرى ماهي نوعية العروض التي ستقدم بهذه المسارح ودور الثقافة، التي توازي حجم الاستثمار العقاري الموضوع بين أيدي هذه الشركات. هذه وغيرها من الملاحظات لم يتم بشأنها أي توطئة من خلال ندوات ومناظرات يشارك فيها مختصون ومسؤولون حتى يمكن لهذه الشركات أن تؤدي دورها بالشكل الفعال. الفاعل الاقتصادي وعضو اللجنة المركزية لحزب الاستقلال، الحسين نصر لله الذي سبق وقدم بمعية زملائه مذكرة في هذا الموضوع للجهات المسؤولة، يوضح من جهته أن كيفية التدبير لبعض القطاعات ونوعيته، إما تدبير مفوض أو مباشر وعبر شركات التنمية، يعد اختيارا استراتيجيا للمجلس ومتضمنا في برنامج التنمية المحلية الذي يأتي به هذا المجلس عند انتخابه وتشكله، لا أن تكون هذه الشركات أو نوعية التدبير، آلية لتدبير أزمة في قطاع معين، والحال أن المجلس اليوم، لا يضع هذه الاختيارات ضمن استراتيجية، وكلما ظهرت أزمة يلجأ لتدبير آخر، مثلا عندما رفعت الشركة المدبرة للمجازر يدها عن هذا المرفق، بطريقة غير مفهومة وعادت أدراجها إلى تركيا في الصيف الماضي، تسلم مجلس المدينة هذا المرفق في أقل من 24 ساعة وتمكن من تدبيره، ولم تقع أية أزمة في ما يخص الذبح وتوزيع اللحوم، ولم يعلم المواطن بأن هناك أية أزمة، بمعنى أن مجلس المدينة قادر على تدبير هذا المرفق بشكل مباشر، لا أقول - يضيف نصر لله - بأنني مع هذا التدبير أو ذاك ولكن نقلت هذه الواقعة، لأظهر أن نوعية آلية التدبير هي مسألة اختيار استراتيجي، وماهي القطاعات التي ستعجل منها آلية فعالة وناجحة. أما من الناحية القانونية يوضح محدثنا، فإن أية شركة تنمية محلية بمجرد إحداثها، تصبح خاضعة للقانون الخاص باعتبارها شركة مساهمة، لا تتمتع بأي امتياز أو تفضيل ولا تعفيها تبعيتها أو امتلاكها من طرف المجالس الترابية المحدثة لها والمالكة لأسهمها، من الخضوع لشروط المنافسة، المحددة قانونا، وبالتالي فإن أي اتفاق مباشر، دون المرور عبر مساطر الصفقات العمومية، يعد باطلا بقوة القانون، ثم إن مسألة إحداثها يجب أن تظل في حدود إطار الاختصاصات المخولة للمجالي المنتخبة، كما يحددها القانون، أي أنها لا يجب أن تتعدى كل ما طبيعته تجارية أو صناعية. وهذا ما لم يحترم في إحداث بعض هذه الشركات أو الآلية التدبيرية التي تعد فعالة في بعض القطاعات، لكن مؤطرة بالقانون المحدد للمجالس وللشركات ذات هذه الطبيعة.