إنهاء "أزمة طلبة الطب" يطرح إشكالية تعويض الأشهر الطويلة من المقاطعة    هكذا علق زياش على اشتباكات أمستردام عقب مباراة أياكس ومكابي تل أبيب    حجوي: 2024 عرفت المصادقة على 216 نصا قانونيا    بعد إضراب دام لأسبوع.. المحامون يلتقون وهبي غدا السبت    ابنة أردوغان: تمنيت أن أكون مغربية لأشارك من أسود الأطلس الدفاع عن فلسطين    سانت لوسيا تشيد بالتوافق الدولي المتزايد لفائدة الصحراء المغربية بقيادة جلالة الملك (وزير الشؤون الخارجية)    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا    مواطنون يشتكون من "نقطة سوداء" أمام كلية العلوم بطنجة دون استجابة من السلطات    افتتاح الدورة 25 لمهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير بإفران    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    غياب زياش عن لائحة المنتخب الوطني تثير فضول الجمهور المغربي من جديد    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإمتلاك أو الوجود

يعد كتاب "الإمتلاك أو الوجود" أو "التملك أو الوجود"، الصادر عام 1976، أحد أهم الكتب النقدية للمجتمع الصناعي الحالي، التي ورثتها البشرية عن أحد أعمدة مدرسة فرانكفورت الألمانية؛ التي حملت على عاتقها تطوير نقد مجتمعي عقلاني، و يتعلق الأمر بإريك فروم. خصص فروم حياته كمحلل نفسي و عالم نفس اجتماعي إلى محاولة دراسة النفس البشرية في شموليتها و كيفية اشتغالها و الإنحرافات التي قد تتعرض لها انطلاقا من منظومتين فكريتين: الماركسية و الفرويدية، على الرغم من أنه عدل الكثير من أفكار فرويد و صححها و وضعها في إطارها الصحيح. كان اشتراكيا مقتنعا تمام الإقتناع بملائمة النموذج الإشتراكي لبناء مجتمع "سليم" و كان عضو الحزب الإشتراكي الأمريكي، في الوقت الذي كان مستقرا فيه بالولايات المتحدة الأمريكية بعد هروبه من ألمانيا النازية. لكنه لم يكن ينظر في التجربة الشيوعية السوفياتية أي تحقيق للإشتراكية الحقة، لذا كان يرفضها جملة و تفصيلا، و يتأسف على "خيانة" هذه المنظومة للمبادئ الماركسية الحقة. كما أنه، حتى و إن كان عمر طويلا في أمريكا، كان من أشد النقاد للنموذج الرأسمالي، الذي قاد في نظره، بفعل ديناميكيات تطوره الداخلي، إلى إنتاج إنسان و مجتمع مريضين بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
يلمس المرء في "الإمتلاك أو الوجود" حجر الأساس لفكر نشيط و خلاق ذا توجه مستوحى من النزعة الإنسانية القحة، التي تجعل الإنسان محور اهتمامها و رفاهيته المادية و المعنوية هدفها الأسمى بعقلنة و جوده و إشعال فتيل النقد الذاتي فيه كويسلة لبلوغ هذا المبتغى. و نظرا للوضع الراهن للأمة المسلمة و ما آلت إليه حالة المسلمين بعد الضعف الملاحظ للقوى التقدمية و الأجنحة اليسارية، فإن التعرف و لو على جملة من مضامين هذا الكتاب، قد يساعد على إحياء الفكر الثوري الحق في أوطاننا، لما يحتوي عليه من تحليل عميق لطبيعة النفس الإنسانية في علاقتها بعالم الإستهلاك الرأسمالي و لما يقترحه من بدائل لتصحيح الطريق الذي تمشي عليه الإنسانية. لم يُكتب لهذا الكتاب أن يترجم إلى العربية، كما هو الشأن لدزينة من الكتب الأخرى لفروم، بل ظل فكر هذا الأخير شبه غائب في الساحة الثقافية المغربية، و بالخصوص في مرجعيات القوى اليسارية و بالأخص ذات التوجه الإشتراكي. لهذا السبب بالضبط عملنا على تقريب قارئ و قارئة جريد الإتحاد الإشتراكي من البعض من فكر فروم بنشر الترجمة الكاملة لمدخل هذا الكتاب، على أن نقوم بتلخيص لكل جزء على حدة من أجزاء الكتاب في أعداد لاحقة.
ترجمة المدخل
نهاية وهم
إن الأمل و اعتقاد أجيال بكاملها في بداية العصر الصناعي كان يتمثل في التقدم الشاسع و الإعتقاد في تطويع الطبيعة و الوفرة المادية و في أكبر سعادة ممكنة و أكبر ربح و الحرية الفردية الغير المحدودة. فعلى الرغم من أن الحضارة الإنسانية بدأت بالسيطرة النشيطة على الطبيعة من طرف الإنسان، لكن كان لهذه السيطرة حدودا مع بداية العصر الصناعي. ابتداء من تعويض القوة الجسدية البشرية و الحيوانية بالطاقة الميكانية و بالطاقة النووية فيما بعد و مرورا بإبدال العقل البشري بالحاسوب، عزز التقدم الصناعي اعتقادنا بأننا على طريق الإنتاج اللامحدود و من خلاله الإستهلاك اللامتناهي، كما عزز اعتقادنا بأننا سنصبح أقوى ما في الوجود عن طريق التقنية و أعرف/أعلم عن طريق العلم. كان الإنسان يعتقد بأنه في الطريق ليصبح إلاها، مخلوقا قويا، باستطاعته خلق عالم ثاني، و لا تحتاج الطبيعة إلا تزويدنا بحجر بناء هذا العالم.
عاش الرجال و النساء بدرجات تطورت أكثر شعورا جديدا بالحرية. كانوا أسياد حياتهم، تكسرت سلاسل الإقطاعية، تحرروا من كل القيود و أصبح بإمكانهم عمل ما كانوا يرغبون فيه. على الأقل هذا ما كانوا يشعرون به. و على الرغم من أن هذا الأمر كان محصورا على الطبقات المتوسطة و العليا، فإنه أَمْر زرع الإعتقاد عند الآخرين، بأن هذه الحرية الجديدة صالحة في آخر المطاف لكل أفراد المجتمع، إذا تطور التصنيع بنفس الوتيرة. تحولت الإشتراكية و الشيوعية بسرعة من حركة كانت تريد خلق إنسان و مجتمع جديد إلى قوة حاولت تحقيق مثال الحياة البورجوازية للجميع: البروجوازي الكوني كرجل و مرأة المستقبل. كان المرء يفترض بأنه إذا عاش الجميع في غنى و رفاهية، فإن الكل سيصبح سعيدا دون قيود. فقد شكل ثلاثي الإنتاج الغير المحدود و الحرية المطلقة و السعادة دون قيود نواة دين التقدم الجديد و عوضت مدينة أرضية للتقدم "مدينة الله". هل يدهش كون هذا الإعتقاد يزود أتباعه بالطاقة و الحيوية و الأمل؟
من اللازم ألا يفارق نظر المرء التأثير العظيم و الطويل المدى لهذا الأمل الكبير و الإنجاز المادي و العقلي المدهش للعصر الصناعي، لمحاولة فهم الصدمة التي نتجت عن عدم تحقق هذا الأمل. في الواقع، لم يكن بإمكان العصر الصناعي الوفاء بأمله/وعده الكبير هذا، و يكبر عدد الناس الذي أصبحوا يعون التالي يوميا:
* كون السعادة و أكبر قدر من المتعة لا يتحققان نتيجة تلبية كل الرغبات و لا يقودان إلى الوجود الجيد أو الرفاهية well-being.
* انتهى حلم الرغبة في أن نصبح أسياد نفوسنا و حياتنا بإدراكنا بأننا أصبحنا كلنا عجلات للآلة البيروقراطية الضخمة.
* كون تفكيرنا و مشاعرنا و ذوقنا متحكم فيها من طرف التصنيع و جهاز الدولة، الذي تتحكم فيه وسائل الإعلام.
* كون التقدم الإقتصادي ينحصر على الدول الغنية و كون الهوة بينهم و بين الدول الفقيرة يكبر يوميا.
* كون التقدم التقني يحمل في طياته مخاطر أيكولوجية و حرب نووية، قد يقضيا على هذه الحضارة و لربما ينهيان كل أشكال الحياة المعروفة حاليا. عندما ذهب ألبيرت شفايتسر Albert Schweizer إلى أوسلو يوم 4.11.1954 ليتسلم جائزة نوبل للسلام قال: "لنتجرأ و ننظر للأشياء كما هي. فقد حصل أن الإنسان قد أصبح سوبرمان ... لكنه لا يقدم العقلانية المافوق إنسانية التي تتطابق مع امتلاك قوة فوق إنسانية ... من هنا يُصبح ما لم يعترف به المرء فيما قبل واضحا كل الوضوح، أي أن السوبرمان يصبح إنسانا يثير الشفقة كلما تطورت قوته ... ما كان من الضروري أن نَعِيه قبل هذا بكثير هو أننا كسوبرمانات أصبحنا لا إنسانيين" (A. Schweizer, 1966, S. 118-120).
لماذا لم يتححق ذاك الأمل الكبير؟
يرجع سبب عدم تحقق هذا الأمل، إلى جانب التناقضات الإقتصادية للتصنع المتجدرة في هذا النظام، إلى المبدئين السيكولوجيين له، أي:
1. فهم هدف الحياة السعيدة كتحقيق أقصى حد من اللذة التي يمكن للإنسان الوصول إليها (مبدأ اللذة الراديكالي).
2. الإعتقاد بأن الأنانية و الجشع، و هي الخاصياتان التي يشجعها هذا النظام لكي يستطيع العيش، تقودان إلى الإنسجام و السلم.
من المعروف أن مبدأ اللذة قد مورس في حقب تاريخية مختلفة من طرف الأغنياء. كان من يتوفر على إمكانيات مادية هائلة كما كان الحال عليه عند النخبة في روما و في المدن الإيطالية في العصر الوسيط و كذا في أنجلترا و فرنسا في القرنين 18 و 19، يحاول إعطاء حياته معنى باللجوء إلى الملذات الغير المحدودة. و حتى و إن كان هذا الأمر معتادا في دوائر معينة و في أزمنة محددة، فإنه لم ينبع من نظرية الرفاهية Wohl-Sein، التي عبر عنها كبار معلمي الحياة في الصين و الهند و الشرق الأوسط و أوروبا.
كان الإستثناء هو الفيلسوف اليوناني ديموستيني Aristippus أحد تلامذة سقراط (النصف الأول للقرن الرابع قبل المسيح)، الذي كان يُعلم بأن هدف الحياة هو التمتع بأقصى حد من الملذات الجسدية و بأن السعادة هي مجموع هذه الملذات. و القليل الذي نعرفه عن فلسفته وصل لنا بفضل ديوجين ليرتيوس Diogenes Laertius، و يكفي ما نعرفه عنه للبرهنة بأن ديموستيني كان راديكاليا في فهمه لمبدأ اللذة. ذلك أنه كان يقول بأن وجود رغبة ما هي الأساس الذي يُعطي الحق في تحقيقها، و بهذا فإن تحقيق هدف الحياة هو المتعة.
قد لا يمكن النظر إلى إبيقور Epikur كممثل لهذا النوع من مبدأ اللذة، كما مثله ديموستيني. فعلى الرغم من أن أبا قور كان يرى بأن اللذة "الخالصة" هي أسمى هدف، فإن ذلك كان يعني بالنسبة له "غياب الألم" (Aponia) و "استراحة الروح" (ataraxia). طبقا لأبيقور لا يمكن للمتعة في معنى تلبية الرغبات أن تكون هدف الحياة، ذلك أن ما ينتج عن هذه اللذة بالضرورة هو العزوف عن اللذة، و بهذا يبتعد الإنسان عن الهدف الحقيقي لحياته، يعني غياب الألم. هناك وجوه شبه كثيرة بين نظرية إبيقور و نظيرتها الفرويدية. و على الرغم من ذلك، و على عكس أرسطو، يظهر بأن ابي قور يُمثل نوعا من الذاتية، طالما أن ما تقدمه الفلسفة الأبيقورية المتناقضة تسمح بتأويل نهائي لنظريته.
لا يوجد هناك أي مُعَلِّم كبير عَلَّمَ بأن الوجود الفعلي لرغبة ما يُشكل معيارا أخلاقيا معينا مثل أبيقور. ما كان يهمهم هو الرفاهية القصوى للإنسانية (vivere bene). فالعنصر المهم في فكرهم هو التمييز بين المتطلبات (الإحتياجات) المدركة ذاتيا و التي يقود تحقيقها إلى لذة لحظوية و المتطلبات التي تتجدر في الطبيعة الإنسانية و يتطلب تحقيقها تطور الإنسان. يعني أن هذا التحقق يُنتِج الرفاهية eudaimonia. بكلمات أخرى، ما كان يهمهم هو التمييز بين المتطلبات الذاتية الخالصة و نظيرتها الموضوعية، مع العلم بأن النوع الأول يُعرقل تطور الإنسان ، في الوقت الذي يُشجع النوع الثاني على تطور الطبيعة الإنسانية.
اهتم فلاسفة القرنين السابع عشر و الثامن عشر بشكل لا لبس فيه بالنظرية القائلة بأن هدف الحياة هو تحقيق كل رغبات الإنسان كما كان يرى ذلك ديموستيني Aristippus. و قد برز هذا الفهم بسهولة عندما لم تعد كلمة "نفع Profit" تعني "ربحا للروح"، كما كان الأمر عليه في الإنجيل و عند سبينوزا، و أصبحت ترمز إلى الربح المادي و المالي. و قد حدث هذا في الحقبة التي تخلصت فيها البورجوازية من قيودها، و بالخصوص عندما بدأ المرء يتحرر من كل أواصر الحب و التعاون معتقدا بأن من يعيش لذاته فقط، يكون هو ذاته بشكل أكثر و ليس أقلا. بالنسبة لهوبز Hobbes، كانت السعادة تتمثل في المرور من ملذة (cupiditas) إلى أخرى. و كان لاميتري La Mettrie ينصح بالمخدرات، لأنها كانت في نظره تعطي الإنطباع بالسعادة. أما بالنسبة لدوساد De Sade، فإن تلبية الدوافع الهمجية يكون مشروعا لأنها توجد و تطالب بتلبيتها. كان هؤلاء إذن مفكرون عاشوا في حقبة الإنتصار النهائي للطبقة البورجوازية. فما كان فيما قبل ممارسا بطريقة غير فلسفية من طرف الأرستوقراطية، أصبح ممارسة و نظرية للبورجوازية.
تطورت الكثير من النظريات الأخلاقية في القرن الثامن عشر، منها ما كان في شكل مذهب المتعة كالنفعية و منها منظومات كانت ضد مبدأ اللذة كتلك التي طورها كنط و ماركس و طورو Thoreau و شفايتسر Schweitzer. لكن رجع المرء حاليا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بكثرة إلى نظرية و ممارسة مبدأ اللذة في شكله الراديكالي. ذلك أن تصور المتعة الغير المحدودة أصبح يشكل تناقضا مع مبدأ العمل المضبوط و افتراض إيتوس عمل قهري، الذي يناقض مبدأ الكسل الشامل أثناء ساعات الراحة اليومية و أثناء العطلة. ذلك أن العمل الرتيب في المصانع و روتين البيروقراطية من جهة ، و التلفزة و السيارة و الجنس من جهة أخرى، يسمحان بهذا الخلط الكبير المتناقض.
لنتوقف عند حدود العنوان الذي اقترحناه لقراءة هذا النص الروائي . إن المفتاح هو السر الذي يجمع شخوص الرواية، مثلما يشتتها إلى مناح أخرى. وهو بهذا المعنى مفتاح ندخل به العالم الروائي لمحمد غرناط . كيف ذلك ؟
إن الرواية تبدأ من آخرها ، لأن الصفحة الأخيرة هي عتبة الرواية، ترسيمتها الرئيسة، وهي بهذا المعنى تكتسي أبعادا متعددة ليس من قبيل الأمكنة والأزمنة التي نرغب فتحها، بل في جعل القادم والمستقبل عبورا نحو فتحه . إن مفتاح الرواية يتحدد من هنا ، من صفحاته الأخيرة . لكن بين الصفحات الأخيرة والغلاف / عنوان الكتاب مسافة تأويلية تدع قارئ الرواية متوترا، ومتحفزا نحو الربط الدلالي بين هذين البعدين، بعد أن يلتقيا ويختلفا. وإن كان عنوان الرواية يحيل على وصف زمن الرواية، كزمن بارد ومثلج، فإن البرودة هنا ترمز إلى الزمن المغربي الحديث، الذي لم تعد فيه الحياة كما كانت في السابق ملتهبة وساخنة بالحب والمودة وما إلى ذلك. إنه زمن تتشظى فيه البرودة بين تلافيف اليومي والأمكنة، وشخوص الرواية. زمن يشكل فيه اللامعنى حدوده القصوى في المعنى. إن شخوص الرواية الملتفون حول المرأة تتحدد ، وتتجسد في قلب العلاقة بين الذكورة والأنوثة ، بين الرجل والمرأة، كأن سخونة حياة الرواية تبتدئ من الذكورة، وكأن هذه الأخيرة هي الضامنة لقياس البرودة والحرارة، ولأن الأمر كذلك فإن العلاقة بين البرودة والحرارة تنقلب لتكون المرأة ، بما هي امرأة خائنة، وماكرة ومخادعة،وشيطانة فإنها تزرع هذه البرودة في سرديتها .
و من هذه الوجهة نستطيع مقارنة العلاقة بين الرجل والمرأة في الرواية بمنطق آخر، يضيء المعتم في الواقع المغربي الحديث، صحيح أن الدراسات ما بعد الحداثية تظهر أن المرأة هي منبع السلطة داخل المجتمع، بما أنها متحكمة ومتملكة للنظام الرمزي في ثقافة ما . بينما الرجل يحتفظ بسلطته القانونية البرانية . بين البراني والجواني مسافة تتسع لأكثر من تأويل ممكن. قد نحيل هنا على قصص ألف ليلة وليلة ، أي امتلاك رمزي لسلطة الحكي لشهرزاد. كأن صوتها هو تحريرها من الموت، ها هنا تنفضح العلاقة وتتكون بطريقة جديدة تكون فيها الخدعة والمكر رافعتين للرواية ككل.
هل استطعنا تقريب العنوان من حواسنا ؟ أم أننا تركناه يسبح في اعتباطيته، مادام العنوان في آخر الأمر هو لعبة ما قبل وما بعد، أي ما قبل الكتابة وما بعدها، كما المولود تماما. لنترك هذا العنوان جانبا ونخطو مع ساردها المتحدد في تضاريس الرواية، إن هذه التضاريس تفترض منا إعادة رسمها بطريقة تجعل الخطو سبيلا نحو الوصول إلى ما نريد قوله، بمعنى كيف نعيد كتابة الرواية من جديد ؟ أو كيف نحفر بين الأيام والبرودة عما لم يقله محمد غرناط ؟ أو بالأحرى البحث عن مفتاح آخر بعيد عن المفاتيح التي وزعها الكاتب على شخوص روايته.
إن البحث في هذا البين - بين هو ما يهمنا في هذه القراءة. فأهمية هذا تكمن في التنفيس على الذي لم يقله الكاتب. إننا نستعير هنا وجها آخر من الوجوه التي يمتلكها الكاتب لنرسم ما قبل وما بعد الرواية، إن الكاتب يهدي لقرائه هذه الإمكانية، وهي إمكانية ملفوفة بالمقالب والمخاطر، كأن هذه الأخيرة يشترك فيها القارئ والكاتب معا. بل تهم هذا الأخير وأقنعته المتعددة. كأنه يجر قارئه لتخيل حياة غنام ومديحة فيما قبل، كما يحيل هذا الما قبل على ما بعد الأسطر الأخيرة من الرواية ، أي كيف يرتمي القارئ في عوالم متخيلة بينهما لشخوص الرواية، هذه المسألة يشير إليها السراد في أكثر من مرة، خصوصا فيما يتعلق بالكتابة ، كتابة الحكايا والسيناريو من طرف مديحة، وما تنتظره فردوس من أخبار لإنهاء الحكاية، وما تبتغيه لوبانة من إحراق الحكاية الأولى وبداية حكاية جديدة في عوالم الأندلس، وبحث حسام عن المفتاح، مفتاح البيت القديم لبداية حكاية جديدة ... هكذا تتناسل الحكايا في رواية واحدة، وهكذا تجتمع في مفتاح كل واحدة على حدة. كأن المفتاح هو الحكاية . إذن يلزم القارئ شحذ خياله كي يستنبت ماهو قادم، أي في متابعة حياة مديحة وابنتها في حي حسان بالرباط، وبأحلامهما الكبيرة نحو المال وتبعاته.
إننا ندخل الكاتب في ما لا يهمه ، لقد أنهى محمد غرناط روايته وقدمها لنا، وأضحى في التقليد النقدي الحداثي ميتا ليعود من موته لحياة أخرى يكون فيها الكاتب قارئا لرواية كتبها فيما سبق، لكن رغم موت المؤلف ثمة قنديل/ قناديل تضيء النص في بعده الجمالي، إلا أن هذا القفز بين المؤلف ككاتب والمؤلف كقارئ مساحة تربط الكتابة بالقراءة مثلما تشعل حدود المعنى إلى تخوم اللامعنى، وهذا ما يعطي للكتابة شساعة الحلم والتخييل .
التخييل بعد رئيس في الرواية ليس من حيث كونه حجر رئيس في الكتابة الأدبية وإنما فيما يشكله الخيال عند الشخصية المركزية في الرواية، هذا الخارج من السجن بعد أن قضى أربع سنوات ظلما في قضية قتل امرأة، إلا أن تحرره سيأتي بعد اكتشاف المجرم الحقيقي والقبض عليه، أربع سنوات كافية لقول العذاب والقهر والتنكيل الذي عاشه في السجن، لكن خروجه سيكون صادما لزوجته مديحة، وابنته عفاف مثلما سيكون صادما للآخرين وله في نفس الوقت. سؤال البراءة هو المقود الذي سيقود به السارد الأول حياته ما بعد السجن الذي سيكون السم موضوعة رئيسة على طول وعرض الرواية، إنها تتكرر في أكثر من صفحة وكأن ما يعيشه السارد هو المضاعفات التي تركها السم في تجاويف حسده " ... أن دمه من دون شك اختلط بالسم،ولذلك صار على يقين بأن ذلك سيكون سببا في موته ولن ينفعه أي دواء " ص 86 . إن دلالة السم لا تتحدد في أكله وشربه، أي ليست هي دالة على حالة طبيعية، بقدر ما هي ميكروب أضحى قاتلا في زمننا المغربي الحديث ، إنه يحمل دلالات متعددة في السجن وخارجه، في علاقته بزوجته التي يرى فيها عين السم مثلما يشكل عزام / الضابط المستقوي والمستبد والجشع والحامل لصفة من صفات المخزن المغربي عين السم . لذا يحيل غنام على موت سقراط ( ص 86 ). ألا يشكل سقراط الوجه الآخر لغنام والأستاذ الشهباوي الذي اقتسم معه زنزانته في السجن مادام هذا الأخير هو القنديل الذي أضاء ليالي السجن الباردة ؟
لكن اللافت للانتباه هو الوجهة الأخرى التي يوجه بها الكاتب شخوصه، أعني بذلك الأفق المضيء الذي بدأ يتبدى لغنام، بعد أن قضى كل شيء يربطه بماضيه، زوجته والتعويض المادي لسنوات السجن التي قضاها ظلما أو خطأ قانونيا، والمفتاح الذي ظل يحتفظ به وإعطائه لابنه حسام . وإن هذا التغيير تقدمه لنا صفحة 177 فيما يتعلق بهذا السم الذي يسكنه ويوجع جسده ليتحول فيما بعد إلى مقاومته، ليس فقط عن طريق الدواء، ولكن عن ذكرى أمه التي تقول له باستمرار : "إن الحليب يحمي جسم الإنسان من السموم "و " فإنه الآن يتناوله باستمرار ليساعد نفسه على مواجهة السم الذي انتشر في جسده" .
يمكننا النظر إلى الرواية بكونها رواية السموم المختلفة. سموم في العلاقة بين غنام ومديحة ، بين فردوس والقبلي ، بين لوبانة وزوجها ، بين الأستاذ الشهباوي والمخزن ... ماذا يعني هذا القول ، إنه يعني :
- أولا : خيانة مزدوجة لمديحة : خيانة زوجها وحيها درب السانية. وهذا ما تعبر عنه في أكثر من مرة رؤيتها والنظرة الباردة لزوجها، وكذلك تحاشي جيرانها وابتعادهم عنها، ( ما قاله القصري لها حين أرادت ركوب سيارة ابنتها ). إن هذه العلاقة التي يلفها السم تكون من جانب واحد، ثمة ما يكون سببا لتسميم الآخر، وثمة شخص يلحق به هذا السم ، ليس تخريبا لذاته، وتحطيما لروحه، وإنما هو حالة المنفى التي يعيشها المتجرع لسم آخر .
- ثانيا : يقدم لنا السم وجها آخر من وجوه السلطة والسيطرة، وهذا ما تفيده خيالات مديحة ورغبتها امتلاك العالم . إلا أن هذه العلاقة بين الذات وآخرها تتجلى في ارتباط لوبانة بزوجها، إن هذه المرأة الثرية والمنحدرة من أسرة عريقة تتزوج ثريا عجوزا ليلبي لها رغباتها المتعددة، وإن كانت تخونه فإنها تقوم بذلك لتجريد كل الرغبات المكبوتة . إلا أن علاقتها بزوج خادمتها مديحة هو شيء آخر . شيء يندفع نحو رغبة لوبانة تحرير غنام / الخادم من ماضيه والسموم التي تنهش جسده، ولن يتم ذلك إلا بإعادة إيقاظ الفنان الذي يسكنه، إن غنام ? إذن ? فنان بامتياز، يتقن حرفة صناعة الخزف، ولأنه كذلك ، فإنه عاشق للملحون، وهذا الأخير هو الرئة التي تحيا بها السيدة لوبانة . إن دلالة هذا النوع الموسيقي يجرنا إلى الفضاءات القديمة لمدينة سلا، مثلما تحيل على الوجه الآخر للحرفيين يوم عطلتهم الأسبوعية حين يشتغلون . إنها موسيقى ترتق الحواس وتشتت المسامات إلى شظايا، ثم تعيد رتقها من جديد. هكذا تكون الموسيقى جسرا لغنام ولوبانة تمكنهما من تحرير نفسيهما من سجن يعيشانه سويا باختلاف وضعياتهما الاجتماعية والمادية والنفسية. إن الفن هو المعبر الوحيد للهروب من سم قاتل، كأن ما تبقى يحرر الفن بطريقته، بمعنى أن الأمكنة التي تحاصر وتؤثث المواقف وشخوص الرواية لا تشكل ? في نظرنا ? مرتعا للسم، أي لا يكون علاج العليل هو تخييره من مكان إلى آخر، من السجن إلى الفضاءات العامة، من سلا إلى حسان، من المغرب إلى إسبانيا وإنما الخيال والفن هما الوحيدان القادران على قلب وتغيير رؤية الإنسان إلى العالم، رؤية غنام إلى عالمه الجديد من رجل يتقدم نحو الموت بسعال قوي ومتتال إلى شخصية متشبتة بالحياة، لأنه يشرب الحليب كنوع من إيقاظ الفنان الذي يسكنه . إنه يعود إلى طفولته وإلى أمه الحاضنة للحياة والمستقبل، ألا تشكل رمزية الحليب نقاءا يروم بياضه نحو الحياة... قد تكون إسبانيا حليبا يرمم هذا الجسد المعذب لغنام، مثلما تكون لوبانة مفتاحه الجديد لرؤية القادم والمستقبل. هذه المرأة تحضن خادمها دون أن تقولها. ترغب أن تكون رحلتهما على السيارة، كي تكون الطبيعة مشاركة في انسجامهما الكلي مع تحررهما من سم قاتل. سم يتجرعه كل واحد بطريقته.
ثالثا : تشكل علاقة حسام بأبويه ( غنام ومديحة ) شكلا آخر من هذا السم الذي تجرعه حين اعتقال أبيه، وإعلانه الرضا على اعتقاله مدى الحياة، ليتحرر منه بعد إظهار الحقيقة ، لكن ثمة سم ينخر جسده حين تبدت له أمه كعاهرة وخائنة إلى حدود تهديدها. هو الآخر سيحمله مفتاح البيت الكبير القديم ليحرره من السموم العالقة بجسده.
رابعا : ليس غنام هو الحامل الوحيد لهذا السم، وإنما كل شخوص الرواية تحمل سمها الخاص، لذا تبحث عما يبرئها ويشفيها من هذه العلة. سيكون المفتاح علامة دالة على ذلك حسب كل شخصية على حدة، والدور الذي تلعبه في نسيج العلائق الاجتماعية...
ثمة موضوعات أخرى تتسلل إلينا من أوراقها وحروفها كموضوعة الداخل والخارج، وهي موضوعة تؤثت الرواية من أولها إلى آخرها، سواء داخل أو خارج السجن ، سلا/ الرباط ، المغرب / اسبانيا، وهي كلها تتجسد بشكل دقيق في شخصية زميل غنام في السجن، الحامل لقيم أصيلة، إنه المثقف العضوي الذي جعل منه غنام نموذجا للداخل والخارج معا. إنه أضاء دواخل غنام وتمنى لو كان معه، أو على الأقل لو زاره في سجنه، فهو شخصية بروميثيوسية بما تحمله الدلالة الأسطورية لأسطورة سارق النار. فالداخل هنا ليس مكانا بعينه وإنما هوالزمن المغربي الحديث الذي التبس فيه الداخل والخارج معا. كأن الداخل إليه مفقود، والخارج منه مولود ، فكل شخصية ترغب اختراق داخلها والخروج منه نحو عالم أرحب. عالم تكون فيه القيم في صراعها المتعدد حربا نحو امتلاك السلطة والمكان، حربا بين الحق والظلم ، بين النور والظلام بين السم والحليب " ...إذا حاول أن يحصل على حق يكون كمن يحاول أن ينزع لقمة من فم أسد " ص 22 .
موضوعة أخرى تظهر لنا بشكل غريب، وهي موضوعة المرأة التي تقدمها الرواية كامرأة خادعة وخائنة، بينما الرجل يكون مخدوعا ومغبونا باستثناء الضابط المتسلط الذي قتل زوجته. لكن لماذا يقدم لنا الكاتب صورة سيئة للمرأة ؟ ألا يعود هذا إلى أصل البدايات. أصل العلاقة بين حواء وآدم وما ترتب عن هذه الحكاية من مضاعفات علقت بالمرأة إلى حدود الآن ، ألا يعني هذا عودة المكبوت الثقافي إلى عوالمنا ؟ إنه يستثني الأم / أم عزام من هذه الصورة . كأن الأم حاملة للصفاء والحليب . ألا يحيل هذا على ما تعودنا قوله ? استنادا للمثل الفرنسي ? كون جميع النساء عاهرات ماعدا الأم . لا نريد هنا مقارنة هذه الموضوعة مقارنة تحليل ? نفسية ، بقدر ما نود فتحها كسؤال ممكن لقراءة أخرى .
ونحن نريد إتمام كتابتنا عن هذه الرواية فإننا لا نستطيع قول كل شيء، مثلما لا نقوم إلا بإضاءة الذات القارئة لهذه الرواية . إن جماليتها لا تتحدد في لغتها وتخييلها، ولا في متابعة شخوصها، ولا في التبادل السردي بين هذه الشخوص، بقدرما تشدك الرواية نحو إتمامها. فهل نستطيع متابعة شخصية مديحة في كتابتها لحكاية غنام ؟ أو نتابع غنام في رحلته إلى إسبانيا ؟ أم نتابع الأيام الأخيرة لعزام ؟
ذاك ما نود تخييله ، ما نرغب في إعادة كتابته من جديد . إن هذه الرواية عمل يستحق منا أكثر من قراءة ، بل ويستحق الكثير من العناية والتأمل والقراءة .
* - محمد غرناط ، الأيام الباردة ، دار الأمان الرباط ، 2013 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.