تتمسك الدولة الجزائرية باحتجاز المواطنين الصحراويين، الوافدين من الصحراء المغربية، إلى تندوف، كرهينة سياسية رابحة، في الحرب التي تخوضها ضد المغرب، بالوكالة، لذلك فهي ترفض كل طلبات إحصائهم من طرف المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، الأمر الذي لا يفهم إلا إذا فُهِمت دواعيه وخلفياته. عدد «اللاجئين» الصحراويين، الذي كانت تدعيه الدولة الجزائرية، في بداية الحرب على المغرب، يصل إلى مليون شخص، غير أنها اضطرت إلى تعديل هذا الرقم، بعد الإحصاء الذي قامت به الأممالمتحدة، في إطار عملية تحديد هوية الذين يحق لهم التصويت، في الاستفتاء، لتقدم في كل مرة أرقاما متناقضة وغير صحيحة، لأن المفوضية لم تتمكن من إجراء الإحصاء الرسمي. لماذا تتمسك الطغمة العسكرية الجزائرية، بمنع المفوضية الأممية من القيام بواجبها؟ لأنها بكل بساطة ستنزع منها الرهينة التي تبرر كل شيء؛ أي البوليزاريو والدولة الصحراوية الوهمية، وكل تبعات هذا الملف، السياسية والقانونية والديبلوماسية. فالإحصاءات تعني كشف المستور، أي فضح الأرقام التي حصل التضخيم فيها، لمضاعفة الحصول على المساعدات الإنسانية، التي يُسرق منها الجزء الأكبر، ثم إن المفوضية ستطرح خيارات، لإدماج هؤلاء «اللاجئين»، كما هو معمول به في مثل هذه الحالات، سواء في الجزائر أو في اختيارهم العودة للمغرب، أو الانتقال لأي بلد آخر، وهي الخيارات التي ترفضها الدولة الجزائرية، لأنها تريد أن تحتفظ بهم في المخيمات، بنفس الوضع اللاقانوني، رغما عن أنفهم وأنف القانون الدولي. ويمكن القول إنه لا توجد حالة مماثلة، في العالم، تشابه هذه الحالة، حيث يتم إرغام البشر على الخضوع وقبول وضعية لاجئ، بقوة الحديد والنار، فوق أرض دولة أخرى، ومنع آليات الأممالمتحدة من الاشتغال والقيام بواجبها، لأن الطغمة العسكرية الجزائرية، تعرف أن انهيار حكاية «اللاجئين» تعني انهيار أسطورة الانفصال، التي لولا أموال الشعب الجزائري، لما عاشت. لذلك، سيكون من العبث ألا تعطى لهذا الموضوع الأولوية القصوى، خاصة وأن الأمناء العامين للأمم المتحدة، السابقين والأمين العام الحالي، أنطونيو غوتيريس، يؤكدون على ضرورة السماح للمفوضية، القيام بواجبها، الأمر الذي ينبغي للمغرب أن يقف عنده، ويعتبره شرطاً أساسياً في أي حوار بينه وبين المنظمة الأممية.