بعد تقريريها السابقين حول حصيلة النشر بالمغرب، تكرس مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود للدراسات الاسلامية والعلوم الانسانية بالدار البيضاء هذا التقليد، وهي تقدم لعموم المهتمين بالكتاب وصناعته حصيلة النشر لسنة 2016/2017، بغية توفير معلومات بيبلومترية مفصلة عن واقع النشر وديناميته، معلومات تجلي الغموض وتتجاوز التعاليق الانطباعية عنه. التقرير الذي قدم خطوطه العريضة الأستاذ محمد الصغير جنجار، نائب مدير المؤسسة، أول أمس، وقف عند الدينامية المضطردة لقطاع النشر بالمغرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث حدد حصيلة هذه السنة في 3833 وثيقة بزيادة بلغت 16 بالمئة مقارنة بالتقرير السابق 2015/2016، مثلت فيها المطبوعات الورقية، مجلات وكتبا، 3390 (88.44 بالمئة)، فيما الوثائق الالكترونية بلغت 443 مقابل 222 في التقرير السابق. وقد شكلت المنشورات العربية القسم الأكبر بنحو 2948 وثيقة، فيما تراجعت الفرنسية الى 775 واحتلت المنشورات الامازيغية 66، بينما توزع الباقي على الاسبانية والانجليزية، وهو ما يؤشر على المنحى التصاعدي لمسلسل تعريب النشر المغربي، وتراجع النشر باللغة الفرنسية الذي كان حاضرا بقوة خلال العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال. ولم تفت الأستاذ جنجار الإشارة إلى الوتيرة البطيئة للنشر باللغة الأمازيغية، إذ لم يصدر في السنة التي يغطيها التقرير إلا 66 كتابا، كلها تدخل في مجال الإبداع الأدبي رغم تكريس اللغة الأمازيغية دستوريا لغة ثانية للبلاد. كما وقف التقرير على خمسة مجالات مهيمنة على إنتاج النشر بنسبة 70 بالمئة: الابداع الأدبي، المؤلفات القانونية، التاريخ، الدراسات الأدبية، الدراسات الاسلامية. ويتصدر الإبداع الأدبي حقل النشر ب357 عنونا روائيا وقصصيا، فيما يسجل الشعر حضوره ب285 عنوانا. التقرير توقف مليا عند واقع نشر الكتاب الديني بالمغرب، مسجلا ازديادا ملحوظا، كما ونوعا، في هذه المصنفات التي كانت الى حدود نهاية العقد المنصرم تستورد من الشرق وخصوصا من لبنان ومصر، وهو نفس المنحى الذي سارت فيه الدراسات الفنية والمسرحية والنسائية حيث أحصت المؤسسة هذه السنة 102 عناوين مخصصة للمسألة النسائية من زوايا بحث مختلفة. إلا أن الجديد واللافت كما جاء بالتقرير هو ازدياد عدد المونوغرافيات المحلية (211عنوانا) التي تهتم بالدراسات المجالية وأنماط العيش والممارسات الثقافية. ورغم هذا المنحى المتنامي وتعدد دور النشر، لاحظ التقرير أن هذا الحقل لايزال يتميز بضعف هيكلته، إذ تشكل المطبوعات التي تتم على نفقة المؤلف 25 بالمئة، كما أن 12 بالمئة من الكتاب المغاربة ينشرون أعمالهم خارج المغرب. وسجل التقرير أن 65 بالمئة من الناشرين يتمركزون بين الرباطوالبيضاء لم يصدر المؤسساتيون منهم هذه السنة سوى 971 عنوانا، مشيرا الى الصعوبات التي تعترض تطور القطاع كالدعم و متوسط سعر الكتاب بالمقارنة مع دول الجوار.