ما هو المعيار، الذي يمكن أن يكون دقيقاً لقياس مستوى الفقر بالمغرب؟ أثير هذا السؤال، بعد الزوبعة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تصريحات وزيرة الأسرة والتضامن، بسيمة الحقاوي، التي قالت إن حجم الفقر قد تضاءل في المغرب، استنادا إلى المعيار المعمول به في المنظمات الدولية، والذي استعملته كذلك المندوبية السامية للتخطيط، الذي يعتبر أَن الفقراء هم الذين لا يصل دخلهم اليومي إلى عشرين درهماً؟ ولم يكن الغضب الذي أشعلته هذه التصريحات، ناتجا عن جهل بالمعايير الدولية، لدى الكثير من المنتقدين، بقدر ما هو ناتج عن المفارقة بين هذا التصور والواقع، حيث إن الذي يعرف مستوى الأسعار وتكاليف الحياة، في بلادنا، يعلم أن هذا المعيار المستعمل غير جدي، بالمرّةِ، إذ لا يعقل أَن يعتبر غير فقير من يربح عشرين درهما يوميا، أي 600 درهم شهرياً. فكيف يمكن أن يقاس الفقر في المغرب؟ أي ما هي المؤشرات التي ينبغي الاستناد إليها لتحديد من هو الفقير فعلاً؟ إذا كان الأمر يتعلق بعدم الموت جوعاً، تجاوزاً لعتبة الفقر، فإن معيار 20 درهمًا، يومياً، قد يكون صحيحاً، غير أننا إذا نظرنا إلى الواقع في صورته الحقيقية، فإننا نعلم أن المواطن في حاجة إلى سكن وتغذية وصحة وتعليم ونقل ولباس، في الحدود الدنيا، التي يمكن أن تحفظ كرامته. من غير الممكن التعامل مع المواطن بهذه الأرقام التي تحددها منظمات دولية، وتعميمها على العالم، في إطار نظرة متعالية جامدة، بينما يعلم الجميع في المغرب، أسعار السكن والصحة والتعليم والتغذية واللباس والنقل، والتي تتجاوز هذه المعايير السطحية. الخطير في هذا الموضوع، هو اعتماد الحكومة على معيار 20 درهما في اليوم، لفهم خريطة الفقر وترتيب سياسات عمومية عليها، في مجالات الحماية الاجتماعية والتضامن وتحرير الأسعار... انطلاقا من هذا التصور غير المطابق للواقع. لذلك، من اللازم اعتماد مؤشرات وطنية مغربية، تتماشى مع الواقع كما هو، لا كما تروجه الإيديولوجية الإحصائية، لقياس الفقر الفعلي، الذي تعيشه فئات لا يستهان بها من الشعب المغربي، حتى يرى المغرب صورته في مرآة الحقيقة.