في ذكرى هجمات 11 شتنبر التي هزت نيويورك في سنة 2001 ، يبدو العالم أكثر من أي وقت مضى غارقا في الأزمات التي تهدد السلم والاستقرار . ففي العراقوسوريا مرورا بغزة وليبيا والساحل ،فضلا عن شرق أروبا ، وأساسا في أكرانيا، يغرق العالم في حالة من الفوضى تهدد بمسح الحدود التي تم رسمها منذ قرون ، وتنذر بعواقب وخيمة على النظام الدولي الراهن . وبقطع النظر عن المسافات الجغرافية الفاصلة بين هذه الأزمات ذات الجذور المتنوعة ، فإن ما يجمعها هو كونها لا تمثل أزمات محلية ، بل يتعلق الأمر بأزمات ذات بعد شمولي تهدد النظام الدولي برمته . وليس في ودنا تعداد الأسباب ولا الانعكاسات والتداعيات المحتملة لهذا الواقع الدولي المأزوم بقدر ما نتوخى التطرق لبعض التساؤلات والنقاشات التي تطرح اليوم على المستوى الجيوسياسي والقانون الدولي، والتي تستنطق مدى قدرة النظام الدولي بفاعليه المختلفين وبآلياته المتنوعة على التصدي لهذه المخاطر، وأساسا منها ما يتعلق بتوسع نشاط الحركات الجهادية، وعلى رأسها حركة داعش التي أرغمت الرئيس الأمريكي أوباما على التحرك ، والعودة من جديد إلى سياسة القوة بعدما ظل يرفض ذلك مفضلا سحب القوات الأمريكية من المستنقع العراقي في سنة 2011 . إن مكونات ما يكمن وصفه باستراتيجية أوباما الجديدة ،وكذلك شروط نجاحها وحدودها في ظل تضارب المصالح والإدراكات المتعارضة لما يقع اليوم، باتت اليوم في صلب التساؤلات المطروحة ، لا سيما وأن هناك شكوك قائمة حول نجاعة التدابير المقترحة لمواجهة المد المتشدد والمتطرف ، والذي يحاول أن يوسع من قاعدته المجتمعية. 1 - هل النظام الدولي عاجز عن مواجهة هذه الأوضاع ؟ يعتبر بعض المحللين أن النظام الدولي الراهن لا يملك القدرة الكافية على مواجهة الأزمات الراهنة. ويرجعون ذلك إلى عدة أسباب من بينها أن النظام الدولي نفسه هو مولد هذه الأزمات . ذلك أنه بفعل اعتماد القوى الكبرى في السابق على الوسائل العسكرية فقط لحل الأزمات، فإنها أهملت البعد السياسي، وبالتالي أحبطت من إرادة الشعوب التي باتت أكثر استعدادا لتقبل الايديولوجيات الأكثر ظلامية والأكثر راديكالية . وثانيها أن النظام الدولي الذي يقوم على التفاعل المتواصل بين فاعلين مشخصين وذوي مشروعية يجد نفسه اليوم مطالبا في بعض الوضعيات، كما هو الأمر اليوم في العراق و سوريا وليبيا والصومال، أمام فراغ ناجم عن غياب مخاطبين ذوي مصداقية ومتوفرين على السلطة الضرورية للمساهمة في البحث عن التسويات المتوازنة ..