أول لقاء قاد المودة بيننا، كان النقاش حول كتابات «الطائر الأزرق» محمد خير الدين ذات ليلة في أدغال كازانيكرا.... وآخر لقاء جمعنا بمقهى صباحية، كان الحديث عن موضوع »»الصحافة« الساخرة بالمغرب».... بين اللقاء الأول والثاني عبرنا أنهارا ووديانا من الأحاديث والنقاشات، من الاتفاقات والاختلافات..، التي لم تفسد للصداقة والود قضية..، وحين أنوي تجاوزه بالحديث عن باريس بجنونها وملائكتها، بحكم إقامتي في سحرها وأسرارها عقدا من الزمن، أجد الرجل يعرف عنها ما لا يعرفه البحار عن البحر، علما بأنه لم يزرها إلا عبر الكتب والمجلات والفنون السبعة.. موسوعة هو، هكذا عبد القادر شبيه، يستمع أكثر مما يتكلم، يستمتع أكثر مما يتأمل، يضحك أكثر مما يخالجه الحزن والقلق، رائع بروح النكتة واللعب بالألفاظ بالعربية والفرنسية سيان.. با عبد القادر وجه جميل يغري بالجلوس ومتعة الجلوس..، ودائما تسعفه العبارة، يعرف كيف يوزع الكلمات ولا يؤمن بصعوبة البدايات..، أليس هو الذي شجع وساند الكثيرين في متاعب المهمات؟ نعم، مسكون هو بحب الصحافة والإعلام.. والعين دائما ودوما ممدودة إلى الأفق و الأمام.. إحساسه إحساس مرهف ككل المبدعين وسائر الأعلام.. هادئ في رزانته ورزين في هدوئه.. والطفل الذي يسكنه ما تخلى عنه يوما.. ... عشقه للقراءة وحبه للكتابة أبديان خالدان، فهو يكتب ليصدق أحلامه، ليقوم بترميم وجوده على حد قوله.. بدون كرامة ليس هناك إعلامي بالمفهوم النبيل..، با عبد القادر منسجم مع الوجدان، ومن يحترم ذاته، يحترمه الآخر..، يتساءل حين يعلوه الشك: ما أنا ،فاعل في هذا الميدان؟ ثم يسلك مسلك الانزواء في ذلك الركن المعلوم في ذلك الفضاء المعلوم، حيث يضبط الإيقاعات والتساؤلات، هل الإعلام والأمل وجهان لعملة واحدة في بلدنا الحبيب؟ وتظل التساؤلات إلى أن غادرنا بهدوء يشبه هدوء حياته اليومية الفانية ، وبقي الركن وحيدا شاهدا على رجل استثنائي مر من هنا.. وبقيت طاولة الركن تردد: ما أجمل الأحلام .. ما أقبح الأوهام !!!