ليس كوكب الأرض الذي نعيش فيه كوكبا فريدا، هذا أمر يعرفه العلماء منذ زمن بعيد... لكن اليوم و أخيرا يكشف واحد من أمثال كوكبنا الأرضي عن أسراره. أعلن "ستيف هويل" و هو رجل فضاء من النازا : "هذه أول ابنة عم للأرض". أما "إيملين بولمونت" و هي عالمة فيزياء بجامعة بوردو فتقول أنها " تكاد تكون توأمتها" في حين يقول "جيوفري مارسي" المختص في الكواكب الشبيهة بالأرض في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: "في كافة الأحوال فهو الكوكب الأقدر على احتضان الحياة من ضمن الكواكب التي تخضع للمراقبة، مضيفا أن " هذا يعد اكتشافا تاريخيا فهو الكوكب الأول القريب من حجم الأرض الذي يتم اكتشافه" لقد سبق للعلماء أن اكتشفوا، حوالي 2000 كوكب شبيه بالأرض خارج نظامنا الشمسي. من بين هذا العدد اعتبروا بضع مئات أصغر من أن تكون ذات تركيبة صخرية و أن العشرات فقط تدور على مدار معقول حول شموسها، أي المدار الذي يمكنها من الاحتفاظ بالماء سائلا... أما اليوم، فقد اكتشفوا كوكبا يتوفر على هاذين الشرطين اللذين بدونهما لا يمكن تخيل تطور الحياة عليه. و قد طاف هذا النبأ، الذي نشرته مجلة "ساينس" في 17 أبريل الماضي، العالم بسرعة. فقد تم انتقاء الموجات الصادرة عن "كيبلر 186 " - و هذا هو إسم الكوكب الأكثر شبها بالأرض- من بين ملايين الموجات التي يتوصل بها مسبار الفضاء "كيبلر"، الباحث عن الأراضي الشبيهة، و الذي استعرض 150 ألف نجم ما بين 2009 و 2013 . و يبلغ شعاع "كيبلر 186 " حوالي 7000 كيلومتر، أي 1،1 شعاع كوكبنا الأرضي. فهما تقريبا من نفس الحجم. في المنطقة القابلة للحياة: و يدور كوكب "كيبلر 186 " على بعد حوالي 50 مليون كيلومتر عن شمسها، أي تقريبا نفس مدار زُحل في نظامنا الشمسي... بل أقرب من أرضنا. بيد أن الشمس التي يدور حولها "كيبلر 186 " أقل حرارة من شمسنا، و بذلك تكون الحرارة من هذه المسافة حرارة مقبولة. و تقول "إليزا كوانتانا" التي قادت الدراسة في النازا "أن الأمر يتعلق بقزم أحمر تبلغ كتلته نصف كتلة الشمس و بذلك فإن أشعتها أقل حرارة. و بالتالي فإن منطقة الحياة في ذلك النظام، حيث يمكن للماء أن يكون في حالة سيولة، هي المنطقة التي يقع كوكب "كيبلر 186 " في مركزها". فالكوكب الجديد يقع في الموقع الملائم و يملك الحجم الملائم، يبقى أن نرى ما إذا كان كوكب "كيبلر 186 " يملك التكوين الملائم أي أن يكون صخريا مُغطى بالمحيطات. تقول "إليزا كوانتانا" أنها متأكدة من التكوين الصخري للكوكب، ليس مائة بالمائة، لأنه ينبغي التعرف على كثافته. لأن المسبار "كيبلر" تمكن من قياس شعاعه و لم يتمكن من قياس كثافته، بيد أن قياساتنا السابقة للكواكب الشبيهة بالأرض تؤكد أن الكواكب التي يقل شعاعها عن 5،1 من شعاع الأرض تكون تركيبتها صخرية، فنحن إذن - يقول ستيف هويل الذي شارك في الدراسة - مقتنعون بأن "كيبلر 186 " تشكل سطحا صلبا" أما عما إذا كان الكوكب يحوي ماء سائلا أم لا... فهناك شكوك أكثر. فالكواكب التي تدور حول شمس من نوع القزم الأحمر عادة ما لا تتمكن من الدوران حول نفسها و بالتالي فهي تقدم نفس الوجه دائما نحو شمسها، كما هو حاصل للقمر مع كوكب الأرض. و هذا وضع من شأنه الحؤول دون بقاء الماء في حالته السائلة، إذ تمتص الجهة غير المواجهة للشمس كل الماء و تحتفظ به على شكل جليد بعيدة جدا عنا: لا يحسم العلماء في أمر دوران كوكب "كيبلر 186 " حول شمسه، فقد يكون دورانا سريعا و قد لا يكون كذلك كما أن دورانه حول نفسه قد يكون و قد لا يكون. هل يعد كوكب "كيبلر 186" ابن عم كوكبنا الأرضي أم أخيه التوأم... على كل حال فإن العلماء يحتفلون باللحظة، فقد اكتشفوا أول كوكب من عائلة كوكبنا الأزرق. قد لا نعلم أبدا ما إذا كان "كيبلر 186 " مأهولا أو لا، فهو يدور على بعد 500 مليون سنة ضوئية من الأرض (300 ألف كيلومتر في الثانية) أي أبعد من أن ترصد المسابير الفضائية الحالية تكوين غلافه الجوي. و في انتظار ذلك يظل كوكب "كيبلر 186 " بالنسبة لنا نقطة صغيرة تائهة في قلب واحدة من مجرات درب التبانة. ماتيلد فونتيز عن مجلة "سيونس إي في" الفرنسية