لم يعُد الفلكيون يترصدون النجوم المنيرة البعيدة و المجرات السابحة في الكون، بل شرعوا ? بفضل تطور التلسكوبات- في تصيد الكواكب الصغيرة الدائرة في فلك هذه النجوم نفسها، على غرار نظامنا الشمسي بنجمه الملتهب (الشمس) و كواكبه السيارة. و قد انطلقت عملية القنص هاته ابتداء من عام 1991 ،سعيا لاكتشاف كوكب خارج نطاق المجموعة الشمسية (إكزوبلانيت) مُماثل لكوكب الأرض و قابل لاحتضان الحياة. و معظم تلك الكواكب لا يتم اكتشافها بالرؤية المباشرة و لكن من خلال الطرق غير المباشرة. و تختلف هاته الكواكب في تكوينها( بعضها صخري مثل الأرض و بعضها غازي مثل المشتري) و في حجمها (أكبر من حجم الأرض أو أصغر). و في رحلة القنص و الجرد ، أعلن فريق من أكثر من خمسين فيزيائيا، في العدد الأخير من مجلة «نيتشر» العلمية (21 فبراير 2013)، عن اكتشاف كوكب جديد شبيه بالأرض خارج نظامنا الشمسي. و يؤكد هذا الاكتشاف أن مطاردة الكواكب الصخرية الشبيهة بالأرض القابلة لاحتضان الحياة ،إذا كانت على مسافة معقولة من النجم الذي تدور حوله، على غرار دوران أرضنا حول الشمس، هي مطاردة على قدم وساق. و حول هذا الموضوع يقول العالم الفرنسي «فرانسوا فريسان» و هو واحد من الفريق الخمسيني الذي اكتشف الكوكب الجديد و الذي يشتغل بجامعة هارفارد (ماساسوشوستس) لصحيفة «ليبراسيون» الفرنسية، أن ما تم اكتشافه هو نظام شمسي كامل بثلاثة كواكب تدور حول نجم أصغر قليلا من شمسنا و أقل حرارة، و هو يوجد على بعد ستين سنة ضوئية تقريبا منا و هي مسافة صغيرة بالقياس إلى المسافات بين المجرات و لكن من الصعب قطعها برحلة فضائية بالوسائل التي نتوفر عليها حاليا. و أضاف أن الكوكب الجديد «ذو حجم قريب من حجم القمر أي أقل من ثلث حجم الأرض تقريبا. و نحن نعتقد بأنه ذو تكوين صخري إلا أننا غير متأكدين من ذلك في غياب قياس لكتلته، بيد أن جميع الكواكب التي يقل حجمها عن حجم الأرض تكون صخرية التكوين. و الكوكب يدور حول نجمه في مدة 13 يوما أرضيا فقط أي أنه قريب منها جدا، على بعد 11 مليون كيلومتر في حين أن الأرض بعيدة عن الشمس ب 150 مليون كيلومتر، لذلك فإن هذا الكوكب حار جدا علاوة على أنه يواجه نجمه بجانب واحد لا يتغير». «و هذا الكوكب ? يضيف فرانسوا فريسان - مرفوق بكوكبين آخرين أحدهما يبلغ 70 بالمائة من حجم الأرض و الثاني يفوق الأرض حجما بمرتين، و من الممكن أن تكون هناك كواكب أخرى لكننا لم نكتشفها بعد...» و حول الكيفية التي تم بها اكتشاف الكوكب الجديد قال «فرانسوا فريسان» أن ذلك تم من خلال التلسكوب العملاق «كيبلر» الذي أطلقته «النازا» سنة 2009 و هو يرصد 150 ألف نجم في مساحة صغيرة من الفضاء تبعد عن الأرض بثلاثة آلاف سنة ضوئية. و يُعتبر هذا الكوكب أول كوكب أصغر من الأرض يتم اكتشافه من بين 900 كوكب آخر تم اكتشافها و جردها منذ 1991 ، و بذلك يُعتبر الأول من نوعه منذ انطلاق عمليات الرصد و المتابعة للكواكب خارج النظام الشمسي . و يقول العالم في مقابلته مع الصحيفة الفرنسية: « نحن نعتقد بأن هناك حوالي مائة كوكب في حجم الأرض كما اكتشفنا أن حوالي 20 بالمائة من النجوم لها كوكب صخري أو أكثر يدور في فلكها (نظامنا الشمسي يضم 4 كواكب صخرية و 4 غازية ) مما يجعلها نظاما نادرا في الكون لكن هل هو استثنائي؟ لا نعلم لحد الآن» و يختم «فريسان» بالقول :» إذا كان واحد بالمائة من الأنظمة الشمسية الأخرى شبيهة بنظامنا فهذا يعني أن هناك مليار نظام مشابه في هذا الكون الذي يضم 100 مليار نظام شمسي، إلا أننا نحتاج إلى تلسكوبات فائقة القدرة كي نكتشف ما إذا كانت هناك علامات على تواجد الحياة في كوكب من الكواكب أو لا، مثل تواجد الماء أو الأوكسيجين و الأوزون أو الخضرة التي يمكن رصدها من خلال الأشعة تحت الحمراء.»