الفريق أول المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية وقائد الأركان العامة للجيوش الموريتاني يزوران مدينة المهن والكفاءات بتامسنا    الحكومة تخصص 14 مليار درهم في مالية 2025 لاحداث مناصب الشغل    حوادث السير تنهي حياة 24 شخصا وتعطب الآلاف خلال أسبوع واحد فقط    الركراكي: غياب زياش عن المنتخب سببه عدم الجاهزية ولا مشاكل لي معه    اختتام فعاليات الدورة السابعة من مهرجان القصبة للفيلم القصير    فتاح: الحكومة "متفائلة جدا" بشأن النمو الاقتصادي في 2025    لقجع: أسعار بعض الأدوية في المغرب مضاعفة 5 مرات ونرفض الاحتكار وفرض أثمنة مرتفعة بحجة "الصناعة الوطنية"    وزارة التربية الوطنية ترخص للأساتذة تقديم ساعات إضافية في المدارس الخصوصية    المغرب يجدد التأكيد أمام مجلس السلم والأمن على دعمه لعملية سياسية شاملة في ليبيا    مباراة المغرب و الغابون.. تغييرات في اللائحة الجديدة للأسود    الحرس المدني الإسباني يحجز أكثر من 4.7 أطنان من الحشيش بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني    الأحمر يُوشّح تداولات بورصة الدار البيضاء    عاجل.. تأجيل محاكمة إلياس المالكي لهذا السبب    لقاء مغربي إسباني بالرباط لبحث سبل تأهيل وتحديث قطاع اللحوم الحمراء    "أكديطال" تنخرط في مشروع للطب 4.0    أوجار يشيد بجهود الحكومة في تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية كما أرادها جلالة الملك    يوعابد: العاصفة الجوية "دانا" ستؤثر على المغرب ولكن بكيفية ضعيفة    منيب: المهداوي مظلوم والمغرب يعيش تكميم الأفواه بكل الطرق    المرض يُغيب المالكي عن المحكمة .. والدفاع يرفض المزايدة بالأمازيغية    الأيام الاقتصادية المغربية الفرنسية بالأقاليم الجنوبية تعزز الشراكة المستقبلية    بعد 10 أيام من الإضراب.. المحامون يوقعون اتفاقا مع وزارة العدل لاستئناف العمل    تقديم كتاب بجنيف عن صحراء المغرب    إتحاد طنجة يبحث عن ملعب لاستضافة المغرب التطواني بدلا من ملعب سانية الرمل    سبتة تطالب مدريد بالدعم المالي للتعامل مع قضية القاصرين في المدينة    وزير النقل يريد ربط الحسيمة بخدمات القطار بدون سكة حديدية!    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    "تصريح خطير".. وزير المالية الإسرائيلي: 2025 هو "عام السيطرة" على الضفة الغربية    "لارام" تورط جامعة كرة القدم في حفل "سخيف" لتقديم قميص المنتخب الوطني    مجلس عمالة الدار البيضاء يخصص 150 مليون لكل من الرجاء والوداد    التغير المناخي يهدد حياة اللاجئين في مناطق النزاع والكوارث الطبيعية        الجيش الإسرائيلي يعلن فتح معبر جديد لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    كيوسك الثلاثاء | الوقاية المدنية أنقذت أزيد من 25 ألف شخص من الغرق في 2024    التمسماني: طنجة كانت وستظل مثالًا يحتذى به في احترام التنوع الثقافي والرياضي    ألباريس: المغرب بلد صديق وشريك استراتيجي لإسبانيا    الدولار إلى أعلى مستوى خلال أربعة أشهر    أخنوش أمام قمة الرياض: جلالة الملك يضع القضية الفلسطينية ضمن ثوابت السياسة الخارجية للمملكة    قمة الرياض تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية            تحسين ظروف السكن ل16 ألف و300 أسرة كمعدل سنوي خلال الولاية الحكومية الحالية    الإعلام الجزائري.. فعلا العالم الآخر عالم كاذب    التصفيات الإفريقية تقترب من الحسم    بروفايل |يوسي بن دافيد.. قائد دبابة "ميركافا" بجيش الإحتلال على رأس "مكتب الاتصال الإسرائيلي" في الرباط    مقتل 4 جنود إسرائيليين شمال قطاع غزة    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    الصين تطلق بنجاح صاروخا تجاريا على متنه 15 قمرا اصطناعيا    طنجة تحتضن فعاليات الدورة الأولى لملتقى الزجل والفنون    قمة الرياض مكرر.. كل شيء تغير، ولا شيء تغير ..    علاج واعد جديد لفقدان السمع المفاجئ الحاد    خلط في خبر وفاة محمد المسيح وشقيقه عبد الاله    نصائح للوقاية من آلام الظهر والرقبة بسبب الجلوس لفترات طويلة    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحابة اتهموا بالكفر وعلماء بالزندقة : حينما صرخ أبو ذر الغفاري في الطرقات: «بشر الكافرين بعذاب أليم» -06-
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 02 - 06 - 2017

ومما يحكى أيضا عن الخلاف بين أبي ذر ومعاوية، أنه حين بنى معاوية قصر الخضراء في دمشق قال له أبو ذر: «إن كانت هذه الدار من مال لله فهي الخيانة وإن كانت من مالك فهو الإسراف»، مما أدى به إلى عزله عن الناس، وتهديد كل من يتصل به أو يستمع إليه.
وحين قدم أبو ذر الغفاري إلى الخليفة من الشام، لم يتردد عثمان في أن يلحق به عقاب النفي إلى الربذة، وهو مكان موحش ومقفر، حتى لا يجد من الناس من «يفسده» ويوغر صدره على بني أمية. ويروي شارح نهج البلاغة:
«فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جندبا إليَّ على أغلظ مركب وأوعره. فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب، حتى قدم به المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد. فلم قدم بعث إليه عثمان: اِلحق بأي أرض شئت.
قال: بمكة؟
قال: لا
قال: بيت المقدس؟
قال: لا
قال: بأحد المصرين؟
قال: لا. ولكني مسيّرك إلى ربذة.
فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات».
وإذا كانت بعض الإخباريين والرواة يصر على رسم شخصية متطرفة ومتزمتة لأبي ذر الغفاري، وأنه حاول فرض منهجه على الناس ولم يطقه الناس، فإن هناك تنفي أن عثمان سيره إلى الربدة، ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن زيد بن وهب، قال: «مررت بالربَذَة فإذا أنا بأبي ذر رضي لله عنه، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فاختلفت أنا ومعاوية في:(و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لاينفقون في سبيل لله فبشرهم بعذاب أليم). قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي لله عنه يشكوني، فكتب إلي عثمان: أن اقدم المدينة فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان «فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا، «فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت».
وقال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الحديث: «وإنما سأله زيد بن وهب عن ذلك لأن مبغضي عثمان كانوا يشنعون عليه أنه نفى أبا ذر وقد بيّن أبو ذر أن نزوله في ذلك المكان كان باختياره. نعم؛ أمره عثمان بالتنحي عن المدينة لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه المذكور فاختار الرّبذة، وقد كان يغدو إليها في زمن النبي صلى لله عليه و سلم».
وقال ابن سعد في طبقاته: «أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان عن محمّد بن سيرين أنّ رسول لله صَلَّى لله عليه وسلم، قال لأبي ذرّ: إذا بلغ البِنَاءُ سَلْعًا فاخرج منها، ونحا بيده نحو الشام، ولا أرى أمراءك يَدَعونَك!» قال: يا رسول لله أفلا أقاتل مَن يحول بيني وبين أمرك؟ قال: « لا»، قال فما تأمرني؟ قال: «اسْمَعْ واطِعْ ولو لعبدٍ حَبَشيّ. قال: فلمّا كان ذلك خرج إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان: إنّ أبا ذرّ قد أفسد الناس بالشام، فبعث إليه عثمان فقدم عليه، ثمّ بعثوا أهله من بعده فوجدوا عنده كيسًا أو شيئًا فظنّوا أنّها دراهم، فقالوا: ما شاء لله! فإذا هي فلوس. فلمّا قدمَ المدينةَ قال له عثمان: كُنْ عندي تغدو عليك وتروح اللّقاح، قال: لا حاجة لي في دنياكم، ثمّ قال: ائْذَنْ لي حتى أخرج إلى الرّبَذَة، فأذن له فخرج إلى الرّبذة وقد أقيمت الصلاةُ وعليها عبدٌ لعثمان حبشيّ فتأخّر فقال أبو ذرّ: تَقَدّمْ فصلّ فقد أُمِرْتُ أن أسْمَعَ وأطيعَ ولو لعبدٍ حَبشيّ فأنت عبد حبشيّ».
وقال ابن العربي المعافري تعليقاً على هذه القصّة: «وأما نفيُه أبا ذرّ إلى الرَّبذة فلم يفعل، كان أبو ذر زاهدا، وكان يقرّع عمال عثمان، ويتلو عليهم {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، ويراهم يتسعون في المراكب والملابس حين وجدوا، فينكر ذلك عليهم، ويريد تفريق جميع ذلك من بين أيديهم، وهو غير لازم. قال ابن عمر وغيره من الصحابة: إن ما أديت زكاته فليس بكنز فوقع بين أبي ذر ومعاوية كلام بالشام فخرج إلى المدينة، فاجتمع إليه الناس، فجعل يسلك تلك الطرق، فقال له عثمان: لو اعتزلتَ. معناه: إنك على مذهب لا يصلح لمخالطة الناس، فإن للخلطة شروطاً وللعزلة مثلها ومن كان على طريقة أبي ذرّ فحاله يقتضي أن ينفرد بنفسه، أو يخالط ويسلِّم لكل أحد حاله مما ليس بحرام في الشريعة، فخرج إلى الرّبذة زاهداً فاضلا، وترك جلة فضلاء، وكل على خير وبركة وفضل، وحال أبي ذر أفضل، ولا تمكن لجميع الخلق، فلو كانوا عليها لهلكوا فسبحان مرتب المنازل»..
ومهما يكن، فإن الصراع بين أبي ذر الغفاري وبني أمية الذي وصل إلى حد تكفيرهم (بشر الكافرين بعذاب أليم) ارتبط أساسا بإغداق عثمان على المقرّبين منه. فقد روى الرواة أنّ طلحة بن عبيد الله قد ترك من العين ألفي ألف درهم، ومائتي ألف دينار إلى جانب الدور والضيعات، وترك الزبير بن العوام خمسين ألف دينار، وألف جارية، وألف فرس عدا الدور، وقد تزعما في موقعه الجمل مقاومة أنصار علي بن أبي طالب الذي كان ينتمي إليه أبو ذر، ويقول الرواة : لما مات زيد بن ثابت (ولاه عثمان الديوان وبيت المال) خلف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس.
أما بنو أمية، فقد رأوا في أبي ذر الغفاري فتَّانا وجب نفيه وإبعاده عن الناس ما دام يحاول فرض نموذجه عليهم، ووإنغالهم وتأجيج سخطهم على الخليفة وولاته. فهم يعتبرون أنه يفتن عليهم، ومن ذلك ما رواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن الواقدي، أن عثمان لما استقدم أبا ذر من عند معاوية، قال له: «أن الذي فعلت وفعلت!؟
فقال أبو ذر: نصحتك فاستغششتني، ونصحتُ صاحبك فاستغشني!
قال عثمان: كذبتَ، ولكنك تريد الفتنة وتحبها. قد أنغلت الشام علينا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.