بعدما استنفدت حكومة بنكيران كل حيلها في المراوغة والتحايل على الدستور المتقدم لبلادنا، بتجميده مرة وبتغييب القوانين التنظيمية ذات الأولوية القصوى فيه، كثف وزراؤها جهودهم بالاستعمال الفعلي لنواب الأغلبية بتوظيفهم كأرقام عددية تحج إلى البرلمان بهدف الدفاع عن الحكومة في ضرب واضح للفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، انتصارا لمنطق ضيق في الفهم والرؤى ضد مصلحة الوطن وأفقه الاستراتيجي في المحيط الإقليمي والدولي، ضاربة بعرض الحائط أهمية الإنصات إلى صوت الحكمة والعقل، معتبرة إياه مجرد صوت معارض ينبغي عدم الإعمال به الشيء الذي يتنافى مع مبدأ التشارك في تعزيز وتطوير التشريع في بلادنا بما يتناسب مع الأفق الذي قطعنا فيه أشواطا في جعل المغرب صفا إلى جانب الدول الديمقراطية الحداثية. وقالت مصادرنا إنه بتاريخ يوم الاثنين 7 أبريل 2014 كانت آخر جلسة عقدتها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب في إطار دورة أكتوبر 2013، والتي تزامنت مع نهاية النصف الأول من الولاية التشريعية ، حيث شرع المجلس ابتداء من 11 أبريل من تجديد كل هياكله فكان يوم الثلاثاء 6 ماي الجاري يوم هيكلة مكاتب اللجان الدائمة، ومن ضمنها لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة التي عقد مكتبها أول اجتماع له يوم الثلاثاء 13 ماي الجاري ليقرر فيه : الإبقاء على الاجتماع المبرمج يوم الأربعاء 14 ماي 2014 للمناقشة العامة ، على أساس تأجيل مناقشة المواد إلى حين التوصل بالدراسة المطلوبة من الفريق الاشتراكي . وأضافت مصادرنا أنه بعد الانتهاء من المناقشة العامة لمشروع القانون المذكور، حيث كانت كل الفرق البرلمانية المتدخلة تؤكد على أهمية مشروع القانون وخطورة المواضيع التي يتناولها وحساسية القضايا المرتبطة به اقتصاديا وبيئيا وجيوستراتيجيا، لم يتردد رئيس اللجنة مدعوما بممثلي الأغلبية الحاضرين، في تفجير أول قنبلة بإعلانه فتح المناقشة العامة متنكرا لما تم الاتفاق بشأنه في اجتماع المكتب بتأجيل المناقشة التفصيلية للمواد وتخصيص اجتماع للمناقشة العامة. أمام هذا الموقف، أضافت ذات المصادر، لم يتردد ممثل الفريق الاشتراكي في استنكار هذا الانقلاب على قرارات مكتب اللجنة، طالبا تسجيل احتجاجه على هذه الممارسة ومعلنا انسحابه من الاجتماع حتى لا يساهم في تزكية مناورات الأغلبية في تمرير هذا المشروع نزولا عند رغبة الحكومة. كان ذلك حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال، تضيف مصادرنا، لكن الأدهى والأمر، وبعدما خلا الجو للأغلبية، كانت المهزلة الكبرى حيث تجندت الأغلبية العددية انتصارا للحكومة في القيام بالمناقشة التفصيلية في أقل من ساعتين لمشروع قانون يتكون من 187 مادة تتطلب قراءتها جهرا أكثر من ذلك الوقت. وأكدت مصادرنا أنه قبل الساعة الرابعة من نفس اليوم فوجئت المعارضة بصدور بلاغ من رئيس اللجنة يحدد فيه يوم الأربعاء 21 ماي 2014 للتصويت على مشروع قانون رقم 12 / 142 المتعلق بالأمن والسلامة في المجالين النووي ولإشعاعي وبإحداث الوكالة المكلفة بمراقبتهما، وهو ما يزكي فعلا وبالملموس رغبة رئيس اللجنة والأغلبية العددية المدفوعة من طرف الحكومة لتهريب هذا القانون، وتفادي أن يكون موضوع دراسة واستشارة للمجلس الاقتصادي والبيئي التي تقدم بشأنها الفريق الاشتراكي بطلب رئيس مجلس النواب. فإذا تحقق للأغلبية مرادها، فإنها تكون بذلك قد حققت رقما قياسيا في تمرير مشروع قانون من 187 مادة في أقل من أسبوع، وهي سرعة لا تتناسب إلا مع سرعة انشطار نوى الذرات الذي يتسبب في حدوث الانفجار النووي . يحدث هذا في المغرب في الوقت الذي نجد فيه الدول الأوربية كألمانيا وسويسرا تبرمجان إغلاق المحطات النووية، وصرف النظر عن الطاقة النووية وهو نفس المنحى الذي يتزايد في اليابان وغيره بفعل الضغوطات التي يمارسها المجتمع المدني الذي أدرك عن وعي خطورة الأنشطة النووية على الأجيال الحالية والمستقبلية وعلى الكرة الأرضية عموما . فهو تهريب بحجم الفضيحة التي لا تشرف المغرب ولا تشرف المؤسسة التشريعية، ولا تليق بلجنة الطاقة والبيئة ذات اللجنة التي قضت شهورا لدراسة مشروع القانون الإطار بمثابة ميثاق وطني للبيئة خلال سنة 2012 و 2013 ونظمت بشأنه يوما دراسيا استمعت فيه لرأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الموضوع، حيث كانت المعارضة تتولى رئاستها، نجدها تنقلب على نفسها وتتخلى عن رسالتها النبيلة في حماية البلاد والعباد، وتقدم الأغلبية بها على قرصنة وتهريب مشروع قانون قد تأتي تداعياته على اليابس والأخضر.