تعتبر مصادقة المغرب على المقرر الأممي حول حرية الدين والمعتقد، حدثا تاريخيا بالنسبة للمنظمات والجمعيات الحقوقية المغربية، إذ يشكل تقدما مهما ومؤشرا ايجابيا للمغرب في اطار انفتاح الدولة المغربية على مقتضيات المواثيق الدولية وسعيها إلى الاستجابة لمطالب الحركة الحقوقية المغربية وخاصة التعجيل بتشريع قانون تجريم التكفير والعمل على تفعيله. فإحداث هذا القانون وتفعيله يعتبر مطلبا ملحا لكل الديمقراطيين المغاربة والذين يعتبرون تنزيل هذا القانون اشارة قوية من الدولة حول نواياها وارادتها في ارساء فضاء الحوار الوطني والذي يعتبر ضروريا وحاسما لإنجاح الانتقال نحو الديمقراطية، إذ لا يمكن أن نتصور مجتمعا تحرريا وديمقراطيا في غياب فضيلة التسامح الديني بين الأفراد ولا يمكن أن نتصور دولة ديمقراطية مدنية متماسكة وعصرية دون حريات فردية ودون الاحترام والتواصل والتعاون مع الآخر، فالمواطنة الصادقة والوطنية الحقيقية تقوم على قيم التسامح والتآزر والتساكن، ومعلوم أن هذا المقرر الأممي والذي صادق عليه المغرب يحث على حرية الدين والمعتقد, إذ جاء في ديباجته »ان الفرد له الحق في حرية الفكر والدين بما يشمل حريته في أن يكون أولا يكون له دين أو معتقد، وفي أن يعتنق دينا أو معتقدا يختاره بنفسه وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعليم والممارسة والتعبد واقامة الشعائر بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، بما في ذلك حقه في تغيير دينه أو معتقده«. ولقد عملت الأممالمتحدة منذ تأسيسها سنة 1945 في مؤتمر سان فرنسيسكو على تعميم فكرة التسامح الديني والعرقي, بل ان ميثاقها سطر ذلك بوضوح في ديباجته, حيث جاء فيه «»نحن شعوب الأممالمتحدة، وقد آلينا على أنفسنا أن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره، وفي سبيل هذه الغايات، اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش مع بعضها في سلام وحسن جوار««. وفي سنة 1948 صدرت وثيقة أخرى ذات قيمة انسانية وحقوقية، خصصت حيزا وهامشا مهما لمبدأ التسامح، وهي الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اعتبر أن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق ووهبوا عقلا وضميرا مما يلزم عليهم أخلاقيا وانسانيا أن يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء، وهكذا سطرت الجدادة السادسة من هذا الاعلان في فقرتها الثانية حق المواطن في التعليم، مشيرة إلى أن هدف التربية هو إنماء شخصية الانسان إنماء كاملا وتعزيز احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية. ولقد ناضلت القوى الحية العالمية والمشكلة للضمير الانساني، من لجن الأممالمتحدة والمنظمات الحقوقية وجمعيات غير حكومية، والمعبرة عن معاناة الشعوب وآمالها في التحرر من مخلفات العنصرية والهيمنة والاستبداد، ناضلت هذه القوى وهذه الفعاليات الحقوقية من أجل فرض مفهوم التسامح وحرية المعتقد، في العديد من الوثائق الدولية وخاصة العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والثقافية الصادرين عام 1996 عن الأممالمتحدة، كما جاءت مجموعة من الاتفاقيات الدولية الصادرة في العقود الأخيرة مركزة على أهمية التسامح كالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري واتفاقية مناهضة التعذيب والاعلان الخاص بالقضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، كما نصت على ضرورة حماية الطفل خلال تربيته وتعلمه من أي شكل من أشكال التمييز على أساس الدين والمعتقد أو العرق أو الجنس. إذ يجب أن ينشأ الطفل على روح التسامح والصداقة والمساواة بين الشعوب والأمم وأن يندمج في الاخوة العالمية واحترام الآخرين في الدين والمعتقد, كما يجب أن ينشأ أيضا على الوعي الكامل بوجوب تكوين طاقته ومواهبه لخدمة أخيه الانسان والتعاون معه. وفي نفس السياق يشكل صدور اعلان المبادئ بشأن التسامح عن منظمة اليونسكو تحولا مهما في هذا المجال، حيث أكدت هذه الوثيقة أن «التسامح يعني الاحترام والقبول والتقدير للتنوع الثري لثقافات الشعوب ولأشكال التعبير وللصفات الانسانية لكل البشر، وبتعزز هذا التسامح بالمعرفة والانفتاح والاتصال والتواصل وحرية الفكر والضمير والمتعقد«. وتجمع كل هذه الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية على أن التسامح يعني الاقرار بأن كل انسان له الحق في العيش في أمن وكرامة، وان اختلفت الطبائع والمظاهر والثقافات والقيم واللغات والاثنيات والمعتقدات، ولقد أكدت الشريعة الاسلامية في مصادرها النصية الأولى هذا المنحى الذي سلكته أدبيات الثقافة الانسانية في الواجهة الحقوقية كالمواثيق والعهود والاعلانات الحقوقية، إذ ورد في القرآن وفي الكثير من الآيات الكريمة ما يفيد معنى التسامح وحرية الدين والمعتقد وما يدعو إلى التقوى والتشاور والتآزر والتواصي والتراحم، كما جاءت آيات أخرى بما يؤكد الاختلاف بين البشر كقوله تعالى: »إن في اختلاف ألسنتكم وألوانكم لآية للعالمين«. وفي آية أخرى»أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين« «وقوله تعالى «»لا إكراه في الدين»« وجاءت الدعوة القرآنية إلى حرية المعتقد في قوله عز وجل »فذكر إنما أنت بمذكر، لست عليهم بمسيطر« كما ورد في سورة الزمر «»إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها، وما أنت عليهم بوكيل« «ورغم هذه الاشارات النورانية الواضحة وهذه الدعوات القرآنية إلى التسامح والحرية في اختيار الانسان لمعتقداته، فإن أشباه العلماء وأوصياء على هذا الدين الحنيف في عصرنا الحاضر وفي العديد من الدول الاسلامية، لا يزالون يصرون على تبني مفاهيم ومواقف تؤكد التخلف والنكوص والتراجع والجاهلية ويدعون إلى حياة دينية منغلقة تفتقد في أنماطها التفكيرية إلى الروح العلمية وإلى الروح القرآنية وتعجز عن مواكبة انجازات الانسانية في المجالات العلمية والحقوقية والفكرية، ففي بلادنا على سبيل المثال وخلال ندوة حول »»المواطنة .. جسرنا المشترك«« صرح الوزير الحبيب الشوباني بان المغاربة جماعة دينية منسجمة من المؤمنين, مما يدل على أن مفهوم المواطنة لديه هو محاولة ايديولوجية للتنميط المطلق, وهو أمر لم يعد مقبولا في المجتمعات الحديثة المرتكزة على التعاقد الاجتماعي. فالمغرب وطن يتسع لجميع المغاربة ويضمن حقوقهم الاساسية مهما كانت أعراقهم وأصولهم وألوانهم ولغاتهم ومعتقداتهم الدينية. ونجد مواقف اخرى اكثر غلوا وقسوة عند السلفي محمد الفيزازي حينما انتقد دعوة بعض المسيحيين المغاربة من أمير المؤمنين حماية المغاربة من المسيحيين, كما اعتبر الفيزازي ان المقرر الاممي حول حرية المعتقد والدين مرفوض, اذا تعلق الامر بالردة او بعبارة اخرى, فهذا المجتهد السلفي يقبل اتجاها واحدا فقط وهو الدخول الى الاسلام اما الخروج منه فهو ردة وكفر يستحق الحد والعقاب. وفي دولة اليمن اقتادت السلطات اليمنية مؤخرا المحامية فاطمة محمد سالم الى مستشفى المجانين ليس لانها تضرب العامة بالحجر أو لانها تقتل الحيوان والبشر، بل لانها وبكل بساطة وبراءة اقتنعت بمعتقدات دينية اخرى غير المعتقدات التي وجدت عليها آباءها وأجدادها. ولانها بكل بساطة لم تستطع ان تعيش داخل منظومة من القيم تتعارض مع ما تؤمن به وتعتقده.. ولانها كذلك تحمل في قلبها الكبير والحاضن، بكل أبناء شعبها وبكل البشرية جمعاء، تحمل كل معاني الحب والعطف والتضامن، فاعتنقت المسيحية، واختارت طريقا اخر الى الله طريق الخير والحب او الاخاء ورفضت طريق الحقد وإراقة الدماء. وفي المغرب حورب المذهب الشيعي منذ الاستقلال, اذ حوكم حوالي خمسة عشرة من الطائفة البهائية بالناضور وقامت شخصيات دينية بحملة قوية لمحاربة هذه الحركة واعتبار معتقداتها مخالفة للاديان السماوية كما شنت السلطات المغربية سنة 2007 حملة امنية ضد الشيعة في العديد من المدن وخاصة في مدن الشمال, فكانت المداهمات وحملات التفتيش واستخراج المعلومات من الحواسيب, فكانت تجاوزات اثناء هذه الحملة تتنافى مع القواعد المعمول بها في الدول الديموقراطية. وفي الجزائر احدثت محاضرة ألقاها الشاعر ادونيس زلزالا سياسيا كان من نتائجه اقالة وزيرة الثقافة وذلك فقط،لأن ادونيس وخلال المحاضرة اشار الى أن المجتمعات الاسلامية تعيش مشكلة كبرى تتعلق باخضاع الوحي من طرف السياسيين للتأويلات السياسية بدوافع قبلية ومذهبية وايديولوجية وسياسية بدافع البحث عن السلطة او استمرار السلطة. اما في العربية السعودية فقد منعت مؤلفات الشاعر الفلسطيني واشعاره من دخول البلاد, في الوقت الذي ازيح فيه الستار عن تمثال لمحمود درويش في احدى مدارس الاستشراق بالعاصمة الروسية في احتفال ثقافي وبمشاركة عدد من الدبلوماسيين والاعلاميين الروس والعرب والاجانب، اعترافا وعرفانا للمكانة المرموقة التي يتبوأها هذا المبدع الفلسطيني في قلوب العرب وكل الشعوب المحبة للسلام وتقديرا للدور الكبير الذي لعبه في اثراء الثقافة العربية والانسانية. وهكذا فرغم ان القرآن يدعو الى قاعدة العقل والعلم، فان العالم الاسلامي لازال يخاف من التفكير والابداع ويرتعب من العلم ولازالت المجتمعات الاسلامية في الشرق والغرب تشهد حروبا طاحنة واقتتالات شرسة بين السنة والشيعة في الهند وباكستان وايران والعراق ولبنان، كما تسقط ضحايا يوميا من الحرب الاهلية السورية بين الشيعة الموالين لايران ولنظام بشار، والسلفييين الجهاديين الموالين لجبهة المعارضة، ولازالت الاحقاد والفتن قائمة بين الاباضية والسنة، ولازال العداء والانتقام المتبادل بين مسلمي واقباط مصر، بل ان القلاقل والحروب الاهلية في بلدان كثيرة ترجع في اصولها الى التعصب الديني والعرقي كافريقيا الوسطى ونيجيريا ومالي والسودان والكونغو ورواندا. ولقد خلفت الحروب العرقية في رواندا سنة 1994 ما يربو عن ثمانمائة الف قتيل من التوتسي في حرب ابادة عرقية تاريخية. ولقد كانت هذه الحروب العرقية والدينية والتي اخذت طابع الابادة في بعض الاحيان، كانت وصمة عار على جبين الانسانية في الوقت الذي تدعو فيه جميع الديانات في اصولها ومصادرها الاولى، الى قاعدة العقل والعلم وشكلت ابداعات اقطاب الفكر الفلسفي الاسلامي نقطة مضيئة في تاريخ الابداع الفكري والفلسفي الانساني ونجحت في وضع منظومة مفاهيمية ومفاتيح عقلانية وبجرأة منهجية متقدمة وواضحة لقراءة النصوص الدينية، بل انها اخذت باحكام العقل في حال تعارضه مع النقل وذلك حفاظا على منطقية النص ودفاعا عن تماسكه وانسجامه المنطقي في بيئته ونسقه العام وكانت اجتهادات المعتزلة والفلاسفة المسلمون وقراءتهما المتطورة للنص الديني كافية وناجعة في الحفاظ على استمراريته وشموليته وانفتاحه اواحتضانه لكل المستجدات، وكانت كذلك مصدرا لاشراقات تنويرية واجتهادات انسانية وابداعات رسخت طريقا اخر الى الله يعتمد قيم العقل والحق والخير والجمال. واذا كان هذا هو حال الفكر والعقل عند المعتزلة والفلاسفة في القرون الاولى للدولة الاسلامية، فاننا نشهد في القرن الواحد والعشرين، انغلاقا وارتدادا وانسدادا في الافق و انحسارا بالنسبة للحريات الفردية في كل البلدان الاسلامية والذي تساهم في دعمه وترسيخه كل الاطر والمؤسسات التقليدانية والتي تتحول الى آليات اجتماعية للدعم والضبط الايدولوجيين. ففي المغرب، مثلا وفي الاونة الاخيرة قرر مواطن مقاضاة الاستاذ ادريس لشكر، اثر دعوة هذا الأخير الى اعتبار المناصفة والانصاف واعمال الاجتهاد الديني السليم لملاءمة النصوص الدينية القطعية امام التشريعات القانونية والحقوقية الدولية ومقتضيات العقل في المساواة بين الجنسين دون تمييز او اجحاف. والغريب في هذه الدعوة القضائية، ان هذا المواطن البريء لم يفطن الى أن القضاء المغربي نفسه، سواء على المستوى الجنائي او المدني يستند في مرجعياته الى القوانين الدولية ذات الصبغة الوضعية، فالزاني والزانية لا يجلدان مائة جلدة كما ورد في النص القرآني, بل يقوم الحكم عليهما وفق مقتضيات القوانين الوضعية في قضايا الفساد او الخيانة الزوجية، كما ان اول من اجتهد في الاسلام وامر بتجاوز القطعيات هو الخليفة عمربن الخطاب الفاروق والمعروف بالعدل والإنصاف. وذلك حين رفض العمل بالمدلول النصي للآية الكريمة »والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما...« وأمر بمراعاة واعتبار ظروف النازلة وسياقاتها الاجتماعية والاقتصادية. وهكذا لم نعد نسمع في الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء المغربي، وفي أحكام القضاء في كل المجتمعات الاسلامية عن الجَلد والرَّجم وقطع اليد. ومقابل هذه المواقف والأحكام القائمة على الانفعال والتعصب والميز، والتي نجدها في البلدان الاسلامية، نجد في المجتمعات التي تقوم على القواعد الديمقراطية وتقدر الإنسان وتحترم الحريات الفردية، أن الناس يختارون طريقهم الى الله بكل لغات الحب، دون خوف من حزام ناسف أو تأويل ملتبس للنص يُجيز القتل.. وهكذا يتمتع المواطن في المجتمعات الديمقراطية بحرية اختيار معتقداته الدينية أو استبدالها بأخرى، حين يرى أن المعتقدات الجديدة تبشر بقيم أشمل وأنبل، وتحمل في أدبياتها دعوة إلى العمل والإخاء والتضامن والمساواة، بل ان هذا المواطن يجد سنداً وتشجيعاً واحتراماً وقبولاً من كل المحيطين به من أقرباء وأصدقاء ومؤسسات المجتمع، ويعمل الجميع على أن توفَّرَ له كل الظروف لإقامة شعائره الجديدة في هدوء وأمن وطمأنينة. ففي ايطاليا وحدها غيَّر حوالي مليون وثلاثمائة ألف مهاجر معتقداتهم الدينية، ولم نسمع أو يحدث أن واحداً منهم تعرض للتهديد أو الإقصاء أو المحاكمة. والغريب في الأوضاع السائدة في مجتمعاتنا الاسلامية أن هذا الخطاب الإقصائي والاستئصالي، لا يُعتمد فقط من طرف التيارات الأصولية بكل مرجعياتها وتلويناتها، بل يُفرض كذلك من لدن السلطات السياسية الحاكمة وتسخر له كل الآليات الاجتماعية من آليات الدعم والإدماج والضبط لترسيخه، وكثيراً ما يجد هذا الخطاب الانفعالي الإقصائي صدى واستجابة عفوية من أغلبية الرأي العام، هذه الأغلبية التي خضعت في تنشئتها لظروف اجتماعية وثقافية عمَّقَت هذا الانغلاق على الذات وعدم الاعتراف بالآخر والتَّمَتْرس وراء مبرر »الحفاظ على الهوية«، مما يسهل انسياقها وراء الخطباء الانفعاليين، وعدم فهم واستيعاب خطاب العقل والحكمة. وكثيراً ما يستثمر السياسيون هذا الخطاب التسليمي، وهذا الفهم النصي والبسيط للدين للنفاذ إلى ذهنية الناخب ووجدانه عبر مشاعره الدينية. ولن تُشرق شمس الحرية والاستقرار والمساواة في البلدان الاسلامية، إلا بمراجعة الدساتير المؤطرة للقوانين والقواعد العامة للمجتمع، وتسطير قوانين تؤسس لحرية المعتقد والحريات الفردية للمواطن واعتبار خصوصيات الشعوب، وإحداث ثورة ثقافية تدشنها برامج تربوية وتنويرية ترسخ قيم التسامح والإخاء والتساكن بين الإنسان وأخيه الإنسان. ويذهب المفكر المغربي محمد عبد الجابري إلى أن النهضات الفكرية التي عرفها التاريخ لم تخطط لها الحكومات، بل كانت في الغالب من عمل النخبة التي تحمل هم الحاضر والمستقبل. وهنا تكمن أهمية دور المنظمات الحقوقية والتربوية والثقافية الدولية بتوظيف وزنها وجميع إمكاناتها في مساندة ودعم القوى الديمقراطية المحلية من أجل فرض الملاءمة الحقيقية لدساتير الدول الاسلامية، لمقتضيات المقررات والقرارات الحقوقية الأممية كحرية المعتقد والدين ومنع حكم الإعدام وغيرها... ولقد حقق دستور يوليوز 2011 في المغرب نصراً كبيراً للقوى المحافظة، وخاصة التيار الأصولي بعد إسقاطه في اللحظات الأخيرة من صياغته للبند الخاص بحرية المعتقد والدين، وأملنا كبير في أن يكون بلدنا على موعد مع التاريخ في الدستور المقبل حتى نحقق لأبنائنا فضاء أوسع للحرية والحياة في ظل مجتمع إنساني بدون حرب وبدون حقد.