أفاد بلاغ لوزارة الداخلية ، أنه تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس ، تنظم وزارة الداخلية حوارا وطنيا حول الأراضي الجماعية بمشاركة كافة الفعاليات المعنية ، تحت شعار « الأراضي الجماعية : من أجل تنمية بشرية مستدامة « . ويهدف هذا الحوار ، الذي أعطيت يوم الأربعاء بالرباط انطلاقته الرسمية ، إلى بلورة رؤية مستقبلية في إطار توافقي وتشاوري مع كل الشركاء والفاعلين تمكن من الاستجابة لتطلعات مختلف الفئات، وتأخذ بعين الاعتبار اختلاف وتعدد وضعيات استغلال وتدبير الأراضي الجماعية. كما يطمح هذا الحوار، يضيف البلاغ، إلى تثمين أحسن للرصيد العقاري الجماعي وجعله رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وتحسين ظروف عيش ذوي الحقوق وإدماجهم في مسلسل التنمية الشاملة . ويعالج هذا الحوار المكونات الرئيسية للأراضي الجماعية ، ويتعلق الأمر بالأراضي الجماعية المخصصة للأنشطة الفلاحية، والأراضي الجماعية المخصصة للرعي، والأراضي الجماعية الواقعة بالمناطق الحضرية وشبه الحضرية. ويعتمد هذا الحوار على منهجية ترتكز على تشخيص تشاركي للأوضاع القائمة ، ودراسة الإشكاليات والرهانات المطروحة ، وصياغة رؤية مستقبلية لتنمية وتثمين الأراضي الجماعية . وبالإضافة إلى الملتقى الوطني لانطلاق أشغال الحوار حول الأراضي الجماعية ، سيتم تنظيم خمسة ملتقيات جهوية بمشاركة فعاليات محلية وجهوية في كل من وجدة وإفران وورزازات ومراكش والقنيطرة ، وسيتوج هذا الحوار بملتقى وطني بالرباط لتقديم خلاصات وتوصيات الحوارات الجهوية ، وبلورة التوجهات الكبرى للإصلاحات المرتقبة . الشرقي الضريس الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، قال يوم الأربعاء بالرباط ، إن تثمين الأراضي الجماعية والحفاظ عليها وتسيير شؤون الجماعات السلالية، يتطلب تبني مقاربة خاصة بكل نوع من أنواع هذه الأراضي، وذلك باعتماد نظرة شمولية تحيط بكل المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لكل صنف من هذه الأراضي، وذلك حسب خصوصيات كل منطقة من مناطق المملكة. وأضاف الوزير في كلمة خلال لقاء أعطيت فيه الانطلاقة الرسمية للحوار الوطني حول الأراضي الجماعية، أن تناول موضوع الأراضي الجماعية في أفق إيجاد الصيغ الملائمة لحسن تدبيرها يجب أن يأخذ بعين الاعتبار اختلاف الحالات وتنوعها، مع الاعتماد على مبدأ التشاور مع كل الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع الهام . وتابع االضريس خلال هذا اللقاء الذي حضره وزراء ومنتخبون وفاعلون اقتصاديون واجتماعيون، أن هذا النهج يجب اتباعه بالنسبة للمقترحات والتوجهات التي ستنبثق عن هذا الحوار البناء والتي «يجب أن تتسم بالواقعية والقابلية للإنجاز على أرض الواقع ، آخذين بعين الاعتبار طموحات وانتظارات الجماعات السلالية بانسجام تام مع السياسات القطاعية الحكومية والتطورات التي يعرفها المجتمع المغربي». وتغطي الأراضي الجماعية، التي أطلقت وزارة الداخلية بشأنها حوارا وطنيا يوم الأربعاء بالرباط، مساحات شاسعة من التراب الوطني تقدر بحوالي 15 مليون هكتار ، لتشكل بذلك ثروة وطنية هامة محكومة برهانات كبرى تتعلق بمشاريع التنمية ، تماشيا مع الطلب والتنوع السريعين للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية . وحسب المعطيات التي قدمت بمناسبة إطلاق هذا الحوار، فإن استعمالات هذه الأراضي تتوزع إلى 12,6 مليون هكتار مخصصة للرعي ، ومليوني هكتار للفلاحة منها 300 ألف هكتار تهم الأراضي الواقعة بالمناطق الحضرية وشبه الحضرية ، وحوالي 100 ألف هكتار تهم الفضاء الغابوي والمحميات. ويقدر عدد الجماعات السلالية التي تعيش وسط هذه الأراضي بحوالي 4500 جماعة موزعة على 60 إقليما ، وينوب عنها 7600 نائب. ويتركز العقار الجماعي بشكل قوي في المنطقة الشرقية والجنوبية الوسطى من البلاد ، والنجود العليا ، والأطلس الكبير وهضبة الفوسفاط ، في حين تشكل الأقاليم الشمالية حالة خاصة نظرا لضعف تواجد الأراضي الجماعية بها . ويتم استغلال هذه الأراضي بصفة مباشرة من طرف الجماعات السلالية وفقا للأعراف والتقاليد ، حيث تبلغ هذه النسبة حوالي 98 بالمائة من الأراضي الجماعية ، مقابل فقط 2 بالمائة التي تديرها سلطات الوصاية لفائدة الجماعات عن طريق الكراء أو التفويت أو الشراكة. وتعتبر الأراضي الجماعية رصيدا عقاريا يساهم بطريقة مباشرة في الإنتاج الوطني ، نظرا لمساحته التي تغطي نسبة 40 بالمائة من مجموع الأنظمة العقارية بالمغرب ، وكذا لتواجده بنسبة مهمة بالمجالات الفلاحية ذات الجودة العالية ، بما فيها المناطق المسقية ، واحتوائه على موارد طبيعية ومعدنية متنوعة . وقد أضحت هذه الأراضي خلال العقود الأخيرة ، موضوع رهانات متعددة ، يتدخل فيها عدد من الفاعلين والشركاء (الجماعات السلالية وأعضاؤها ، الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمستثمرون الخواص ) . وترتبط هذه الرهانات وغيرها بالتطورات الهامة التي يشهدها المناخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، والتي يمكن إيجازها ، في دستور جديد يقر أساسا بجهوية موسعة كمدخل لإقامة حكامة ترابية جديدة ، وفي بروز هيئات تمثيلية جديدة للدفاع مصالح الجماعات السلالية وأعضائها ، وفي الانتقاد المتزايد للعديد من الضوابط والممارسات العرفية المرتبطة باستغلال وتدبير الأراضي الجماعية، وكذا تعدد وتضخم الصراعات والنزاعات بخصوص ملكية واستغلال الأراضي الجماعية . وبالعودة إلى التاريخ، فإن جذور الأراضي الجماعية تعود إلى عصور قديمة جدا ، وقد ظلت تشتغل حسب الأعراف المحلية لكل جماعة سلالية ، ومع بداية القرن الماضي تدخلت سلطات الحماية منذ سنة 1912 ، بإصدار نصوص قانونية لتنظيمها، توجت بإصدار ظهير 27 أبريل سنة 1919، والذي أدخلت عليه تعديلات وتغييرات كان آخرها سنة 1963. وحسب مشروع أرضية الحوار الذي عمم بالمناسبة، فإن أي إصلاح للأراضي الجماعية يبقى رهينا بالمعرفة العميقة للوضعية الحالية ، وبالحوار الصريح والمسؤول بين الفاعلين والمتدخلين.