«إنما يحكمون بالإعدام على نصاب، لأنهم يعتبرون أن النهب أشد من جريمة السرقة، لأن أي شخص من ذكاء متوسط يمكنه أن يحمي نفسه من السرقة باتخاذ بعض الاحتياطات، بينما الصدق يصبح بدون سلاح أمام محتال ذكي». العميد جوناتان سويفت (كاتب ايرلندي 1667 -1745) تتبع الرأي العام المغربي والقضاء على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية عن مبادة لإحدى الجمعيات في إطار ما يسمى بتعزيز رقابة المجتمع المدني على القضاء المتمثلة في نشر الأحكام القضائية المعيبة التي فيها لتبعة التأشير بالرشوة، أو التدخل من طرف السلطة السياسية أو من أي طرف آخر في الأحكام القضائية، مذكرا ثلاثة أنواع من الأحكام المعيبة وهي الأحكام المكتوبة بخط يد القضاة والتي يصعب قراءتها والتي عبر صاحبها بأنها تكتب بالأرجل، تم الأحكام غير الموجودة (الأحكام التي يتم نشرها والتعليق عليها من طرف المتخصصين شريطة أن يكون التعليق موضوعيا على اعتبار أن الأحكام القضائية عندما ينطق بها القاضي تصبح ملكا للعموم، بل الأدهى من ذلك أن المحامي المذكور صرح بأن الجمعية استشارت وزير العدل، الذي بارك الخطوة حسب تصريحه شريطة أخذ كامل الاحتياطات حتى لا يكون هناك تحامل على القضاة، مشيرا إلى أن هذا المشروع يحظى بدعم من قبل سفارة هولندا بالمغرب، ويهدف إلى ملاحظة أداء مختلف المحاكم والخدمات التي تقدمها، وذلك في إطار تفعيل توصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، وكذلك اقتراح توصيات بشأن تطوير أداء خدماتها، والحد من الرشوة والإقصاء، وتشجيع القضاة على إصدار أحكام جيدة والتنويه بذلك، وذلك عن طريق نشر بعض الأحكام المعيبة بعد دراستها والتعليق عليها من قبل خبراء قانونيين، وفي الوقت نفسه سينشر المشروع بعض الأحكام الجيدة التي تستحق أن يحتذى أخذا بالاعتبار، إذ أن المفروض في جميع الأحكام أن تكون جيدة تحترم الحقوق. واعتبر عبد اللطيف الشنتوف، الكاتب العام لنادي القضاة الذي يعتبر المحامي صاحب المشروع الذراع القوي الذي كان بجانب الزملاء في تأسيس هذا النادي حسب ما نشر في جريدة الصباح يوم 11/3/2014 العدد 4323، بأن نشر الأحكام دون انتقائية تفعيل للحق في المعلومة تاركا في تصريحه فراغا في موقف نادي القضاة حول أحقية هذا المشروع من عدمه دون اتخاذ موقف صريح وبناء باسم القضاة الذين يمثلهم وهو نفس موقف رئيس نادي القضاة في البرنامج التلفزي عن قناة ميدي 1 عندما طالب ممثل الودادية الحسنية للقضاة أن يعبر بكل وضوح عن موقف نادي القضاة من المشروع، فكان جوابه غير صريح ولربما هذا أمر طبيعي لأنه لا يمكن منطقيا أن يقع تناقض بين المساندين لهذه الجمعية (نادي القضاة) وأصحاب المشروع. وهو الموقف الذي نفض الغبار عليه أحد القضاة على صفحة الجرائد، والذي هو مستشار بالمحكمة الإدارية بالرباط وعضو جمعية عدالة ونادي القضاة والذي دافع عن فكرة صاحب المشروع بنفس العبارة أن ذلك يدخل في إطار الحق في المعلومة، ولا يتوقف على حكم قضائي، بل زاد أكثر من أصحاب المشروع بأن القضاء يصير قويا (وكأنه ليس كذلك) بتصحيح عيوبه بشكل علمي وسليم لأن الرقابة على العمل القضائي مسؤولية المجتمع المدني، والقضاء ليس شأنا خاصا بالقضاة حسب الأستاذ الهيني الذي استغرب سيادته غياب فكر البحث العلمي عند المنتقدين لفكرة نشر الأحكام، وطبعا دائما في إطار فكر نادي القضاة بأنه ليس هناك أي نص قانوني يمنع نشر الأحكام النهائية! لأن قيمة الحكم حسب اجتهاده لا تعترف بالجهة المصدرة له، وإنما بالمبادئ المكرسة، وبأن كل ذلك ليس من شأنه التأثير على مسار الحكم! وزاد من علمه الوافر بأن نشر الأحكام إنما هي محاكمة ( ولم يذكر ضد من) لظروف اشتغال القضاة وجميع أجهزة العدالة (وأسطر على هذه الكلمة الأخيرة). بل ومحاكمة القانون ذاته في عمليته التطبيقية، وفي تنزيلاته ( والمقصود منها أسمى قانون الذي هو دستور 2011) لأنه ربما هو الوحيد الذي هو بصدد التنزيل، وسيزيد هذا القاضي الإداري عضو نادي القضاة في تحليله العلمي الجديد بأن هذه المحاكمة تمتد جذورها إلى مساحة المقاربة والتحليل والدراسة إلى المشرع! والدفاع!، وكاتب الضبط، والخبير، والمفوض القضائي، ومستهلكي الخدمات القضائية، والمجتمع المدني والصحافة! بمعنى أن مشروع الرقابة في الحقيقة سيشمل كل مقومات الدولة ولم يذكر فقط الضابطة القضائية والسلطة التنفيذية، ربما لغاية في نفس يعقوب (انتهى تحليل القاضي الإداري). لكن الأمور سرعان ما اتخذت مسارا آخر عندما طلعت جمعية وهي الجمعية التي كان يرأسها صاحب المشروع ببيان توضيحي تقول فيه رئيستها أنه من خلال تتبعها للتغطيات الصحفية، لعدد من الجرائد، والمواقع الإلكترونية أن هناك مشروعا تقدمت به جمعية وصرحت (يطلق عليها) أي أنها نكرة في نظرها (جمعية حقوق وعدالة) أمام وسائل الإعلام والفاعلين وهو المشروع المتعلق بنشر الأحكام القضائية المعيبة. ونظرا لما أثار هذا المشروع من التباسات وانتقادات لدى الرأي العام ، وأساسا منه وسائل الإعلام، والفاعلين المجتمعيين الذين يتعاونون مع جمعيتنا، أو يتابعون عملها، والذين اعتقدوا أن الأمر يتعلق بجمعية عدالة، وأن مصدر الالتباس هذا أساسا نابع من كون الرئيس السابق لجمعية عدالة المحامي عبد العزيز النويضي هو الذي ينسق المشروع المذكور، بالرغم من معرفته التامة بأن عدالة تشتغل عن نفس المشروع منذ حوالي سنة ونصف مع اختلاف الأهداف (أية أهداف) وتبرأت رئيسة الجمعية من هذا المشروع الهادف إلى التربص بالقضاة وبالقضاء، وتخويل الجمعية دور الرقيب على القضاة الذي ليس من اختصاصها، معلنة تأسفها لموافقة وزير العدل، الشيء الذي يمس مبدأ الاستقلالية عن الجهات الحكومية، كأساس للمبادئ المعتمدة للمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان. وهي عبارات واضحة مؤدية إلى خلخلة مبادئ جمعيتها من طرف أصحاب المشروع محامين وقضاة النادي. يتبع في الصفحة الرابعة من الملحق