محرومون من أبسط الحقوق وفي مقدمتها الحق في التربية والتعليم، إنهم الأشخاص الذين يعانون الصمم، والذين تتعدد عناوين معاناتهم اليومية، العاجزون عن التواصل مع الباقي، الذين ينظر إليهم نظرات ازدراء من طرف البعض، ولايلقون اهتماما خاصا، يساهم في التخفيف عنهم من حدة المعاناة التي يتكبدونها، في المؤسسات الصحية، الإدارية، الاجتماعية وحتى الأمنية منها والقضائية. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 5 في المئة من سكان العالم مصابون بإعاقة فقدان السمع، أي حوالي 360 مليون شخص مصابون بإعاقة تفوق 40 ديسبل في أحسن الأذنين بالنسبة للكبار، و 30 ديسبل بالنسبة للصغار، ويوزع المصابون ما بين 328 مليون شخص راشد و 32 مليون طفل. أما بالنسبة للمغرب، فتشير التقديرات الرسمية إلى أن 4.1 في المئة من مجموع المغاربة يعانون من هذا الخلل الصحي، أي بمعدل مليون مغربي وأكثر، هذا في الوقت الذي وقف آخر إحصاء عام للسكان والسكنى الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط والذي يعود إلى سنة 2004، عند رقم 63 ألف شخص مصاب بالصمم، من بين 5.12 في المئة من مجموع من يعانون الإعاقة في المغرب بمختلف أنواعها. وأيا كانت الأرقام التي تظل تقريبية في غياب أرقام رسمية، وهي الأرقام التي ترتفع نسبها ومعدلاتها بدون شك بحسب الخبراء، فإن هاته الفئة تعاني في صمت وأمام تجاهل واسع من طرف القائمين على عدة قطاعات وزارية، ومؤسسات منتخبة، غير معنيين ببرامج للتكفل والاهتمام والعناية والدمج في المجتمع، في وقت أبانت التجارب الميدانية على قدرات واسعة لعدد مهم من الأشخاص الذين يعانون الصمم والذين بإمكانهم أن يعيشوا حياة طبيعية وان يكونوا قيمة مضافة لوطنهم لا عالة عليه، لكن في ظل وجود اهتمام ورعاية فعلية تترجم مضامين القوانين والتشريعات الدولية والوطنية، عوض أن تبقى مجرد تعابير على الورق، يجف مدادها ولاتنضب معاناة الصم أمام جمودها. * الدكتور خلوفي لحبيب التشخيص المبكر عامل أساسي للحفاظ على القدرة على السمع o هل نقص القدرة على السمع يعني الصمم ؟ n بداية أود أن أوضح بأن الأذنين هما عضوان رفيعا التخصص، يمنحان الإنسان القدرة على السمع والتوازن. وتتألف كل أذن من ثلاثة أقسام : الأُذُن الخارجية، وتضم الصيوان ومجرى السمع الذي هو قناة تنتهي بغشاء الطبل. الأُذُن الوسطى، وتتشكل من ثلاثة عظام صغيرة تعرف باسم العُظَيْمات السمعية. والأذن الداخلية. ويتكون الصيوان من غضروف يغطِّيه الجلد، حي وعلى عكس العظم، يمكن أن يتواصل نمو الغضروف مدى الحياة، وهذا ما يفسر أن الأذن عند كبار السن تكون أكبر منها عند صغار السن عادة. ويقوم الصيوان بتجميع الموجات الصوتية التي هي اهتزازات في الهواء، التي تدخل عبر مجرى السمع، وتصل إلى غشاء الطبل فيهتز، وينتقل الاهتزاز إلى العُظيمات السمعية الثلاثة في الأذن الوسطى، التي تنقل الاهتزاز بدورها إلى الأذن الداخلية، ثم تصل إلى عضو خاص في الأذن الداخلية يعرف باسم القوقعة التي لها شكل الحلزون، وتتحول الاهتزازات داخلها إلى إشارات كهربائية، حيث يقوم عصب اسمه العصب الثامن، بنقل الإشارات الكهربائية إلى الدماغ، وهناك يتم فهم الأصوات. وهناك جزء آخر من الأذن الداخلية مسؤول عن التوازن، حيث يحمل العصب الثامن إلى الدماغ أيضاً معلومات مسؤولة عن التوازن، ولهذا السبب تتلازم في كثير من الحالات مشاكل نقص السمع مع مشاكل التوازن. ويساعد وجود أذنين عند الشخص على معرفة مصدر الصوت، ذلك أن الموجات الصوتية تصل إلى الأذن الأقرب قبل وصولها إلى الأذن الأخرى. ويستطيع الدماغ تحديد مصدر الصوت، وإن كان الفارق أقل من ثانية واحدة. أما بخصوص نقص القدرة على السمع، فذلك يعني تقلص القدرات السمعية عند الشخص الذي يجد نفسه غير قادر على السمع بشكل جيد، فيغيب الانسجام والتواصل عند الحديث مع أفراد الأسرة والأصدقاء والجيران وغيرهم، وهو ما يتسبب له في الإحباط وفي تداعيات نفسية. وهناك فقدان السمع العابر الذي يكون نتيجة للإرهاق السمعي الذي يمكن استرداده بعد ساعات من الهدوء. أما الصمم فهو انعدام القدرة على سماع الأصوات بالمطلق. o ما هي الأسباب المؤدية إلى كليهما؟ n تتعدد الأسباب التي منها ما هو وراثي، ومنها ما هو مرتبط ببعض الأمراض، مثل التهابات الأذن المكروبية، أو الإصابة بالتهاب داء السحايا "المينانجيت"، الرضوض، تناول نوع معين من الأدوية، التعرض للضجيج المرتفع والصخب لمدة طويلة، التقدم في السنّ، أمراض الشرايين ... وهي الأسباب التي تتنوع وفقا لكل مستوى، ما بين الأذن الخارجية، أمراض الأذن الوسطى، ثم نقص السمع بالنسبة للأذن الداخلية. علما بأنه تجب الإشارة إلى أن هناك نوعين رئيسيين لنقص السمع، الأول يحدث عند إصابة الأذن الداخلية أو العصب السمعي، وفي هذه الحالة يكون نقص السمع عادة غير قابل للشفاء. أما الثاني فيحدث عندما تعجز الأمواج الصوتية عن الوصول إلى الأذن الداخلية، وقد يحدث هذا بسبب تراكم مادة الصِّملاخ «الشمع»، أو تجمع السوائل، أو بسبب تَمزق طبلة الأذن، وقد تتفاقم مشكلات السمع إذا لم يتم علاجها. o نلاحظ أن هناك حالات لأطفال يولدون وهم يعانون من الصمم، فهل لذلك مسببات أخرى؟ n بالفعل هناك حالات لفقدان السمع عند الأطفال منذ الولادة، وهي تشكل نسبة مهمة وقد تتطور إلى إعاقة كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل جدي، وهي تكون نتيجة لأمراض جينية، وأمراض كروموزومية، وكذلك نتيجة لأمراض أثناء فترة الحمل تصيب الأمهات. حالات تتطلب تشخيصا مبكرا حتى يتم علاجها ليتمكن الطفل من التمتع بانفتاحه على الأصوات ، لأنه يكون عرضة في حالة العكس، لعدم القدرة على النطق أيضا. o كيف يمكن التغلب على هذا المشكل؟ n يمكن التغلب على هذه الإعاقة ، وذلك من خلال الخضوع لتدخلات طبية جراحية متعددة، من أهمها زراعة القوقعة. o هل تعد هذه الجراحة كفيلة بتمكين المصابين من الاستفادة من نعمة السمع؟ n كفيلة بذلك إذا توفرت الشروط الضرورية، وهي متعددة، وفقا لكل حالة على حدة، تبقى للطبيب المختص صلاحية التقدير بشأنها، كألا تكون الأذن الداخلية مصابة بتحجر نتيجة للإصابة بداء التهاب السحايا "المينانجيت"، وفي هاته الحالة يمكن اللجوء إلى تدخلات جراحية أخرى. o ما هو السبيل لتجنب هذه المضاعفات بالنسبة للمواليد الجدد؟ n لتفادي الإصابة بفقدان السمع يتعين القيام بتدابير وقائية والتكفل بالحالات قبل وبعد الولادة. إذ يجب العمل على تجنب إصابة المرأة الحامل ببعض الأمراض كي لاتنتقل وتصيب أذن الجنين، كمرض الحصبة والحصبة الألمانية، داء المقوسات "toxoplasmos"، النكاف ... إلخ. ثم هناك التدخل الذي يكون ما بعد الولادة، وذلك من خلال التشخيص المبكر في قسم الولادة، وكذلك بعد إصابته بكل حمى كالتهاب السحايا أو أمراض الأذن والأنف والحنجرة. وعموما يتعين سواء بالنسبة للصغار أو الكبار، معالجة كل الأمراض التي تهم الأذن في بدايتها قبل أن تتحول إلى أمراض مزمنة وموجبة لعمليات جراحية لاتخلو من عواقب على السمع. o كيف هي وضعية هذه الإعاقة في المغرب؟ n وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 5 في المئة من سكان العالم مصابون بإعاقة فقدان السمع، أي حوالي 360 مليون شخص مصابون بإعاقة تفوق 40 ديسبل في أحسن الأذنين بالنسبة للكبار، و 30 ديسبل بالنسبة للصغار، ويوزع المصابون ما بين 328 مليون شخص راشد و 32 مليون طفل. أما بالنسبة للمغرب، فتشير التقديرات الرسمية إلى أن 4.1 في المئة من مجموع المغاربة يعانون من هذا الخلل الصحي. o ما هي التدخلات العلاجية الممكنة لمعالجة نقص السمع؟ n تعتمد التدخلات العلاجية لنقص السمع على معرفة السبب، ويمكن معالجة العدوى بالمضادات الحيوية. كما يمكن معالجة وجود ثقب بغشاء الطبل وتصلب العظيمات السمعية عن طريق الجراحة. بالإضافة إلى ذلك يمكن إزالة الحواجز التي تغلق مجرى السمع، ويجري هذا باستخدام مسبار خاص صغير ومنظار أذن أو مجهر. وقد تستخدم أجهزة تقوية السمع لزيادة شدة الصوت والحد من الضجيج المحيط. وهناك مساعدات سمعية توضع داخل مجرى السمع الخارجي، ولا تظهر للعيان. قد تساعد المساعدات السمعية المزروعة أو القوقعة عندما لا تفيد المساعدات السمعية الخارجية، وتنقل أجهزة السمع المزروعة والقوقعات الموجات الصوتية مباشرة إلى العصب الثامن أو إلى جذع الدماغ. وتكون الجراحة ضرورية في هذه الحالة. o من هم الأشخاص الذين بإمكانهم الاستفادة من أجهزة تقوية السمع؟ n الأشخاص الذين يعانون من نقص في السمع بفعل مرض الأذن الداخلية، المسنون، في حالة نقص السمع الناتج عن حوادث التعرض للصخب والضجيج القوي والمزمن، المصابون بتشوهات خلقية للأذن الوسطى ...الخ. o كم تبلغ الكلفة المادية لهذه الأجهزة ولباقي التدخلات العلاجية؟ n تختلف الكلفة المادية لهاته الأجهزة باختلاف التكنولوجيات المستعملة وشكلها، وكذا مواضع تواجدها سواء خارج الأذن أو داخلها، وعموما فهي تتراوح قيمتها ما بين 2500 و 20 ألف درهم. أما العلاج بالأدوية فكلفته المادية ليست مرتفعة لكونه يعتمد على المضادات الحيوية، ومضادات الالتهابات، وبعض القطرات ...، في حين يكون التدخل الجراحي مكلفا كما هو الحال بالنسبة لفقدان السمع القوي العميق الذي يتطلب زراعة القوقعة التي تتراوح كلفتها ما بين 20 و 30 مليون سنتيم دون احتساب كلفة العملية والترويض ...الخ. * طبيب مختص في جراحة الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى محمد بوافي * الدكتور مراد زهيري الرضع والأطفال أكثر عرضة لالتهاب الأذن الوسطى o ما معنى التهاب الأذن الوسطى، وهل هو حكر على الأطفال فقط؟ n يتم الحديث عن التهاب الأذن الوسطى حين تصبح القنوات داخل الأذن مسدودة بالسوائل والمخاط، مما قد يؤثر في حاسة السمع، لأن الأصوات لا تستطيع العبور من خلال تلك السوائل كلها. ويصاب ثلاثة أرباع الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى مرة واحدة على الأقل قبل بلوغهم سن الثالثة، وإذا لم يعالج فإنه يمكن أن يؤدي إلى نقص سمع دائم، كما يمكن أن تنتقل العدوى من الأذن الوسطى إلى الدماغ. ورغم أن هذا المرض يصيب الرضع والأطفال، إلا أنه يصيب البالغين أيضا. وإذا لم يكن الطفل قادرا بعد على الكلام، فلابد من البحث عن علامات الالتهاب، ومن بينها شدّ الطفل لأذنه بقوة، البكاء أكثر من المألوف، وجود سيلان من الأذن، النوم القلق، صعوبات التوازن ... وتختفي عدوى الأذن من تلقاء نفسها غالبا، لكن الطبيب قد يوصي بتناول مُسكنات الألم، وقد تتطلب الحالات الحادة وحالات الأطفال الرضع تناول المضادات الحيوية. كما يمكن أن يحتاج الأطفال الذين يصابون بعدوى متكررة، إلى عملية جراحية لزرع أنابيب دقيقة داخل الأذن، التي تقوم بتخفيف الضغط داخل الأذن ، بحيث يستطيع الطفل أن يسمع من جديد. o متى تصاب الأذن الوسطى بالالتهاب؟ n يبدأ التهاب الأذن الوسطى غالبا بعد عدوى تسبب ألما في البلعوم أو زكاما أو أية مشكلة تنفسية علوية تنتقل إلى الأذن الوسطى. ويمكن أن ينجم الالتهابُ عن فيروسات أو جراثيم، إذ تصل الجراثيم إلى الأذن الوسطى عبر النسيج الذي يبطّن «نفير أوستاش» ، وهو قناة السمع التي تصل ما بين الأذن الوسطى والبلعوم ، فتسبب العدوى التي تؤدي إلى تورم الأذن الوسطى وانسداد هاته القناة. كما نتحدث عن هذا المرض عندما تقاوم الكريات البيضاء في الدم العدوى، فتهاجم وتقتل الجراثيم، ويموت بعضها فيتشكل القيح في الأذن الوسطى. وكذا عندما يتجمع السائل في الأذن الوسطى، لأن ذلك يؤثر في حركة غشاء الطبل والعُظَيمات السمعية. ومع تقدم المرض، يعاني الطفل المريض من آلام شديدة، ويؤدِّي تزايد السائل في جوف الأذن الوسطى إلى الضغط الشديد على غشاء الطبل، مما يقود إلى تَمزقه. o لماذا يصاب الأطفال بكثرة بهذا المرض؟ n هناك ثلاثة أسباب تفسر كثرة إصابة الأطفال بالتهاب الأذن الوسطى قياسا إلى الكبار، إذ يعاني الأطفال من مشكلة في مقاومة العدوى، لأنّ جهازهم المناعي المسؤول عن مكافحة الجراثيم في الجسم يكون غير مكتمل. كما أن قناة السمع «نفير أوستاش» عند الطفل، هي أقصر من تلك المتوفرة عند الشخص البالغ وأكثر استقامة. فضلا عن كون الناميات "الجلود" عند الأطفال أكبر مما هي عند البالغين، وضخامة الناميات يمكن أن تعمل على تضييق فتحة النفير. o هل لذلك أية مضاعفات؟ n لا يسبب التهاب الأذن الوسطى ألما حادا فقط، بل يمكن أن يسبب نقصا دائما في السمع أيضا إذا أدى الالتهاب وضغط السائل إلى تمزق غشاء الطبل. وإذا لم يعالج التهاب الأذن الوسطى، فإنه يمكن أن ينتقل من الأذن الوسطى إلى الأجزاء المجاورة من الرأس، بما في ذلك الدماغ، مع ما لذلك من مضاعفات أشد خطورة. يمكن أن يعاني الطفل الذي يتكرر لديه التهاب الأذن من نقص سمع في مرحلة هامة من حياته، فالطفل الذي لا يسمع جيدا لا يمكنه أن يتعلم الكلام ونطق الأصوات المختلفة، وقد يصبح معاقا من حيث النطق أو اللغة. o كيف يمكن الوقاية من التهاب الأذن الوسطى؟ n توجد العديد من الأمراض المعدية التي يمكن أن تسبب التهاب الأذن الوسطى، لذا وجب على الطفل الذي لديه الاستعداد للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى تجنب التواصل مع أقرانه المرضى بأمراض معدية. إلى جانب ذلك فإن الأطفال الذين يعيشون مع مدخنين يكونون أكثر عرضة للإصابة من الأطفال الذين يعيشون في بيئة خالية من دخان السجائر، فالطفل الذي لديه استعداد للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى يجب ألا يتواجد في أماكن فيها دخان سجائر. من جهة أخرى يكون الرضع الذين يشربون الحليب من الزجاجة وهم مضطجعون، أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الأذن الوسطى مقارنة بمن يشربون الحليب بالإرضاع الطبيعي. o كلمة أخيرة؟ n التهاب الأذن الوسطى هو مرض واسع الانتشار، يصيب الأطفال بشكل رئيسي، ويعالج بالمضادات الحيوية عادة، وفي بعض الأحيان يحتاج الأمر إلى تدخل جراحي بسيط. ومن المهم بعد المعالجة، عيادة الطبيب من جديد وذلك للتأكد من زوال الالتهاب. كما انه يتعين معرفة أعراض التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال قبل أن يسبب الالتهاب ضررا خطيرا على سمع الطفل. وبفضل التقدم الطبي، يمكن تشخيص التهاب الأذن الوسطى ومعالجته بسهولة، وهذا يمكن الأطفال من تطوير مهاراتهم السمعية واللغوية بشكل طبيعي. * طبيب عام