أكد المتدخلون في ندوة حول «الحق في الولوج إلى المعلومة والأدوار الجديدة للصحفي»، نظمت الثلاثاء بالرباط، أن ضمان فعالية القانون المرتقب إخراجه إلى حيز الوجود تفعيلا للفصل 27 من دستور 2011، رهينة بتعديل عدد من النصوص القانونية التي تتضمن مواد تتنافى وإمكانية تفعيل هذا الحق، وكذا توفير الموارد المادية والبشرية المؤهلة لضمان تنزيله على الوجه الأمثل. ودعا المتدخلون في هذه الندوة، التي نظمتها جمعية خريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال، إلى استحضار الرهانات التي قد تحول دون الخروج بقانون فعال للحق في الولوج إلى المعلومة، بما يضمن، بالفعل، تمتع المواطنين عامة والصحفيين على وجه الخصوص بهذا الحق الذي يعد أحد ركائز الممارسة الديمقراطية. وأكد عضو المكتب التنفيذي لجمعية «ترانسبارانسي المغرب» عبد الله حرسي، في هذا الصدد، على ضرورة أن يتضمن القانون المرتقب عبارة تقول «إن لهذا القانون الأولوية على باقي النصوص القانونية الأخرى»، بما يمكن من تفادي التنافي مع عدد من المقتضيات القانونية الأخرى. وأبرز حرسي، في هذا الإطار، ضرورة ملاءمة جميع النصوص التشريعية التي تقيد الحق في الولوج إلى المعلومة، موضحا أنه يجب، على سبيل المثال، تعديل الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية الذي يلزم كل موظف بكتم سر المهنة في كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعلمها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها». وقصد ضمان تنزيل أمثل للقانون المرتقب، دعا حرسي إلى تأهيل الإدارة والهياكل والموارد البشرية والمالية وجعلها قادرة على استقبال المواطنين الراغبين في الحصول على المعلومة، مشددا على ضرورة أن يكون الشخص المكلف بتسهيل الحصول على المعلومة بدوره على علم بمختلف المعلومات التي تملكها إدارته، قبل أن يبرز الحاجة إلى بنية متكاملة للاستقبال وليس لشخص واحد فقط. من جهته، أكد مدير عام الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، جمال الدين الناجي، أنه «لا يجب أن نخرج قانون الحق في الولوج إلى المعلومة فقط لتزيين الصورة ليقال إننا بلد ديمقراطي، وإنما يجب الحرص على أن يكون له وقع على أرض الواقع، وبما يمكن المواطن العادي في مناطق بعيدة من الحصول على المعلومات بيسر». واعتبر الناجي أنه «حين نبلغ المستوى الذي تكون فيه المعلومات متاحة لعامة المواطنين، فإن ذلك سيرقى بدور الصحفي الذي لن يقتصر على البحث عن المعلومات ونشرها، وإنما سيتجاوز ذلك إلى إنجاز التحقيقات ومساءلة الأطراف المعنيين بمعلومة ما، وهو ما يشكل المهمة الحقيقية التي يتعين على الصحفيين الاضطلاع بها». وأقر الخبير الدولي في مجال الإعلام والاتصال، بالمقابل، على أن التنزيل الفعلي للقانون الذي ينظم الحق في الولوج إلى المعلومة سيتطلب وقتا ويتعين أن يتم بشكل تدريجي، في أفق الإرساء لثقافة ديمقراطية حقيقية على مستوى المجتمع وبما يضمن عدم استخدام المعلومات المحصل عليها بشكل يتنافى مع المواثيق المتعلق بحقوق الإنسان والأخلاقيات ذات الصلة بتداول المعلومة. أما رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث في الإعلام وحقوق الإنسان، علي كريمي، فقدم في مداخلته لمحة تاريخية عن تطور مفهوم الحق في الولوج إلى المعلومة الذي يعد من بين الحقوق الجديدة نسبيا، ويرتبط ارتباطا وثيقا بالحق في الإعلام. واستعرض كريمي أبرز الاتفاقيات الاجتهادات القضائية الدولية، وكذا النصوص القانونية الوطنية التي تطرقت لهذا الحق، وعلى رأسها دستور 2011 الذي ينص، بالخصوص، على أنه «للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام». وتم خلال هذا اللقاء تكريم الدفعة الأولى لخريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال لسنة 1970، التي ساهمت، حسب الجهة المنظمة، في «إغناء المشهد الإعلامي المغربي بعد أربعين سنة من العطاء»، حيث سلمت لخريجي الدفعة الأولى ال14 هدايا تحمل شعار الجمعية. وحسب كلمة ترحيبية للجمعية بالمناسبة، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتكريم لمسارات هؤلاء الخريجين فحسب، وإنما بعرفان لما قدموه ويقدمونه في تواضع وهدوء للمشهد الإعلامي بالمملكة، ولما أسدوا من خدمات جليلة في مجال التكوين. وحسب الجهة المنظمة أيضا، فإن هذا اللقاء، الذي يشكل باكورة أنشطتها، هو فرصة لتسليط الضوء على هذا الحق الدستوري في أبعاده الشمولية والمتكاملة انطلاقا من التصور الحقوقي والسياسي إلى واقع الممارسة المهنية وملامسة التجارب المقارنة، فضلا عن فتح النقاش حول الأدوار الجديدة لمعاهد التكوين وضرورة معالجة البرامج والمقررات الدراسية وإعادة تشكيل دور الصحفي بما يتماشى مع ضرورة وصول المعلومة للجمهور العريض. يشار إلى أن جمعية خريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال تأسست في شهر نونبر 2013، وتهدف إلى أن تكون قوة اقتراحية في النقاشات والمبادرات المرتبطة بقضايا الإعلام والتواصل، علاوة على وضع خبرة وتجربة أعضاء الجمعية رهن إشارة المعهد والمؤسسات المماثلة بهدف تطوير التكوين في مجالي الإعلام والتواصل. كما ترغب الجمعية في عقد شراكات مع الجمعيات والمؤسسات الوطنية والأجنبية ذات الأهداف المشتركة، وربط جسور التعاون والتضامن بين جميع أجيال خريجي المعهد. وتعتزم الجمعية المساهمة من موقعها في تنمية خبرات هؤلاء الخريجين من خلال دورات تكوينية في مجالي الإعلام والتواصل، فضلا عن مساعدة الخريجين الجدد على الانخراط السلس في ميدان الشغل، كما ستنكب على تنظيم ندوات علمية وأنشطة ثقافية وترفيهية بغية تمتين روابط الأخوة بين كافة خريجي المعهد. (و.م.ع)