علمت الجريدة أن وزير الصحة الحسين الوردي أقدم على توقيف طبيب جراح للعظام والمفاصل الدكتور مصطفى المنصوري، والممرض المتخصص في التخدير و الإنعاش محمد الصح، وذلك نظرا لممارستهما المشينة واللاأخلاقية، وفق بلاغ رسمي لوزارة الصحة في الموضوع. وأحال وزير الصحّة، الذي استنكر ما قاما به ، واصفا إياه ب"الممارسات اللا أخلاقية التي تسيء إلى كل مهنيي الصحة، أطباء وممرضين وإداريين، والتي تخضع المواطنات والمواطنين لعملية ابتزاز فظيعة"، وأحالهما على المجلس التأديبي، ليتخّذ في حقهما العقوبات الصارمة الملائمة . وجاء هذا التوقيف بعد أقل من أسبوع على زيارة لجنة تفتيش لمستشفى محمد الخامس بطنجة ، بأمر من وزير الصحة وذلك بعد أن انفجرت بطنجة فضيحة الشهادة الطبية المزورة التي أنشأها الطبيب الموقوف والتي أدلى بها أحد الأعضاء المطرودين من تعاونية الأمل للجزارين بطنجة، ضد مدير التعاونية وبعض أعضاء مكتبها الجديد، وذلك على خلفية نزاع حصل يوم 05/07/2013 بمناسبة انعقاد الجمع العام لهذه التعاونية. وتعود تفاصيل هذه القضية التي انفردت "الاتحاد الاشتراكي" بنشرها إلى يوم 05 يوليوز 2013 حين انعقاد الجمع العام العادي لتعاونية الأمل للجزارين ، إذ حاول ثلاثة أعضاء سابقين بالتعاونية، لم تعد لهم صفة متعاونين نظرا لطردهم منها سنة 2011 على خلفية ضلوعهم في اختلاسات وتبديد أموال التعاونية وتزوير محاسبتها ...، اقتحام مقرها باستعمال العنف بعد أن منعوا من الدخول لانعدام الصفة لديهم، غير أن محاولة الاقتحام باءت بالفشل ليدعي أحد المهاجمين بعد حضور شرطة النجدة أنه تعرض للضرب والجرح من طرف مسؤولي التعاونية، وعزز ادعاءه في ما بعد بشهادة طبية صادرة من مستشفى محمد الخامس بطنجة بتاريخ 09/07/2013 ومذيلة بتوقيع الطبيب جراح العظام مصطفى المنصوري ، حددت فيها مدة العجز الكلي المؤقت في 120 يوما وحددت الأضرار في كسور وفك في الكتف الأيمن والحوض وارتجاج في الدماغ، إضافة إلى جروح ورضوض مختلفة ومتعددة. غير أن تعاونية الأمل للجزارين طعنت في هذه الشهادة واعتبرتها مزورة ومتضمنة لبيانات كاذبة، اعتبارا حسب قوله لعدم وقوع أي حادث عنف يوم 05/07/2013 ، وذلك بعد أن قامت بتحريات دقيقة وحصلت على وثائق وحجج تثبت وقوع تلاعبات خطيرة في مضمون الشهادة الطبية وفي شكلياتها القانونية معتبرة إياها باطلة مزورة، وتقدمت يوم 03 أكتوبر 2013 ، بشكاية إلى الوكيل العام للملك باستئنافية طنجة بالتزوير ضد الطبيب جراح العظام مصطفى المنصوري وضد مستعمل الشهادة الطبية وكل من يثبت تورطه في التزوير من قريب أو بعيد في عملية التزوير .... وفي نفس السياق بعثت تعاونية الأمل للجزارين بشكاية إلى وزير الصحة والمجلسين الوطني والجهوي - الجهة الشمالية الغربية- لهيئة الأطباء الوطنية بالمغرب مطالبة بفتح تحقيق دقيق في الموضوع وترتيب الآثار القانونية على ذلك ، واختتمت التعاونية هذه الشكايات ب: "ولأجل ذلك ولأجل كل ما تمت الإشارة إليه نلتمس من جنابكم و بكل احترام إجراء تحقيق وبحث دقيق وموضوعي في مضامين شكايتنا هذه و ترتيب الآثار القانونية على ذلك، حفاظا على سمعة مؤسسات الدولة المغربية وعلى رأسها وزارة الصحة المغربية ومؤسساتها الإقليمية والجهوية والوطنية، وحماية لشرف مهنة الطب، وإنصافا للمتضررين من هذا السلوك الإجرامي الجبان" . وتحول موضوع هذه الشهادة الطبية و النزاع القضائي المرتبط بها إلى موضوع رأي عام محلي ما لبث أن تحول إلى وطني بعد صدور عدة بيانات استنكارية من عدة مؤسسات رسمية وحزبية ونقابية وجمعوية، والتي استنكرت كلها واقعة تزوير هذه الشهادة الطبية من أجل تضليل العدالة والمس بمواطنين أبرياء. وعبرت عن تضامنها الكامل والمطلق مع المستهدفين بهذه الشهادة الطبية، داعية كل الجهات المختصة والمسؤولة إلى فتح تحقيق نزيه وشفاف وجدي وفوري في هذه النازلة. وعلاقة بالموضوع كان وكيل الملك بابتدائية طنجة قد أحال مستعمل الشهادة الطبية على خبرة ثلاثية أسند القيام بها لمندوب وزارة الصحة بطنجة، غير أن المعني رفض الخضوع للكشف بالأشعة وامتنع عن الاستجابة لطلب لجنة الخبراء في مرحلة أولى، ليقرر وكيل الملك إحالته من جديد على نفس اللجنة والتي خلصت في تقرير خبرتها المنجزة يوم 10 دجنبر 2013 ، إلى أن مدة العجز {120 يوما} مبالغ فيها وأنه لم يكن هنالك ما يستدعي إجراء عملية جراحية بالكل، ولم تستطع اللجنة أن تحسم في تاريخ بعض الكسور التي أوضحها الفحص موصية بإحالة ملف الخبرة على جهة متخصصة بالرباط أو البيضاء ... وجدير بالذكر أن جهات ضغط مختلفة حاولت التستر على موضوع هذه الشهادة الطبية المزورة لدى الجهات المخولة والمختصة، وتلكأت عدة جهات معنية بالبحث في الموضوع في القيام بالبحث بشكل جدي على أمل طمس القضية والالتفاف حولها ، غير أن تحول الموضوع إلى قضية رأي عام منع ذلك لحد الآن ... وبموازاة مع الخبرة السالف ذكرها وبناء على الشكايات الموجهة لوزير الصحة، حلت لجنة تفتيش مركزية من الوزارة بطنجة يوم الثلاثاء 17 دجنبر 2013 للوقوف على حيثيات وتفاصيل الموضوع ، لتقف على فضائح مدوية وخروقات هائلة بخصوص هذا الملف وعلى حجج دامغة تؤكد وقوع تلاعبات خطيرة بخصوص هذه الشهادة الطبية بعد أن استجوبت كل الحاضرين يوم 05/07/2013 ، وأخذت صورا من ملف القضية إلى الوزارة لعرضها على البروفسور الوردي الذي كان قراره الأولي توقيف مصطفى المنصوري الطبيب جراح العظام والمفاصل والممرض المتخصص في التخدير والإنعاش عبد الكريم الصح وإحالتهما على المجلس التأديبي بناء على المادة 55 من قانون مزاولة الطب بالمغرب، في انتظار القرارات الأخرى المرتبطة بالتزوير وتضمين شهادة طبية وقائع غير صحيحة . ويأمل المتتبعون لهذا الموضوع والمتضررون من استعمال هذه الشهادة الطبية أن تأخذ الجهات المختصة الأخرى المعنية هذا الملف بالجدية والحزم المناسبين لخطورة الموضوع على غرار ما قام به وزير الصحة.