فجّر الفريق البرلماني لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المغرب نقاشا حول تدبير قناة «ميدي 1 تيڤي» العمومية، في رسالة وجهها، أخيرا، عن طريق البرلمان للمجلس الأعلى للحسابات، مطالبة بتدقيق التدبير المالي للقناة ومراقبة نفقاتها وطرق صرفها. واتهمت الرسالة، وفق ما جاء في مقال ل«الحياة» اللندنية المدير العام للقناة بارتكاب اختلالات تدبيرية في صفقات التعاقد مع شركات مُزوّدة للقناة، فضلا عن استغلاله الشخصي لنفقات في فنادق بمبالغ خيالية، في تجاوز للقانون. هذه الاتهامات، ردت عليها القناة، في بلاغ عممته على الصحافة، نافية التهم التي وجهتها إليها الكتلة النيابية. بل، وذهب المدير العام للقناة إلى حد تهديد منابر إعلامية وطنية بالمتابعة القضائية، لكونها روّجت ل «اتهامات باطلة». ويأتي هذا الجدال، وفق مراقبين، في سياق رغبة الحكومة في إخضاع القناة لدفاتر شروط مماثلة للقنوات التلفزيونية الأخرى (القناة الثانية، وقنوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة)، تكريسا للشفافية في التدبير الإداري والمالي للقناة، وترسيخا للوضوح في تعاملها مع شركات الإنتاج. هذا التوجه يرى فيه بعضهم، يقول مراسل «الحياة» اللندنية بالرباط، محاولة من الحزب الحاكم للسيطرة على القناة، التي أبّدت مسافة من أنشطته. بينما يرى فيه آخرون محاولة لإلزام القناة بدفاتر شروط مرتقبة بعيدا مما هو سياسي؛ بما أن القناة ملزمة بالتقيد بالقانون، ويجب ألا تشكل نشازا في المشهد التلفزيوني المغربي، فهي مطالبة بالخضوع للشروط التنافسية ذاتها التي تخضع لها القنوات الأخرى في تعاملاتها التدبيرية والإنتاجية، لا سيما مع قرب انتهاء دفاتر الشروط الأولى مطلع السنة المقبلة. الجدل حول قانونية تعاملات القناة يبدو أنه يغطّي على نقاش آخر يتعلق بجودة البرامج المقدمة من طرف القناة، ومدى تقبلها عند المشاهدين، في ظل تأخر الإعلان عن نسب مشاهدة «ميدي 1 تيڤي» حتى الآن. ففي الوقت الذي يرى فيه بعضهم أن البرامج المقدمة، ذات توجه جماهيري تسعى من خلالها القناة إلى اكتساب نسب مشاهدة عالية، بالنظر لحداثة تجربتها مقارنة بالقنوات التلفزيونية الأخرى، يرى آخرون بأنها برامج تتفاوت بين الجيّد والعادي جدا، بل إن بعضها يمكن تصنيفه في خانة الشعبوي؛ ما يفسر اعتبار بعضهم أن القناة تُحاول أن تطرح نفسها بديلا للقنوات الأخرى التي تآكلت شعبيتها. الصراع الخفي بين الحكومة وقناة «ميدي 1 تيڤي»، تضيف الصحيفة، ينذر بمسلسل مثير في الأيام المقبلة، ستتحول فيه المعركة إلى ما يشبه ما عرفته القنوات الأخرى مع وزارة الاتصال، في سياق إعداد دفاتر الشروط. وهو صراع يمكن أن يَحسم فيه المجلس الأعلى للحسابات، في حال تفعيل التوصية بمراقبة القناة للكشف عن طرق تدبيرها للمال العام، ليميط بذلك اللثام عن حقيقة الاتهامات بتعاملات تفضيلية من مسؤولي القناة لشركات إنتاج. وهي ورقة يمكن أن يستعملها هذا الطرف في مقابل الآخر في سياق دفاعه عن توجهاته: الحكومة في رغبتها في إلزام القناة بالخضوع لدفاتر شروط جديدة، والقناة في رغبتها في هامش استقلالية بعيدا من مراقبة الوزارة الوصية.