استجابة لنداء الرحمة ونداء القلب الذي أطلقته جمعية »البركة أنجلز «أو » ملائكة الرحمة، وهي جمعية أنشأت خصيصا للعمل في المجال التضامني الإنساني مع ضحايا التهميش والفقر والحاجة أساسا إلى التمدرس بالنسبة لأطفال الأطلس المتوسط خاصة منطقة أنفكو بنواحي مدينة ميدلت، تتواصل عمليات التضامن مع أطفال المغرب العميق، فقد قدم المهدي بن عبد الجليل، مؤسس جمعية » البركة أنجلز « مشروعه الإنساني خلال ندوة صحفية بأحد فنادق مدينة فاس، حيث تم التذكير بالمبادرات الإنسانية التي قامت بها الجمعية منذ تأسيسها في الجماعتين القرويتين وادي إيفران وسيدي المخفي، والمتمثلة في توفير العديد من مستلزمات الحياة والعيش اليومي لسكان هذه المنطقة، كما تم تقديم منجزات الجمعية خاصة على مستوى توفير الأغطية والمواد الغذائية وكذا إعادة بناء وترميم المنشآت المدرسية هناك، كما كانت الندوة مناسبة لتقديم الكليب الغنائي »»أطفال الجبال« «الذي شارك فيه مجموعة من الوجوه الفنية البارزة، ضمت باري وصوفيا مستاري، الشاب قادر، سعيدة شرف، آش كاين، حاتم إيدار، جوديا، أسماء المنور، سعد المجرد، مريم سيف، أمير علي، أنس شليح، نبيل بن عبد الجليل ومحمد منجرة...، وذلك من أجل إعطاء دينامية أكبر لهذا المشروع التضامني، ودفعة معنوية ومادية تستجيب للحاجة الأولى لسكان القرى المعزولة وخاصة فئة الأطفال التي تعد الحلقة الأضعف في هذه العملية. وبالفعل استجاب حوالي ستة عشر فنانا وفنانة بلغات مختلفة، همت العربية والأمازيغية والحسانية والفرنسية، ليبدأوا العمل على بأوبيريت غنائي حملت عنوان »أطفال الجبال«، التي من المرتقب أن تطرح في السوق على شكل »دي في دي«، وتنشر على عدد من المواقع الاجتماعية حتى تصل إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور. هذه المبادرة وغيرها من المبادرات الإنسانية لأطفال قرية أنفكو والمناطق الجبلية التي تعاني الهشاشة والتهميش، جاءت بعد الحادث المؤلم الذي انتشر على صفحات الموقع الاجتماعي »فيسبوك«، والذي لقي على إثره أربعة أطفال رضع في مناطق (أنفكو، ودواري أغدو أيت بوعربي) في جبال الأطلس بسبب البرد القارس وانخفاض درجات الحرارة، واستنفر العديد من المبحرين لتصل الفكرة إلى آذان وقلوب عدد من الجمعيات التي جعلت من هذا الحادث رهان عملها من أجل التحسيس بواقع مرير مازال يلوح بظلاله في مغرب اليوم، ومازال يلقى كل اللامبالاة من قبل المعنيين بتوفير أبسط ظروف العيش لساكنة هذه المنطقة وساكنة الكثير من الدواوير والقرى المغربية التي تعيش تحت نفس وطأة البرد والجوع والحاجة الماسة إلى أبسط ظروف العيش والحياة. لأجل كل هذا عملت جمعية » البركة أنجلز « على تفعيل الروح التضامنية لدى المسؤولين لجعل الجميع ينخرط في هذا المشروع. ويحمل هذا العمل الفني رسائل واضحة وتثير الانتباه إلى خطورة وصعوبة الوضع في المناطق الجبلية خاصة مع اقتراب موسم البرد والشتاء والثلوج، والتي تحكم على عدة مناطق من الأطلس بالعزلة وتقطعها عن العالم الخارجي، بحيث تعاني هذه المنطقة التي يوجد بها نحو 46 دوارا من عزلة شبه تامة خاصة خلال فصل الشتاء، وتنعدم في القرى المحيطة المصالح الطبية. فأغلب المصحات العمومية مغلقة، بحيث يخشى سكان المنطقة أن يرتفع عدد ضحايا البرد القارس والذي تجاوز 26 طفلا رضيعا، خلال سنة 2007، إذا لم تتدخل الجهات المختصة لاتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة، حيث فصل الشتاء يتحول بهذه المنطقة إلى سجن كبير مفتوح على السماء لكنه مغلق على الأرض، لا يدخل إليها أحد ولا يخرج، لمدة خمسة أشهر كاملة، من دجنبر حتى أبريل، حيث يغلق السكان على أنفسهم في بيوتهم الطوبية، ويلتفون حول النار تدفئهم في الليل والنهار، اتقاء شر البرد المميت، المنبعث من تحت الثلوج التي تغطي كل شيء، بما فيها بيوتهم، ويبقى المرضى منهم ينتظرون الموت بصبر غير منظور. الناس مصابون هنا بأمراض الربو والروماتيزم والتيفويد، وأخرى لا يعرفونها تقضي عليهم، في هذا السجن المفتوح هناك الوسخ والفقر والجوع، لا أحد يستطيع أن يغسل جسده أو ثيابه، أما المأكولات فلا تتعدى الشاي وشيئا يشبه الخبز للفقراء، ويتعداها الأغنياء منهم إلى شواء لحم الماعز أو الأغنام مما يملكون، ويبقون على هذه الحال إلى أن تذوب الثلوج وتظهر الطريق التي خطوها بأرجلهم وحوافر بغالهم. وإن خرجوا قريبا أو بعيدا، فإن لا أحد يأمن على نفسه الرجوع، تماما كما وقع لزايد أوحدوش الذي خرج ولم يعد، ثم وجدوه ميتا بعد 18 يوما وقد غطاه الثلج.