في رفض التفقير الاجتماعي لا يمكن للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أن يلتزم الصمت، والحال أن الحكومة تجهز، تباعا، على كل المكتسبات الاجتماعية التي راكمتها الطبقات الشعبية بكفاحها وبدعم من القوى الحية في البلاد طوال سنوات طويلة. كما أنه لا يمكن لحزب القوات الشعبية أن يراهن على يقظة الضمير الحكومي، بعد أن تبين بالملموس أن الهم الأساسي لدى الحاكمين فيه هو تنفيذ التوصيات التفقيرية التي جاء بها صندوق النقد الدولي. والاتحاد الذي حذر، منذ أول قانون مالية تقدمت به الأغلبية السابقة، من المآل الخطير الذي ستدخله بلادنا بالامتثال إلى صندوق النقد الدولي، مدرك تمام الإدراك أن السيادة المالية والاقتصادية رهينة اليوم لدى المؤسسات المالية، وأن نتائج ذلك ستكون على حساب المواطنين والمواطنات. وقد بدأ المسلسل التراجعي بخطاب تطميني، وأحيانا استنكاري تبناه رئيس الحكومة «يبشر» فيه بأن ظروف الثمانينيات من القرن الماضي، التي قادت الى التقويم الهيكلي، ليست هي ظروف اليوم، ولكنه قام بكل ما يجب لكي يعيد إنتاج هذه الظروف، وسياساتها التي تهدف إلى التفقير الممنهج لهموم فئات الشعب المغربي. وقد ضربت الحكومة الحالية الرقم القياسي في الزيادات، في زمن قياسي هو بدوره. والمحصلة الفظيعة هي أن كل الفئات اليوم تشعر بأن الحكومة تنفذ سياسة التفقير، وتريد، في مغالطة إيديولوجية سمجة أن تظهر ذلك وكأنه «قرار وطني من أجل المصلحة العامة»، بحيث أضاف الفريق الحاكم الى القرارات اللاشعبية، التضليل الإيديولوجي واللامسؤولية الأدبية. إن حقيقة الأمر هي أن قرارات الزيادات المتسارعة ستقود ، أولا، الى إنهاك الكاهل المغربي بالمزيد من الإنفاق ، وتساهم ثانيا في تدمير فرص الشغل ابتداء من السنة المقبلة. والحقيقة التي تريد الحكومة إخفاءها بغربال الخطاب المتهافت هي أن كل مؤشرات البلاد ، الاقتصادية والاجتماعية في .. درجة الأحمر، درجة الخطر، من نسبة العجز الملحوظة إلى الوضع الاقتصادي المتأرجح. والمفارقة الواضحة للعيان ، هي أن الجبهة التي بنى عليها الحزب الحاكم عرضه الاجتماعي، الانتخابي والسياسي، لم يتقدم فيها قيد أنملة، فلا حاجة لنا لنسأل ماذا تحقق في محاربة الفساد والمفسدين، ولا أن نسأل عن المكتسبات الاجتماعية ، لأن الحقيقة تقول إن المنجزات التي تمت .. تمت على جبهة التفقير والضرب الممنهج لكل المكتسبات والسعي إلى خنق الهيئات النقابية والمهنية التي تسعى إلى التعبير عن الاختناق الاجتماعي وضراوة السياسة التي تقودها الأغلبية. إن الاتحاد وهو يضع الحصيلة الحكومية، يسجل التوجه الخطير نحو رهن السيادة المالية للبلاد، وتوالي التنبيهات من الشركاء الاقتصاديين الإقليميين و العالميين، وتراجع البلاد في سلم التنقيط من لدن الوكالات الدولية المعنية، الشعور العام بغلاء المعيشة وعدم القدرة على الوفاء بالالتزامات الاجتماعية، تعطيل التداول الجماعي لقضايا الطبقات العمالية وفئات المأجورين، والتراجع عن مكتسبات الحوارات الاجتماعية السابقة،.. وغير ذلك مما يكتوي بناره المواطن المغربي والمواطنة المغربية. إنها أسباب كافية لكي ينتفض الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قاعدة وقواعد وعاطفين وحلفاء في وجه السياسة المتبعة والتي تعد البلاد بالخراب، وضرب استقرارها ورهن مستقبل أجيالها. هو ما يسميه الاتحاد في أدبياته بضرورة نهوض جبهة اجتماعية واسعة لحماية البلاد من التفقير وإنقاذها من الارتجال والعشوائية وتبعاتهما على استقرار البلاد.