لا أملك في هذه المناسبة الأليمة إلا أن أعبّر عن حزني الصادق لفقدان أستاذ ومفكّر وصديق. سالم يفوت لم يكن أستاذا عاديا، لأنه قرن دائما ما بين الفكر والأخلاق. لقد تصوّر في يوم من أيام شبابه أن السياسة وسيلة لتغيير العالم، وأن الماركسية هي منهجية هذا التغيير، ولكنه انكوى بهذا الاختيار وقضى سنوات الاعتقال والسجن ليجد نفسه مضطرّا للقيام بمراجعات جذرية لعلاقة الفكر بالممارسة، ولكنه ظلّ متشبثا إلى آخر رمق بأن للممارسة أشكالا وصيغ مختلفة يمكن للمثقف من خلالها أن يسجل حضوره في الفكر والبحث والتربية والمجال العام. كان الفقيد سالم يفوت رجلا يملك درجة عالية من الصدق والنزاهة والاستقامة، ويحمل قيم الصداقة ويرفعها عاليا. لقد كان بالنسبة لي نموذجا للباحث الرصين، وللإنسان المتواضع. بل إنني أجازف بالقول إن يفوت من أكثر مفكّرينا تواضعا».