منحت الأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم والآداب مؤخرا ميدالية برونزية للفنانة التشكيلية المغربية عائشة عرجي اللبار، وذلك تقديرا لأعمالها الإبداعية واعترافا بمسارها التي تنهجه بثبات وإصرار في فضاء التشكيل المغربي. انطلقت علاقة عائشة عرجي بالفنون التشكيلية مع الرسم على الحرير الذي يعد سندا ناعما، إضافة إلى الرسم على سندات أخرى، من خلال منهجية وتقنية تتطلبان الكثير من التركيز. ثم اتجهت إلى الصباغة الزيتية، بعدما قامت بأبحاث عميقة ومقاربات دقيقة لصور عدد من روائع التشكيل العالمي. وبذلك، فإن ما راكمته الفنانة المذكورة من تجارب تحقق انطلاقا من اجتهاد ذاتي، ولم يكن مدروسا ولا مفكرا فيه منذ البداية. فالفنان يعمل على تجريب عدة أساليب، قبل الوصول إلى الأسلوب الذي يستجيب لتطلعاته وطموحاته. ومن ثم، يحصل التطور لديه بشكل تلقائي. أسلوبها الخاص في الصباغة الزيتية يتميز بوجود اندماج منسجم بين عدة ألوان حية وبراقة، منجزة بطريقة تجعلك حين تقترب من اللوحة، تلاحظ خليطا من الألوان التي تبدو غير واضحة وبلا شكل محدد، ولكنك حين تبتعد عنها قليلا، تبدو لك المناظر والشخصيات أكثر وضوحا وصفاء. فعائشة عرجي ترسم ضمن اتجاه فني يحمل اسم «الرمزية الانطباعية»، إنها انطباعية تدفع المتأمل في اللوحات إلى إعمال خياله بشكل يجعله يتصور هو نفسه المناظر ويعيد بناءها، من أجل استيعاب دلالات العمل المعروض أمامه، وذلك حسب فهمه الذاتي وكيفية تلقيه للمنتوج الإبداعي. كما أن المشاهد يستحضر أحلامه واستيهاماته من خلال لوحاتها. إنه اتجاه متفرد، ولكنه وجد عشاقه منذ مدة، بدليل أن العديد من لوحاتها تباع حتى قبل عرضها. غير أن هذا الأسلوب وهذه التقنية لم يبعدانها عن مواضيعها المفضلة، فهي حاضرة بقوة في لوحاتها: مناظر وطبيعة الجنوب المغربي، الاحتفالات الشعبية الأمازيغية، هندسة القصبات وسكانها، القرى المحاذية للجبال ومحيطها البيئي الأخاذ...