في هذه الفسحة الصيفية، نستعرض بعض الأسماء لشهداء مغاربة فقدناهم سنوات الستينات والسبعينات والثمانينات من القرن الماضي، في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ المغرب، الذي أطلق عليها سنوات الجمر، وسنوات الرصاص، والذي كان فيها المغرب يعيش انزلاقات خطيرة في كل المجالات منها مجال حقوق الانسان. من هؤلاء الشهداء من اختطف بمؤامرة دولية وتم قتله، ومن اختطفته المخابرات المغربية، خارج التراب المغربي وتم تخديره لينقل إلى المغرب في الصندوق الخلفي لسيارة ديبلوماسية مغربية وتم تصفيته. من هؤلاء الشهداء من جرفتهم الاعتقالات التعسفية، وتعاقبوا على الزنازن والأقبية المظلمة إلى أن زهقت أرواحهم، ومنهم من قدموا للمحاكم ظلما وتم إعدامهم ليلة عيد الأضحى، ومنهم من اختطفوا من منازلهم ببدلات نومهم، من طرف زوار الليل، وزج بهم في المعتقلات السرية إلى أن قتلوا، ورمي بهم في الأرصفة. من هؤلاء الشهداء مقاومون نفذوا أروع العمليات الفدائية ضد الإستعمار الغاشم، ومنهم مناضلون شرفاء مورست عليهم شتى أنواع التعذيب والقمع والارهاب والأحكام القاسية والاعدامات، لالشيء سوى أنهم خاضوا معارك نضالية من أجل مغرب يسوده العدل والحرية والمساواة والديموقراطية، ومن أجل دولة الحق والقانون. من هؤلاء الشهداء رموز مغاربة استشهدوا من أجل القضية الفلسطينية وانضافوا إلى رموز كثيرة صنعتها الثورة الفلسطينية. كما أن هناك شهداء آخرين أصحاب حوادث الصخيرات من العسكريين وأصحاب حادثة الطائرة الملكية وشهدائهم بمعتقل تازمامارت. قال مومن الديوري أحد المعتقلين السياسيين السابقين والمغتربين، أن الإستخبارات الفرنسية تحدثت عن دور للمخابرات الأمريكية وأنها كانت وراء المخطط الرئيسي لإختطاف واغتيال المهدي بنبركة. أما جورج فيكو عميل المخابرات الفرنسية فقد روى كيف شاهد أوفقير يقوم بنفسه بتعذيب بنبركة لانتزاع اعترافات منه تتعلق برفاقه ومساعديه، وكان أوفقير يستخدم في تعذيبه سكينا ذا نصل معقوف، حتى أزهق روحه وقد تم ذلك في قصر بإحدى الضواحي الباريسية كانت المخابرات الفرنسية أمنته للمسؤولين المغاربة. وبعد نشر تصريحات العميل جورج فيجو في صحيفتين فرنسيتين، أصدرت السلطات أمرا بالقبض عليه لكنها عادت فقالت إنها عثرت عليه منتحرا بإطلاق رصاصة على رأسه. الشرطة الفرنسية قالت بان عملية الاختطاف من صنع عصابة من «البربوز»الأجنبي بمعنى الشرطة السرية التي تعمل في ظروف خارجة عن القانون، أما الحكومة المغربية فقد التزمت الصمت في البداية ثم رددت مؤسسة دار البريهي بتعاليق سخيفة تقول إن المهدي بنبركة اختطف في ظروف غامضة من طرف عصابات لها علاقة بتهريب المخدرات. ومن جهة أخرى قال فيديل كاسترو عن الشهيد بنبركة في افتتاح مؤتمر القارات الثلاث يوم 16 يناير 1966 «نريد أن نعترف بأن بنبركة بتفانيه وعمله الشخصي، لعب دورا حاسما في تنظيم هذا المؤتمر الأول للقارات الثلاث، لقد كان مجهوده وعمله سببا في ما وقع له، هناك اتفاق عام بأن بنبركة قتل بقساوة وجبن، ومن واجب هذا المؤتمر التضامني الإعتراف بالتفاني الذي اشتغل به من أجل انجاحه «المؤتمر»، وعليه نطالب بالتحقيق في هذه الجريمة، وأن يعاقب المجرمون». في سنة 1966 كانت الأجواء في المغرب متوترة، وارتبط اسم الكولونيل أحمد الدليمي ارتباطا وثيقا باغتيال المهدي وحكم عليه بالسجن المؤبد، وفي المحاكمة الثانية أصدرت الهيأة حكما ببراءته سنة 1967، بعد شهادة المحجوبي أحرضان لصالح الدليمي، وحسب ماصرح به المسؤول السابق في المخابرات المغربية «الكاب 1» أحمد البخاري: لقد أقسم أحرضان أمام القضاء لإعطاء كلمته كضابط بالجيش الفرنسي، لقول الحقيقة، لكنه لم يقل الحقيقة لأنه يعرف جيدا أن المهدي بنبركة اختطف من طرف «الكاب»1 بباريس في 29 أكتوبر 1965، وعذب وقتل من طرف أوفقيروالدليمي) فوق التراب الفرنسي، داخل فيلا بوشيش بمنطقة دوفونتوناي لوفيكومت ليلة 29 أكتوبر 1965، وأنه تم نقل جثته بواسطة طائرة عسكرية مغربية من مطار فرنسا إلى مطار الرباط–سلا ليلة 30 و31 أكتوبر 1965 وأن جثته تم تذويبها بالحوض الأسيدي الذي شمع ووضع تحت أساس النقطة الثابتة 2، بدارالمقري بالرباط. في 5 يونيو 1967 صدرت أحكام على لوبيز بثمان سنوات سجنا، وضابط الشرطة سوشون بست سنوات سجنا، والمؤبد على أوفقير، والشتوكي، ولوني، وبوشسيش، وباليس، ودوباي. وبقي الجنرال محمد أوفقير مع ذلك وزيرا للداخلية بالمغرب، إلى غاية 17 غشت 1972 حيث سيعلن عن انتحاره الغامض، بعد المحاولتين الانقلابيتين.