خلقت تصريحات رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران في الجلسات الشهرية للبرلمان بغرفتيه منذ توليه رئاسة الحكومة، نقاشات حادة بين مكونات المجلس وأثارت موجة من السخط من قبل المعارضة داخل البرلمان، نظرا لشروده عن الأسئلة الموجهة إليه، ولحدوث فلتات لسانية غيرمحسوبة بين الفينة والأخرى زادت من احتداد الجدل والنقاش وأغضبت عدة أوساط سياسية كانت معنية بشكل مباشر بهذه التصريحات التي اختار لها بنكيران قبة البرلمان لتمريرها أمام نواب الأمة. لكن هذه المرة لم يفلت قضاة المملكة من تصريحات وفلتات لسان رئيس الحكومة وسهامه التي يسددها بين الفينة والأخرى، إما بصريح العبارة أو بالتمليح والإشارة إلى أطراف معينة، حيث صرح في الجلسة الشهرية للبرلمان المنعقدة يوم الأربعاء يونيو2013، أنه«مازال يحز في نفسه أن السلطات استطاعت ضبط شخص متلبس بالرشوة، وضبطت بحوزته أموالا، وأدخل السجن فمنحه القضاء السراح المؤقت، وأن المؤلم - حسب تصريح رئيس الحكومة - هو حين استقبل المعني بالأمراستقبال الأبطال من طرف زملائه». واعتبرت الودادية الحسنية للقضاة هذا التصريح يشير إلى الملف المتعلق بأحد السادة القضاة العاملين بمحكمة طنجة، وأن فيه مساس خطير باستقلال السلطة القضائية، ومحاولة للتأثير على القضاء، سيما وأن الملف موضوع التصريح مازال رائجا في المحكمة، كما أنه مساس بحقوق الإنسان ولمبادئ المحاكمة العادلة وهدم لقرينة البراءة كما هو متعارف عليها دوليا. ونظرا لما لمسه القضاة من خطورة في تصريح رئيس الحكومة على مهنتهم، اجتمع بشكل طارئ وفوري المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكَادير، يوم الخميس 05 يونيو 2013، وأصدر بيانا شديد اللجهة شجب فيه التصريح الصادرعن رئيس الحكومة باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية ولكونه استغل قبة البرلمان بغية تمرير خطاب سياسوي على حساب السلطة القضائية. وندد، أيضا، بالتصريح لكونه يشكل نسفا لحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا، ومسا بما تقتضيه إجراءات المحاكمة العادلة وبقرينة البراءة، وخرقا وتراجعا خطيرا عن جميع المقتضيات الدستورية المتعلقة باستقلال القضاء، لذلك شدد على ضرورة أن يقدم رئيس الحكومة اعتذارا رسميا لجميع قضاة المملكة. وطالب المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكَادير في ختام اجتماعه الطارئ من السادة القضاة الإنخراط في التعبئة الشاملة واللامشروطة من أجل الدفاع عن استقلال القضاء والإلتزام بمبادئ مدونة القيم القضائية والتصدي لكل محاولة للمساس بذلك، مؤكدا على حرصه على الإنخراط الفعلي في ورش إصلاح منظومة القضاء.