- ما المقصود بمرض التهاب الفيروس الكبدي؟ - مرض التليف الكبدي الفيروسي المزمن، هو عبارة عن عدوى بالفيروس الكبدي، الذي ينتقل من مرحلة العدوى الحادة إلى مرحلة العدوى المزمنة للكبد إذا لم يتمكن المريض من القضاء على الفيروس. ويعد التكفل بالالتهابات الفيروسية المزمنة تحديا طبيا واجتماعيا واقتصاديا مهما، ومن المعلوم أن الوقاية الأولية هي حجر الزاوية للوصول إلى هذا الهدف، لكن التهاب الكبد الفيروسي والوبائي يصلان إلى مرحلة التليف الكبدي، وهنا تبقى أهم الأولويات هي التشخيص المبكر لسرطان الكبد، وذلك بفضل متابعة منتظمة للالتهابات الفيروسية المزمنة. - ما هي أسبابه وأعراضه ؟ - هذه العدوى المزمنة تهم بالخصوص فيروس B، وفيروس C ثم فيروس D . فيما الفيروسان A و E فإنهما لا يتسببان في العدوى المزمنة. وتبقى الأعراض الإكلينيكية للعدوى الفيروسية B أو C المزمنة قليلة جدا، إن لم تكن منعدمة. وفي الواقع، يبقى الإجهاد أو التعب الحاد، هو الذي يمكن أن يدفع المصاب لزيارة الطبيب، وفي هذه الحالة يجب على الطبيب أن يفكر في البحث عن العدوى الفيروسية المزمنة من نوع B أو C، بينما الأعراض الإكلينيكية كثيرة ومخيفة تدفع المريض للبحث عن التشخيص الطبي عندما يصل التليف الكبدي المزمن إلى مرحلة متقدمة، فتتعقد الأمور بحصول نزيف في الجهاز الهضمي، أو حصول الاستسقاء أو اليرقان أو سرطان الكبد... - كيف يؤدي ذلك إلى الإصابة بسرطان الكبد ؟ - ينتج سرطان الكبد ، في غالب الحالات، عن الإصابة بالتليف الكبدي الذي ينجم بدوره عن التهاب طويل ومتطور في الكبد، سواء كان فيروسيا أو ثانويا ناجما عن أسباب أخرى. وعلى العموم، فإن التليف الكبدي يحدث بعد 20 سنة من الإصابة بالفيروس من نوع B أو C ، لكن يبقى من الصعب جدا تحديد زمن محدد للعدوى، وعليه يحث الأطباء على أن يخضع المصاب لتتبع طبي متواصل طيلة حياته ، حتى يتمكن الطبيب من اكتشاف الإصابة بالسرطان في بدايته وقبل أن تستفحل الأمور. - هل هناك إحصائيات حول أعداد المصابين؟ - للتوضيح أكثر، لابد من التأكيد على أن الإحصائيات المرتبطة بسرطان الكبد ليست متوفرة بالشكل المطلوب، ولايمكن الحديث عن بنك للمعلومات خاص بالمرض، كما هو الحال في الدول المتقدمة. فمثلا سجل حالات الإصابة بسرطان الكبد بقسم أمراض السرطان بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، لم يسجل سوى 52 حالة إصابة طيلة 3 سنوات. وهذا طبعا راجع إلى كون الكشف عن هذا المرض الخبيث يستعصي على التشخيص الكلاسيكي للسرطان، والذي يعتمد على تحليل عينة من الكبد وفحص إحيائي. - من يقوم بتشخيص المرض؟ - إن من يقوم بتشخيص سرطان الكبد هو الطبيب المختص في سرطانات الجهاز الهضمي، وذلك من خلال تتبعه للمريض المصاب بالتليف الكبدي. ويمكن إجراء فحص بالصدى على الكبد كل 6 أشهر، الطبيبَ من أن يشخص عُقيدة (UN NODULE) بحجم 2 سنتمتر تعد مؤشرا على وجود سرطان في الكبد في مرحلة مبكرة. - كيف هي وضعية التشخيص والعلاج في المغرب ؟ - في المغرب ، لدينا كل الوسائل التقنية لتشخيص سرطان الكبد، سواء من خلال استعمال الفحص بالصدى أو الأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي، وعلاج المرض يختلف من مرحلة إلى أخرى وفقا لدرجة تطور المرض، في حالة التشخيص المبكر أو في حال تطور درجة المرض، ويمكن تقديم العلاجات عن طريق الجلد أو الوصول إلى درجة استئصال الكبد، إذا ما تبين بأن هناك عُقيدات متعددة، خاصة إذا كانت كبيرة. بالمقابل، زراعة الكبد هي غير متاحة لحد الساعة في المغرب، ونتمنى أن يتحقق هذا المشروع في بلادنا في قريب الآجال. - ما هي سبل الوقاية ؟ - سبل الوقاية من سرطان الكبد تمر من خلال تفادي مسببات تليف الكبد، أي الوقاية من التهاب الكبد الفيروسي من نوع «س» و «ب»، وذلك بتفادي مسببات السمنة، تناول الكحول، هذا الأخير الذي في حال تفاديه، فذلك أكبر ضمان للوقاية من سرطان الكبد. أما بالنسبة للشخص المصاب أصلا بالتهاب الكبد المزمن سواء الفيروسي أو غيره، فيجب تجنب تطور ذلك إلى مرحلة تليف الكبد الذي يعتبر عشا وسريرا مناسبا للسرطان، وبالتالي من الضروري تفادي الكحول وتقليص الوزن في حال السمنة. ثم هناك ضرورة لمراقبة تليف الكبد للكشف المبكر عن سرطان الكبد، وذلك في مرحلة مبكرة، وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق نتائج إيجابية تمكن من رفع أمد الحياة بنسبة 5 سنوات بالنسبة ل 75 في المئة من الحالات، في حين إذا ما تم اكتشافه في وقت متأخر باستثناء التدخل لزراعة الكبد، فإن الأمد لايتجاوز بضعة أسابيع أو بضعة أشهر على أحسن تقدير. - ما هي أبرز المحاور التي تم تدارسها في اليوم الدراسي الذي نظمتموه بالمحمدية؟ - اليوم الدراسي الذي نظمته الجمعية المغربية لأمراض الجهاز الهضمي، ومركز المنظمة العالمية لأمراض الجهاز الهضمي، بدعم من الصناعة الصيدلية، حول سرطان الكبد، بمناسبة اليوم العالمي لصحة الجهاز الهضمي، تمت خلاله مناقشة كل الجوانب المرتبطة بهذا المرض ، بدءا بالحالة والوضعية الوبائية، مرورا بالعلاجات المتوفرة لسرطان الكبد، وذلك من خلال المحاضرات والورشات التي قدمها وأطرها الخبراء الوطنيون والدوليون. وقد وقفنا على ضرورة إعادة التفكير في كيفية التعرف على سرطان الكبد، وذلك بهدف إيجاد أفضل طريقة لتحديد هذا النوع من السرطان، وأن يُجعل من هذا الموضوع أولوية صحية وطنية. وقد صدرت عدة توصيات في هذا الباب، من بينها الدعوة لخلق وتطوير المزيد من المراكز التي تعالج هذا المرض، وخاصة المراكز المختصة بزراعة الكبد. * أستاذة بكلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء * رئيسة مصلحة أمراض الكبد والجهاز الهضمي بمستشفى ابن رشد، ورئيسة الجمعية المغربية لأمراض الجهاز الهضمي