شمرت وزارة التربية الوطنية على «ساعديها» لمحاربة الغش في امتحانات البكالوريا هذه السنة، وذلك باعتماد تدابير جديدة ، منها تقليل عدد الممتحنين في كل قاعة والتشديد على منع الهواتف النقالة الذكية والألواح الإلكترونية، بالإضافة إلى إجراءات زجرية في حالة الغش. وعيدُ وزارة التربية الوطنية لم يثن بعض التلاميذ عن تحدي التهديد والمغامرة بابتداع أساليب وتقنيات غش جديدة ، حيث تم ضبط مجموعة من «الغشاشين» وتوالت بلاغات وزارة التربية الوطنية وفي كل بلاغ تزف لنا خبر ضبط أو حتى توقيف «غشاش» هنا أو هناك. والأكيد أن هناك من الغشاشين من لن تتمكن الوزارة من ضبطهم وهم كثر.. لانختلف مع وزارة التربية الوطنية في التدابير الصارمة لمنع الغش في امتحانات البكالوريا ، خاصة وأن تنامي حالات الغش في السنوات الأخيرة، أفقد هذه الشهادة قيمتها العلمية ، وأخرجت لنا جيشا من الطلبة بدون مستوى علمي وثقافي. لن نختلف مطلقا مع هذه الإجراءات ونحن نصفق لها عاليا، لكن في نفس الوقت نهمس في أذن وزير التربية الوطنية ونسأله ، وماذا عن تلك الطينة الأخرى من الغشاشين مادمت تريد إعادة الاعتبار لشهادة البكالوريا؟ فلماذا تتساهل الوزارة مع التلاعبات في نتائج امتحانات البكالوريا في التعليم الخصوصي؟ ألم يقر تحليل نتائج امتحانات البكالوريا للسنة الماضية وجود تباين بين النقط التي يحصل عليها التلاميذ في المراقبة المستمرة، والتي تميزت بارتفاعها خاصة بالنسبة لمؤسسات التعليم الخصوصي، و تلك المحصل عليها في الامتحان الوطني الموحد ، و التي غالبا ما تكون متواضعة أو ضعيفة، و يظهر الفرق بمستويات صارخة أحيانا تثير مجموعة من التساؤلات ويتم تفسيرها بدوافع السعي إلى الرفع من معدلات و نسب النجاح في قطاع التعليم الخصوصي ؟ ألا يتعلق الأمر بغش يستوجب الوقوف عنده، ليس من خلال دراسته ومراسلة المؤسسات المعنية بهذا الشكل بالتلاعب لتقديم تبريرات واهية، بل من خلال تدابير زجرية للقطع مع الظاهرة؟ ألا يعتبر هذا الشكل من الغش خطيرا، لأنه لاعتبارات مادية ربحية محضة، يتم النفخ في نقط المراقبة المستمرة بالمؤسسات الخصوصية بشكل يتجاوز كل التوقعات ليقينهم بأن نقط الامتحان الموحد ستكون كارثية ، وبالتالي يستوجب الأمر ضخ نقط إضافية للوصول إلى المعدل وطنيا ؟ أليس من الغش أن نترك تلاميذ بعض المؤسسات التعليمية العمومية تحت رحمة مزاجية أساتذة همهم الأول والأخير البحث عن دخل مادي إضافي، فمنهم من تحول إلى منعش عقاري وآخرون سماسرة السيارات، وآخرون مدراء صحف جهوية صفراء «فاقع لونها» لاتسر القارئين، ومنهم من استأنس بتسيير إداري معلول فأكثر من الشواهد الطبية ليجد التلاميذ أنفسهم يوم الامتحان عاجزين عن فهم السؤال فبالأحرى الإجابة عنه. أليس من الغش أن يربط الأستاذ إخلاصه في عمله بدراهم معدودة لساعات إضافية خارج استعمال الزمن الرسمي؟ فلنحاسب هؤلاء أولا ، لرد الاعتبار ليس فقط لشهادة البكالوريا، بل للتعليم ببلادنا بشكل عام، فهؤلاء هم الغشاشون الأجدر بالمحاسبة..