السوق التجاري بساحة الهديم من أكثر الوجهات المستقطبة للمتبضعين بالعاصمة الإسماعيلية ، ومن طرف الزوار والسياح على حد سواء، لما يوفره من مواد استهلاكية وغذائية متنوعة، بالإضافة إلى الرواج الاقتصادي الهام الذي يضطلع به. أمام هذه الحركية التجارية المزدهرة للسوق، هناك وجه خفي تتجسد ملامحه ليلا مع الساعات الأولى للإغلاق، حيث تحتل جحافل الجرذان فضاء السوق مستبيحة كل الموجودات الغذائية والعبث بها، بحيث تعيث فيها فسادا في غياب أية مقاربة أو متابعة لهذا الوضع المستفز للجرذان وهي تنط من دكان لآخر حسب هواها ، لتنشر أوبئتها التي ستطال لاحقا صحة المتبضعين والمستهلكين للمواد الغذائية التي طالتها الغارات الليلية لكائنات المجاري والبالوعات، والتي تآلفت مع القطط القاطنة بالسوق بشكل ألغى «العداوة الأبدية» بينهما ! كل هذا يحدث في غياب تام للمصالح المختصة بالرقابة ولجانها على مستوى قسم حفظ الصحة بالمجلس البلدي والعمالة الطبية وعمالة الإقليم ، علما بأن واقع الحال يبعث على التقزز والغثيان من خلال استباحة كل الموجودات الغذائية في لقطة يمكن أن تدخل ضمن أحد أفلام الرعب! فمستوى التردي والإهمال الحاصل للسوق نتج عمليا عن غياب الصيانة والمراقبة من طرف أولي الاختصاص بالمجلس البلدي والسلطات المحلية لهذه المعلمة الاقتصادية التي تصدعت جدرانها واهترأت أرضيتها بسبب الإهمال وعدم الصيانة ، مما ينذر ،لا قدر الله، بأوخم العواقب، ناهيك عن وضع السوق خلال التساقطات المطرية، مما يحتم على الجهات المسؤولية التدخل الآني لتدارك ما يمكن تداركه قبل فوات الأوان لإنقاذ الفضاء التجاري لسوق الهديم ، الذي يعتبر شاهد عصر على الحقب الذهبية المعاصرة لتي عاشتها مدينة مكناس منذ بداية الاستقلال حتى البدايات الأولى للألفية الثانية. وضع السوق حاليا يتطلب تدخلا عاجلا ، بدءا بإعادة التأهيل والتنظيم والصيانة على كل المستويات وكذا إعادة النظر في الأساليب المتبعة حاليا على مستوى التخلص من النفايات وإصلاح المجاري وقنوات الصرف الصحي وتوفير المراحيض للتجار والزوار وتقوية الإنارة والحراسة الأمنية داخله بحكم الاستقطاب المتزايد للزوار، وبحكم المضايقات التي يتعرضون لها من طرف المتسولين والمنحرفين.