«الأخ رئيس الفريق الاشتراكي الأخوات والإخوة أعضاء الفريق أجتمع بكم اليوم الأخوات والإخوة أعضاء الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، أولا بحكم أني برلماني أنتمي إلى هذا الفريق الذي راكمت فيه تجربة كبيرة طوال سنين، وثانيا بحكم أنني كاتب أول للحزب انتخبه المؤتمر الوطني التاسع للاتحاد الاشتراكي الذي أعتز بانتمائي له منذ أن انخرطت به في 1973، كما أعتز أيضا بالعلاقات الشخصية والإنسانية مع كل أعضاء الفريق والتي جعلتنا نؤسس جميعا محطات نضالية هامة، كانت لها آثارها البليغة في مسيرة الحزب والبلاد، فمرحبا بكم في حزبكم من أجل العمل والتعاون والتضامن لبلوغ الغايات والأهداف السياسية التي وضعناها جميعا في المؤتمر الوطني التاسع. إن الهدف الأساسي من هذا اللقاء هو التحضير للدورة التشريعية لأبريل لمجلس النواب، ثم التداول والنقاش حول برنامج العمل الذي سيتم التقرير فيه من أجل الارتقاء بالمنتوج التشريعي لمجلس النواب من أجل تسريع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية . فلا يخفى عليكم الأوضاع العامة بالبلاد والتي فرضتها السياقات الدولية والجهوية، وأنتم في موقع مؤسساتي والأكثر اطلاعا على هذه الأوضاع الداخلية وتأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية، التي ستكون لها انعكاسات سلبية على مبادلاتنا التجارية والاقتصادية مع شركائنا الاستراتيجيين في أوربا. وستكون تأثيرات الأزمة لشركائنا الاستراتيجيين، انعكاسات لم يسبق لها مثيل على اقتصادنا الوطني ووضعنا المالي، وكذلك على مستوى الاستثمارات الخارجية والداخلية لبلادنا. أما على المستوى الجهوي، باختصار كبير تلاحظون التطورات والمستجدات السياسية والوضع العام الذي تعيشه دول المغرب الكبير خاصة تونس وليبيا والدول العربية التي عرفت تحولات كبيرة كسوريا ومصر، فضلا عما يجري في شمال مالي وساحل الصحراء، كما أنكم تتابعون الأرقام التي تنشر في الصحافة حول عمليات التسلح من طرف الدولة الجزائرية، وكذا مآل ترسانة السلاح الليبية بعد سقوط النظام السابق، وهذا يشكل قلقا كبيرا لشعوب المنطقة.... فكل هذه المعطيات السياسية والاقتصادية الوطنية الجهوية والدولية يجب أن تدخل في الحسبان في كل تحليل سياسي بارتباط مع واقعنا السياسي الداخلي. فعلى المستوى الوطني، فنحن في الاتحاد الاشتراكي واعون كل الوعي، بالرغم من أن هذه الحكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع، فعلى مستوى التدبير والفعل فهي حكومة ضعيفة جدا، خاصة بالنظر للإمكانات والاختصاصات الواسعة التي أتاحها لها الدستور الجديد، فالقوانين والتشريعات التي كنا نستغرق فيها نصف سنة أو سنة وننتظر اجتماع المجلس الوزاري، فاليوم لا يحتاج الأمر سوى أن يبادر رئيس الحكومة ببرمجتها، وكل هذا بفضل الاصلاح الدستوري. فهذا مجرد مثال على الآليات الدستورية والقانونية التي منحت لهذه الحكومة والتي لم تكن تتوفر لجميع الحكومات السابقة، ففي الوقت الذي جاء به الدستور باختصاصات واسعة وامكانيات قانونية كافية للعمل، نجد في المقابل حكومة تتسم بالبطء الشديد والانتظارية القاتلة. ويتناسى هؤلاء أن هذه السلوكات والممارسات غير المحسوبة العواقب ستصبح في ما بعد تقاليد وأعرافا مؤسسة، لذلك فهذا الارتباك من قبل الحكومة للدفع بالإصلاحات في اتجاهها الصحيح والى آخر مداها، تفعيلا لدستور صادق عليه الشعب المغربي، له آثاره الوخيمة سواء على المستوى الاقتصادي والسياسي والاستقرار الاجتماعي والأمني للبلاد، وصورتها في الخارج. أما على مستوى توصيات ومقررات المؤتمر الوطني التاسع، والتي تم تكثيفها في البيان السياسي الذي صادق عليه المؤتمر بالإجماع، فقد انطلقنا مباشرة بعد انتخاب القيادة في التفعيل عبر اتخاذ عدد من المبادرات السياسية لترجمة كل هذا التوجه السياسي الذي أقره البيان على أرض الواقع. فكان الهاجس الأساسي الذي تحكم فينا ، هو عنصر التفعيل ميدانيا، لذلك انطلقنا من عدد من المقاربات، منها المقاربة الاجتماعية والمقاربة الحقوقية والمقاربة الثقافية، وعيا منا أن الشعارات السياسية اليوم لم تعد كافية لوحدها في المجال السياسي، لكسب عدد من المعارك في الساحة وعلى عدة أصعدة. كما أن من خلال استشرافنا للمستقبل وتوقعاتنا السياسية لما ستعرفه الأوضاع الاجتماعية مستقبلا جراء انعكاسات الوضعية الاقتصادية للبلاد والقرارات اللاشعبية المستقبلية، التي ستقدم الحكومة على اتخاذها والتي من المؤكد سوف لن تكون في صالح الطبقات الشعبية التي نمثلها كحزب اشتراكي ديمقراطي وحداثي، فكل هذه العوامل جعلتنا نفكر في استراتيجية العمل مع كل مؤسسات المجتمع المتواجد بالساحة الوطنية، والتنسيق معها للدفاع عن مصالح وقضايا المواطنين وكل الطبقات الشعبية. والكل سيتفق معي على أن المدخل الأساس لكل هذا، هو صلابة التنظيم الحزبي لدينا، والتواجد في قلب الحركات الاجتماعية، والعمل على ممارسة نضال القرب والتضامن والمساندة لكل هذه الحركات الاحتجاجية بالبلاد، باعتبارها البوابة الحقيقية لعودة الاتحاد الاشتراكي للمجتمع وليستعيد دوره الطلائعي من جديد. لذلك أول خطوة أقدمنا عليها في إطار المقاربة الاجتماعية هو عقد لقاءات تنسيقية مع المركزيات النقابية التي لها تواجد داخل الساحة الاجتماعية من أجل توحيد الرؤية والتصور في عدد من الملفات ذات القضايا الكبرى الاجتماعية، والتي تفرض نفسها على أجندتنا السياسية والاجتماعية. كما صاحبنا محطات المؤتمرات التي انعقدت أو ستنعقد مستقبلا، من أجل المساهمة في الحفاظ على استقلالية القرار بهذه المنظمات، وكذا تهييئ الشروط الموضوعية لتدبير الاختلاف والوصول للاتفاقات التي تدفع بالعمل النقابي بها، وتقوي تنظيماتها، كالنقابة الوطنية للتعليم التي عقدت مؤتمرها، والنقابة الوطنية للتعليم العالي الت ي أنهت مؤتمرها بفوز الاتحاد الاشتراكي بأغلبية ساحقة وأعطت رسالة قوية للأصدقاء والخصوم الذين يعتبرون أن الاتحاد انتهى، مفادها أن الاتحاد قادم وها هو ينبعث من جديد ولايزال حيا في نخب المجتمع الأساتذة الباحثين الذين يحملون فكره ومبادئه، ونواكب كذلك تحضيرات من أجل عقد مؤتمر النقابة الوطنية للتجار والمهنيين الذي سيلتئم في الشهر المقبل، وكل ذلك من أجل تمنيع وتصليب الأداة الحزبية بتفاعل مع مكونات المجتمع. فعلى مستوى المقاربة الاجتماعية دائما، قمنا بلقاءات تنسيقية مع المركزيات النقابية الفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين، ونؤكد في هذا الإطار أن الاتحاد الاشتراكي متشبث بأن يفتح الباب على مصراعيه على القوى الاجتماعية ذات التوجه الحداثي والديمقراطي، وبالتنسيق مع كل الفاعلين الاجتماعيين الذين لهم تواجد في الساحة الاجتماعية والذين نتقاسم معهم عددا من القيم والمبادئ من أجل الدفاع عن مصالح وقضايا الطبقة العمالية والقوات الشعبية. وبخصوص المقاربة الحقوقية فقد أقدمنا على خطوة جمع قطاع المحامين في أول لقاء له بعد المؤتمر الوطني التاسع حول موضوع بالأهمية بمكان ،يتعلق باستقلالية السلطة القضائية كدعامة أساسية لإصلاح العدالة شارك فيها حقوقيون وهيئة المحامين وجمعويون ومهنيون، وخلص اللقاء إلى الدعوة تكوين جبهة وطنية عريضة تضم كل القوى الديمقراطية والحقوقية للدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان واستقلالية السلطة القضائية، والتصدي لكل التدخلات فيها من قبل وزارة العدل والحريات والعمل بالدفع لتفعيل الدستور على هذا المستوى. وفي هذا السياق ، لقد تتبعتم كيف أفرغ الحوار الوطني من أجل إصلاح العدالة ببلادنا من قبل وزارة العدل والحريات من حيث الفلسفة والمنهجية التي جاء بها جلالة الملك، فأن يعين جلالة الملك محمد السادس هيئة عليا لإصلاح منظومة العدالة، فهذا يدخل ضمن اختصاصاته الدستورية، لكن أن يؤسس وزير العدل والحريات هيئة أخرى موازية ويشارك فيها أكثر من 300 عضو ويكون للحزب السياسي ممثل واحد فيها، كأيتها المنظمات والمؤسسات العضوة بالهيئة ، فهذا تمييع للحوار واستخفاف بالصوت الحزبي في بلادنا. وجدير بالذكر فالإصلاح الذي قام به أخونا عبد الواحد الراضي حين كان وزيرا للعدل يعتبر إصلاحا جيدا وبمنهجية واضحة ومؤسساتية، حيث تلقى مذكرات المشاريع الاصلاحية كتابيا من الهيئات، وفيما بعد عملت الوزارة على لقاءات مع الأحزاب السياسية للتشاور، والاستماع إلى آرائهم في موضوع الإصلاح، وفي الأخير أنتج هذا الحوار أكثر من24 نصا قانونيا . واليوم ما يمكن أن نلاحظه بكل أسف الوتيرة البطيئة في تفعيل الإصلاحات وإخراج القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية من أجل ضمان استقلال السلطة القضائية ببلادنا. أما في ما يتعلق بالمشروع الثقافي، فالاتحاد عاقد العزم على إعطاء العناية والاهتمام التام للمشروع الثقافي لمواجهة ميزان القوى المختل في المجتمع، والتصدي لثقافة المحافظة والتقليد والانغلاق وكل عمليات استغلال في المجال السياسي، لذلك سيدفع الاتحاد الاشتراكي بالتنسيق مع الحركات الأمازيغية ودعم نضالاتها من أجل تحقيق المطالب المشروعة وتفعيل الدستور في جانب دسترة اللغة الأمازيغية، ثم التنسيق مع المؤسسات الثقافية بالمغرب من أجل أن تستعيد النخب الفكرية والعلمية دورها الرائد في نشر الفكر التقدمي والثقافة التنويرية. الإخوة والأخوات أعضاء الفريق أما في ما يتعلق بعملنا الحزبي والتنظيمي، يجب مراجعة آليات العمل التنظيمي الحزبي، خاصة بالنظر لوضعنا التنظيمي الهش والذي كان موضوع مناقشات منذ سنة 2007 ، ولا داعي للتذكير بالتقرير التركيبي لتقييم نتائج الانتخابات التشريعية ل 2007 الذي تناول الوضع التنظيمي بالدراسة والتحليل، ومداولات وخلاصات الندوة الوطنية للتنظيم التي عقدناها خصيصا لهذا للمسألة التنظيمية. فالواقع كان يظهر بالملموس أن حزب الاتحاد كان دائما حزبا مع تدبير الاختلاف واحترام الرأي والرأي الآخر، وكان ولايزال دائما مع ضمان الحق في الاختلاف والتعدد، لكن يجب ان تكون هذه التعبيرات في الاختلاف والرأي المغاير داخل المؤسسات الحزبية، انطلاقا من الأجهزة والهياكل التنظيمية، الفرع والكتابة الاقليمية والكتابات الجهوية وداخل اللجنة الإدارية والمكتب السياسي وليس في أعمدة الصحافة وعلى صفحات المواقع الإلكترونية. ونلتزم اليوم أننا سننخرط كحزب في أن نفتح المجال للرأي المخالف وحق الاختلاف والحرية في التعبير وإمكانيات العمل داخل الأجهزة الحزبية، لكن تجديد آليات العمل التنظيمي يتطلب منا جميعا مجهودات، فالحساسيات لها حقوق وواجبات، وهذه الحساسيات لها شروط ومعايير فإذا ما انتفت، سادت الفوضى. فعوض ان تقوي هذه الحساسيات الحزب سيكون لها دور معاكس وستعمل على إضعافه وإنهاكه وهذا ليس في مصلحة الحزب بتاتا وسيستفيد منه الخصوم السياسيون. كما نخبركم أننا سنعمل بتشاور مع الفريق على تشكيل لجنة من الخبراء والسياسيين ستشتغل معكم في مجال النصوص والتشريعات المستقبلية وسنعلن عن هذه المبادرة مستقبلا. وفي الأخير أقول لكل الاتحاديين والاتحاديات أن الحزب ينتظرنا جميعا من أجل النهوض به وليسترجع مكانته اللائقة به ،وليتملك المبادرة السياسية من جديد ويسترجع مكانته اللائقة به في الشهد السياسي المغربي وداخل المجتمع».