كشف المجلس الجهوي للحسابات بمراكش التابع للمجلس الأعلى للحسابات، مجموعة من الخروقات و التجاوزات التي همّت عددا من مجالات أنشطة و اختصاصات مجلس جماعة بني ملال، والتي امتدت على مدى 8 سنوات طالت ثلاثة مجالس سابقة منها المجلس الحالي . و قد حمل التقرير السنوي لسنة 2011 لهذا المجلس ( نتوفر على نسخة كاملة منه) على طول 34 صفحة مخصصة لجماعة بني ملال (من ص: 205 إلى ص:238) أنواعا متعددة من الفساد الإداري و المالي الذي استشرى في هذه المدينة و خلف تشوهات كبيرة سواء على المستوى المجالي أو العمراني أو البيئي و حتى الجمالي جعل المدينة صورة مكبرة لقرية تطغى عليها المظاهر الريفية و تتخللها مسوخات عمرانية و مشاهد لفوضى تجارية و تجمعات سكنية مشوهة . أحصى المجلس الجهوي كل هذه الخروقات المالية و الإدارية بالتفصيل و أبدى ملاحظاته و قدم كذلك توصياته للجماعة . و قد عرضنا في الجزء الأول من هذا الكشف ( في العدد رقم 10312 بتاريخ 04/02/2013 من جريدة الإتحاد الإشتراكي) لجل هذه الخروقات بشكل سطحي و عام بدون الدخول في التفاصيل ، كما جاءت في التقرير و وعدنا بالرجوع إلى أهمها لإبراز مكامن الخروقات و التجاوزات كما حددها التقرير، ، ثم عرض توصيات المجلس الجهوي للجماعة في الموضوع. و سنتطرق في هذا العدد إلى خروقات تهم تدبير الممتلكات و علاقتها بمالية الجماعة تخص ملف سوق الجملة و ملف السوق الأسبوعي و ملف المحطة الطرقية على أن نعرض لاحقا لملفات تدبير الإنارة العمومية و تدبير النفايات وملف التعمير و المنطقة الصناعية و المجزرة الجماعية و إصلاح مقر الجماعة ...كما أننا سنقدم أجوبة رئيس الجماعة الموجهة إلى المجلس الجهوي بعد ذلك. * ملف سوق الجملة للخضر و الفواكه: تتوفر جماعة بني ملال على سوق للجملة تم بناؤه منذ سنة 1983 تستفيد من نسبة 5 بالمئة من مجموع مداخيله في حين يستفيد وكلاء السوق(6 وكلاء) من 2 بالمئة.و تتمثل اختلالات تدبير ملف سوق الجملة في انخفاض كبير لمداخيل هذا السوق بعد إغلاقه خاصة خلال الفترة الممتدة من بداية سنة 2009 إلى غاية شهر يوليوز من نفس السنة التي تزامنت مع تاريخ توقف الوكلاء على الإستخلاص حيث بلغ الإنخفاض أكثر من 50 بالمئة لتتوقف العملية بشكل نهائي. وكذا عدم عرض عملية بيع أرض هذا السوق إلى شركة مرجان لأية منافسة ، الأمر الذي انعكس على ثمن البيع الذي حددته لجنة انتدبت لهذا الغرض في مبلغ 1500 درهم للمتر المربع أي بمبلغ إجمالي قدره 37290000.00 درهم ، في حين تجاوز ثمن القطع المجاورة مبلغ 3500 درهم للمتر المربع. و رغم أهمية سوق الجملة في تنمية مداخيل الجماعة فقد قامت الجماعة بإغلاقه دون إنجاز أية دراسة قبلية للمكان المناسب لتحويله مما جعلها تخسر مداخيل تبلغ 300 مليون سنتيم سنويا .ثم إن مشروع إنجاز سوق الجملة الجديد الذي خصص له مبلغ 7 ملايير سنتيم لم تبدأ الجماعة في إنجازه إلا سنة 2011 رغم إغلاق السوق الأول في شهر أكتوبر 2009 . وكانت الجماعة التي صادقت في أكتوبر 2008 على بيع أرض سوق الجملة البالغة مساحتها 24860 متر مربع قد قامت بتفويت هذا العقار دون تسوية وضعيته علما أنها حصلت عليه بواسطة نزع الملكية (مرسوم 1986) و أن أغلبية المنزوع ملكيتهم لم يتوصلوا بتعويضاتهم كاملة رغم مرور 20 سنة ، كما تم احتساب تعويضات مختلفة بخصوص أراضي مجاورة تتعلق بأراضي المحطة الطرقية ، حيث تم اعتماد محضرين أعدا سنة 1997 و محضر ثالث قبلهما سنة 1989 لتختلف التعويضات للمالكين من 160 درهم إلى 400 درهم للمتر المربع . * ملف السوق الأسبوعي أو تجزئة الأمل لشركة الضحى: بعد أن كان السوق الأسبوعي يساهم في تحسين مداخيل الجماعة التي بلغت 4370000.00 درهم سنة 2005 انخفضت هذه المداخيل بنسبة 700 بالمئة بعد تحويل مكانه في غياب دراسة الجدوى. كما يرجع سبب التفريط في أرض السوق الأسبوعي إلى رغبة شركة الضحى في إقامة مشروع عقاري عليها و عدم إقبال المواطنين على السوق الجديد بحكم بعده على المدينة . و قد بدأت الشركة المعنية في إنجاز المشروع بالرغم من أنها لم تدفع ثمن الأرض للجماعة و البالغ 10 ملايير سنتيم على مساحة تبلغ 8 هكتارات بثمن 1250 درهم للمتر المربع كما أنها لم تحصل على رخص البناء و لم تؤد واجبات الرسم على عملية التجزيئ المرتبطة بالمشروع . * ملف المحطة الطرقية :ساهمت جماعة بني ملال في رأسمال شركة المحطة الطرقية للمسافرين منذ سنة 1984 برصيد عقاري مساحته 23000 متر مربع حددت قيمته المالية في وثيقة صادرة عن إدارة الشركة بتاريخ 31 دجنبر 2006 في مبلغ 5429600.00 درهم . ثم تم تحديد مساهمة الجماعة بمقتضى قرار صادر عن والي جهة تادلة أزيلال بتاريخ 10/12/2004 في 21000 متر مربع فقط بعد حدف 2000 متر مربع المقامة عليها محطة الوقود . كما شاركت الجماعة كذلك بمساهمة نقدية بلغت 2050000.00 درهم و شراء نسبة 50 بالمئة من نسبة أسهم المكتب الوطني للنقل بقيمة 50000.00 درهم ، فحددت نسبة الجماعة في 43.32 بالمئة من رأسمال الشركة . لكن تبين من الوثائق المثبتة و محاضر المجلس الإداري و الجمعية العامة للشركة المتوصل بها من طرف الجماعة بأن الجماعة لم تتوصل بحصتها من أرباح الشركة و البالغ أسهمها 37233 سهما من أصل 85644 سهما و ذلك عن سنوات 2002و2003و2005و2007و2009و2010 بالرغم من قيام الشركة بتوزيع الأرباح برسم بعض هذه السنوات ، في حين بقي مصير السنوات الأخرى مجهولا بالنسبة للجماعة . بالإضافة إلى كون الجماعة لم تتوصل بأية أرباح قبل سنة 2000 منذ تأسيس الشركة سنة 1984 رغم تحقيق الشركة لأرباح بلغت 263279.74 درهم سنة 1989 و 462251.98 درهم سنة 1992 كما يظهر في محاضر للشركة لسنوات 1990 و 1993. و هو ما يؤكد تقصيرا كبيرا من طرف الجماعة في تحصيل مستحقاتها .كما ظهر كذلك الإهمال الكبير لهذا الملف من طرف الجماعة في عدم احتساب المساهمة الحقيقية للجماعة في رأسمال الشركة و الذي حدد سالفا في مبلغ 7479600.00 درهم و الذي يتجاوز بكثير نسبة 43.32 بالمئة . كما تبين كذلك عدم احتساب قيمة بعض الأشغال المنجزة من قبل الجماعة بالمحطة الطرقية في حصة الجماعة برأسمال الشركة و تبلغ قيمتها 2015432.00 درهم و تتعلق بإقامة بناء مخصص للحافلات و موقف لسيارات الأجرة الكبيرة حيث تم اقتطاع مبلغ الصفقة من حصة الضريبة على القيمة المضافة لسنة 1988 (رخصة وزارية رقم 88/03 بتاريخ 18 أكتوبر 1988) كما قامت الجماعة ببناء سور ومحلات تجارية إلا أن هذه المساهمات لم تؤخذ بعين الإعتبار في تقييم مساهمة الجماعة في رأسمال الشركة . الأمر الذي يفرض إعادة النظر في تقييم حصة الجماعة من أجل ضمان الحقوق .و تبين كذلك عدم توفر الجماعة على الوثائق المحاسبية للشركة منذ دخولها كمساهم و خاصة الوثائق التي تشير إلى حصة الجماعة من أرباح الشركة بخصوص بعض السنوات و كذلك الوثائق المتعلقة بالحساب الختامي و حساب الموارد و المصاريف و كذا حساب النتيجة الصافية للشركة و التي لا ترسل إلى الجماعة من أجل التأكد من الوضعية المالية الحقيقية على اعتبار أن الجماعة تتوفر على نسبة 43.32 بالمئة. و قد لوحظ كذلك اختلاف كبير بين النتيجة الصافية المصرح بها لذى مديرية الضرائب و حصة الجماعة من الأرباح المتوصل بها و ذلك من خلال الإطلاع على قائمة الأرباح السنوية المحققة من قبل الشركة في وثائق مديرية الضرائب . * توصيات المجلس الجهوي للحسابات في هذه الملفات الثلاثة :1- إخضاع عمليات بيع ممتلكات الجماعة إلى مبدأ المنافسة و عدم اعتماد التراضي 2- تسوية الوضعية القانونية للعقار الذي ينجز عليه سوق الجملة الجديد و وضع مخطط شمولي يحدد الحاجيات المادية و الفترة الزمنية المتطلبة للإنجاز 3- إعادة النظر في القيمة المالية لحصة الجماعة في رأسمال الشركة4- المطالبة بحصة الجماعة من الأرباح منذ تأسيس الشركة مع كل فوائد التأخير المترتبة عن عدم توصل الجماعة بحصتها في الوقت المناسب 5- إلزام مدير الشركة بإرسال جميع الوثائق المحاسبية المتعلقة بتسيير الشركة عن كل سنوات التسيير.