إعلامية مميزة حجزت لنفسها مكانا متقدما بين المؤثرين في إعلامنا العربي، يسكنها عشق كبير للبنان وأسطورته الخالدة فيروز، لم تبتعد عنه يوماً لأنه يسكن في داخلها، لها أفكارها وعالمها الخاص الذي يجعلها بعيدة عن الأضواء التي قد تنطفئ يوما فتخيف كل ذي شهرة كبيرة، الإعلامية نجوى قاسم إستضفناها في حوار خاص ل «إيلاف» لتحدثنا عن حياتها، ورحلة الغربة، والحنين الى وطنها الأم. نجوى قاسم بعد كل هذه السنين في الغربة هل حان الوقت للعودة الى وطنك الأم؟ لم أبتعد عن لبنان حتى أفكر في العودة اليه، فربما أكون قد ابتعدت عنه جغرافيا، ولكنه يسكن بداخلي ولا يمكنني أن أبتعد عنه مهما طال الغياب, لبنان يعني لي الكثير ولو كان هناك فضاء واسع للتطور وتحقيق طموحي فيه لما تركته من البداية. متى تفكر نجوى قاسم بالعودة الى لبنان، وما هو الشيء الذي قد يشجعها على العودة ؟ ربما أن يكون هناك مشروع إعلامي متكامل يتبنى فكرة الوطن أولا بعيدا عن الصراعات الطائفية والمذهبية التي تعصف بهذا الوطن كل حين. هل وصلت الى ماكنت تطمحين اليه خلال مسيرتك الإعلامية ؟ لم أفكر يوما بأنني قد وصلت الى المكان الذي أريده، فالطموح دائما متجدد، والأحلام كبيرة وبعد كل مرحلة هناك مكان آخر أفكر بالوصول اليه، فلم أضع هدفاً في حياتي أفكر في الوصول اليه حتى أجيبك عن هذا السؤال، في البداية كان حلمي أن أكون مذيعة معروفة تعمل من أجل خدمة وطنها وقضاياه، وبعدها أردت أن أكون مذيعة مشهورة على مستوى العالم العربي وأن أقدم برنامجاً مؤثراً يناقش قضايا مهمة، واليوم لا أعرف الى أين يمكن أن يأخذني طموحي من جديد. أحيانا تسرق الشهرة الإنسان من حياته وأحياناً تفقده أشياء كثيرة بالمقابل، فهل حدث هذا مع نجوى قاسم؟ لم تسرق الشهرة مني شيئا، ولكن ربما تكون لها ضرائب يجب على الانسان أن يدفعها رغماً عنه. الشهرة والمال رديفان متوازيان دائمًا في أي مشروع ارتباط، فهل يعني هذا التناغم لنجوى قاسم؟ على العكس تماماً فالمال لا يعني لي شيئاً أبداً ولا يمكن أن أفكر بأن يكون الشخص الذي سأرتبط به رجل أعمال أو شخصية مشهورة، بل أريده شخصاً يتقبلني كما أنا من دون أي تكلف ويعرف كيف يعاملني، ويحتويني ولا يمكن أن أتقبل فكرة شخص يلغي وجودي مقابل شخصيته. ما هي السلبيات التي قد تواجهك كشخصية مشهورة في أي مشروع ارتباط؟ ربما أن مجتمعنا الذكوري مازال بعيداً عن تقبل فكرة المرأة الناجحة والمشهورة, والرجل العربي بشكل خاص يرفض أن يتقبل بأن هذه المرأة ناجحة ومشهورة قبل أن تعرفه، ولا يمكن له أن يلغي شخصيتها بقرار منه. هل سرقك الإعلام من حياتك الشخصية، أو هل وقفت بين خيار النجاح أو الحياة العائلية الهادئة ؟ ربما، ولكن الأمور لا يمكن أن تقاس كذلك، فعندما ذهبت الى العراق لأغطي الحرب عام 2003 لم أكن لأذهب لو كانت لدي عائلة وأطفال. إذا تطرقنا الى الإعلام والعمل , كيف تنظرين الى هذه الفوضى التي يعيشها الإعلام في دول الربيع العربي ؟ مهما كانت هذه الفوضى فهي بإعتقادي لها نتائج ايجابية فمثلاً أصبح الإعلام التونسي يتطور بشكل ملحوظ، وأصبح لدينا إعلام ليبي لم نكن نسمع به من قبل، وأيضاً الإعلام المصري يشهد تطوراً ملحوظاً ربما بدأ حتى من ايام مبارك، برأيي مهما كانت الأوضاع المستقبلية فإنها ستكون ايجابية بالنسبة للإعلام في تلك الدول. هل تتمنين ربيعاً عربياً في لبنان ؟ بنسبة كبيرة نعم ولكن ليس على طريقة إلغاء الطرف الآخر فنحن في لبنان ربما نحتاج الى ربيع يوقظنا من الصراعات والتكتلات الطائفية التي نعيشها. كيف تنظرين الى تغطية الإعلام العربي للأحداث الجارية على الساحة العربية؟ أنظر اليها بشكل ايجابي فقد أصبحت قضايانا العربية نناقشها في إعلامنا العربي، فالإعلام هو مرآة الأحداث فنحن نعيش حالة من الانقسام الشديد ففي كل بلد تجد الناس منقسمين الى قسمين أو أكثر، وكل منهم يتبنى فكرة معينة، وهنا يبرز دور الإعلام في أن يعطي الصورة الحقيقية للمشاهدين. هل يمكن أن يفرض الإعلام مسارا ًمعيناً للمشاهد قد يؤثر عليه ؟ فيما مضى كان من الممكن، أما اليوم فهذا مستحيل تقريباً فنحن اليوم في عصر المواطن الصحافي، فقد أصبح للمشاهد دور في الإعلام من دون أن يشعر، سواء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال الصورة السريعة التي قد ينقلها، ومن أمور كثيرة ولّدتها الظروف الحالية, قد يؤثر الإعلام الموجه بجزئية بسيطة، ولكنه لا يستطيع أن يفرض رؤيته بشكل تام لأن الحقائق أصبحت واضحة وقابلة للنقل عبر وسائط متعددة. نقرأ لك الكثير من الكتابات على صفحتك الشخصية في «الفيسبوك» ، ما هو سر هذا الحب للكتابة ؟ الكتابة هي عالمي الساحر والخاص الذي أعيشه بعيداً عن كل ما قد يؤثر علي، فهي تجعلني أسبح في فضاء كبير من الأفكار التي تجول بمخيلتي، وأعتبر الكتابة مكملة للصورة فعندما أكتب أعيش حالة من التخيل للصورة التي أعبر عنها كتابة. هل لفيروز وصوتها الذي تعشقينه دور في هذا العالم الذي تعيشين فيه ؟ فيروز هي الكنز الكبير الذي نمتلكه جميعنا ولصوتها دفء خاص يحملني الى ذكريات كثيرة في حياتي، فصوتها يعطيني القوة الكبيرة لأسافر في عالمي الخاص، وهو المحرض الأساسي على الكتابة. هل تخافين من تقدم العمر وانطفاء الأضواء من حولك ؟ لا أحرص بأن أكون تحت الأضواء حتى أخاف بأن تنطفئ من حولي، فأنا أحب الهدوء ولا أحب التواجد بالأماكن التي تكون فيها الأضواء, ولكل مرحلة في الحياة هناك شيء ما يقوم الإنسان بتبنيه والتميّز فيه. يشهد لبنان ترشح الكثيرين من الإعلاميين والفنانين لمناصب سياسية، هل يمكن أن تخوضي غمار السياسة يومًا ما؟ لن أفكر في الدخول يوماً الى هذا المعترك، فأنا أحب أن انقل الصورة المكملة للناس وأكون معهم وبصفهم ولا أريد أن أكون في مواجهتهم , فطالما أن لي دوراً في أن أكون بجانب آرائهم وأفكارهم لأنقل اليهم حقيقة الواقع الذي يعيشونه فلماذا أضع نفسي على الجهة المقابلة. هل هناك شيء ما تندمين عليه في حياتك ؟ فيما مضى لم أكن نادمة على شيء ولم أكن أتقبل فكرة الندم فالحياة علمتني بأن أحسب خطواتي جيداً ، لكنّ هناك شيئاً أندم عليه في العام الماضي على صعيد الحياة الخاصة، وأتمنى لو أنه لم يكن ليحدث في حياتي. ما الذي يمكن أن يخيفك من تعامل الآخرين معك ؟ أخاف من الذين يحبونني فجأة أو الذين يحاولون التقرب مني من دون سبب، سواء على صعيد الصداقة أو الحياة الخاصة، فهؤلاء الأشخاص لا أشعر بأنهم يحاولون أن يعرفوا نجوى قاسم الإنسانة بل يتقربون الى نجوى الإعلامية والمذيعة. ما سر عشقك الكبير للقطط ؟ القطط هي حيوانات أليفة ومميزة ورائعة، فهي تمتلك الكثير من الصفات الجميلة التي تجذبك اليها فتعلمك لغة خاصة بها تجعلك تفهم أحاسيسها، تعلمك الألم بلغة خاصة، وتعلمك الفرح فتعرف كل هذه الأحاسيس التي تشعر بها من دون أن تفهم لغتها، والحيوانات الأليفة ضرورية في البيت خاصة لو كان هناك أطفال. ماذا تفعلين عندما تضيق بك الحياة وتبحثين عن الهدوء؟ أذهب الى بيتي في منطقة جون بلبنان فهو المكان الذي أعشق عبقه وهواءه أعيش هناك أسعد لحظات حياتي بكل تجرد وبساطة.