بعد أسبوعين فقط من مصرع عامل في مقتبل العمر بأحد مناجم عوام، إقليمخنيفرة، وهو من المناجم الثلاثة التابعة للشركة المنجمية تويسيت، إثر صعقة كهربائية بباطن الأرض، يلقى عامل منجمي ثان حتفه، بعد زوال يوم الثلاثاء 23 أكتوبر 2012، بسقوطه في نفق أرضي (بئر) عمقه حوالي 60 مترا، حسب تقديرات مصادر «الاتحاد الاشتراكي» من المنطقة، والهالك كان يشتغل قيد حياته لحساب مقاولة (كولد مين)، التي تباشر أشغالها بالمناولة من الشركة الأم. ويتعلق الأمر هذه المرة بالمسمى مصطفى فوغالي، أب لطفل واحد، وينحدر من منطقة ولماس، إقليمالخميسات، حيث كان ينوي الصعود من باطن الأرض عبر أحد المصاعد المنجمية الصغيرة، وفق مصادرنا، إلا أن الحظ لم يحالفه هذه المرة ليلفظ أنفاسه الأخيرة، ما خلف صدمة وسخطا كبيرا بين جميع العمال، ومن خلالهم أوساط الرأي العام بالقرية المنجمية تيغزى وباقي أرجاء مريرت، على خلفية الوضعية المأساوية التي تحصد أرواح العمال بهذه المناجم. وسبق لمنجم إغرم أوسار، أحد المناجم الثلاثة الأساسية التابعة لشركة تويسيت ( جبل عوام، إغرم اوسار، سيدي أحمد)، أن شهد، يوم الأربعاء 10 أكتوبر 2012، مصرع عامل شاب (عصام الراجي)، لا يتجاوز عمره 23 سنة، ويشتغل لحساب مقاولة بالمناولة (سطار ميلتي ترافو)، إثر صعقة كهربائية أصابته بباطن الأرض. ومن جديد، كان طبيعيا أن يطفو سؤال المتتبعين حول مدى احترام الشركة المنجمية تويسيت للقوانين المنصوص عليها في ما يتعلق بظروف العمل وشروط السلامة والصحة والوقاية من الأخطار وحوادث الشغل التي أودت بحياة العديد من العمال في صمت، بينما أصابت الكثير منهم بعاهات مستدامة، رغم «المعارك المريرة والنضالات التي خاضها العمال المنجميون وحملات التضامن المحلية والوطنية والدولية معهم»، على حد تعليق أحد النشطاء المحليين، ولا أحد يحرك ساكنا، فيما الباطرونا منهمكة في استنزاف الثروات المعدنية للمنطقة، وفي امتصاص عرق وأرواح العمال بشتى أشكال الاستغلال المفرط! كما جردت السلطات الأمنية، التي ضرب طوقا على محيط المكان المستهدف، بعض العاملين عند مداهمتها للسوق عن الهواتف الشخصية وحاصرتهم في مكان معزول تفاديا لأي اتصال بالجمعية أو بجهة خارجية تعيق أو تمنع عملية الهدم، حسب تصريحات أحد أعضاء الجمعية. بالتأكيد سينعكس هدم » سوق الجلد« سلبا على الحالة الاجتماعية لأكثر من 1200 أسرة يشتغل أربابها بشكل أساسي ومباشر داخل هذا المرفق العمومي، خصوصا بعد تزامن الهدم هذا الفترة الهامة في جدول المبيعات الجلدية، مما دفع بهذه الفئة، شبابا وشيوخا، لتنظيم وقفة لإثارة انتباه الرأي العام المحلي للحيف، الذي يطالهم ويطال أسرهم في ظل دولة الحق والقانون ودولة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وقد أثارت هذه العملية استياء واسعا وانتقادات لاذعة، وأعرب المتضررون عن استهجانهم لهدم هذا المرفق العمومي دون سابق إنذار، مؤكدين رفضهم إخلاء المكان وأنهم لن يستسلموا للقرار الجائر وقرروا الاستمرار في ممارسة نشاطهم في نفس الموقع، ممتنعين عن الترحيل مهما كلفهم ذلك من تضحيات. وكشف رئيس الجمعية عن »المؤامرة« التي تحاك ضد هذا المرفق، الذي يدر الملايين يوميا لفائدة المجلس والذي يراد نقله حتى يكون بعيدا عن الأعين والأنظار، وذلك لغاية في نفس يعقوب، بعد إهمال ممنهج للبناية جعلها مهددة بالانهيار وتشكو من غياب أدنى التجهيزات، ومياه مجهولة المصدر ولا وجود لمرحاض، وبرك مائية في كل مكان، وغياب النظافة حيث رؤوس الأغنام والماعز مشتتة في كل زاوية على شكل كومات تنبعث منها رائحة تزكم الأنوف، والوضع الصحي الكارثي، الذي يعمل في ظله »الدلالة، الحمالة، النزالة، القلابة، البياتة، الذباغة، اللباطة، الكتاب... «، رغم مداخيل السوق التي تفوق مليوني سنتيم لليوم الواحد. هذا، وقد هدد المحتجون بالاستمرار في وقفاتهم ومنع إدارة السوق التابعة إلى المجلس الجماعي من تنفيذ مخططها، رافعين على هامش الوقفة، التي نظمتها الجمعية على خلفية عملية الهدم، شعارات تندد بالإهمال وتجاهل مطالب المهنيين والعمال، وبعملية الهدم المفاجئة التي عرضت حياة المئات من الأسر للتشرد، محملين السلطات الوصية والمنتخبة المسؤولية المدنية والجنائية في ما حصل وعن أي تطورات محتملة نتيجة ما ألحق هذا التهديم السلطوي من أضرار وأخطار، واستنكروا محاولة ترحيلهم قسرا وتحويلهم إلى نازحين، كما جاء على لسان المتضررين. وقد علق عبد الله، مرشد سياحي بفاس، في تصريح للجريدة، على خلفية عملية الهدم التي عصفت » سوق الجلد«، أن المآثر التاريخية أصبحت مهددة للاندثار سواء بإهمالها أو هدمها أو نهبها، معتبرا أن اندثار أي جزي من التراث الحضاري بالحاضرة الإدريسية يعد خسارة للأمة والإنسانية، خصوصا أمام الجهود التي تبذلها منظمة اليونسكو إقليميا لمعالجة قضايا التراث الثقافي والحضاري في العالم الإسلامي.