لم تغب المفاجآت عن قائمة التأهلين إلى الدورة المقبلة من كأس الأمم الإفريقية، التي تحتضنها جنوب إفريقيا بدءا من 19 يناير القادم، ليظل المد والجزر سمة سائدة لتوزيع القوى في خريطة كرة القدم بالقارة السمراء. ومع استمرار غياب مصر، حاملة اللقب سبع مرات، والكاميرون، صاحبة أربعة تتويجات، عادت إثيوبيا مرة أخرى إلى المشهد بعد غياب دام ثلاثة عقود، لم يكن يليق بواحدة من أربعة مؤسسين لكأس الأمم. واخترقت إثيوبيا التصفيات بإزاحة بنين في الدور الأول بفضل هدف التعادل خارج ملعبها (1 - 1)، ثم تغلبت على السودان بنفس القاعدة، حيث خسرت في الخرطوم (3 - 5) وفازت في أديس أبابا بثنائية دون مقابل، لتتفوق في دربي وادي النيل. وتبدو نتائج الكرة الإثيوبية في العام الأخير وكأنها تعبر عن صحوة بروح بطل القارة عام 1962، فالفريق الحبشي يسير بخطى ثابتة في تصفيات كأس العالم، بل ويتصدر مجموعته، التي تضم جنوب إفريقيا بعدما تعادل معها في أرضها (1 - 1) وفاز على بوتسوانا أمام أنصاره. وتتميز إثيوبيا بفريق تقل أغلب أعمار لاعبيه عن 28 عاما، ويضم هدافا يجيد التعامل مع الشباك، هو صلاح الدين سعيد، المحترف بفريق وادي دجلة المصري. وأفرزت تصفيات كأس الأمم وجها جديدا يخوض النهائيات لأول مرة، هو منتخب الرأس الأخضر الذي تخطى الكاميرون بالفوز (2 - 0) في برايا قبل الخسارة (1 - 2) في ياوندي، علما بأنه كان قد أقصى مدغشقر في الدور الأول. ويعبر الرأس الأخضر عن طموح دولة لا يتجاوز تعدادها نصف مليون نسمة، ولم تخرج أي لاعب معروف في السنوات الأخيرة، سوى المهاجم إدواردو دادي الذي مر بتجربة احترافية مع فريق أوساسونا الإسباني، قبل أن يخفت نجمه وينتقل إلى قبرص. وكادت التصفيات أن تفرز مفاجأة كبيرة، هي منتخب أفريقيا الوسطى الذي أقصى مصر في الدور الأول بالفوز (3 - 2) في الإسكندرية والتعادل (1 - 1) في بانغي، ولكنه خرج بفارق هدف وحيد في الدور الحاسم أمام بوركينا فاسو. أما أوغندا الغائبة عن النهائيات منذ وصافتها لبطولة 1978، فكانت على وشك تحقيق مفاجأة كبرى والإطاحة بزامبيا، حاملة اللقب، لولا ركلات الترجيح التي ابتسمت لكريس كاتونغو ورفاقه، بعد أن تبادل الفريقان الفوز (1 - 0). ولا يمكن اعتبار تأهل النيجر للنهائيات للمرة الثانية على التوالي سوى مفاجأة أخرى، خاصة وأن الفريق الذي خسر مبارياته الثلاث في بطولة 2012 الماضية تأهل على حساب غينيا. وفي المقابل، عادت بعض القوى الإفريقية إلى النهائيات بعد غياب، مثل الكونغو الديمقراطية، حاملة اللقب مرتين بمسمى زائير، والتي كانت مشاركتها الأخيرة في نسخة 2006 بمصر حين بلغت ربع النهائي. وبالمثل، عادت الطوغو، بقيادة إيمانويل أديبايور، إلى المحفل مرة أخرى بإقصائها الغابون بعد غياب سبع سنوات عن البطولة، فيما اكتفت الجزائر بالغياب عن النسخة الماضية فقط، وحلت محل ليبيا بعد الفوز عليها (3 - 0) بمجموع المباراتين. واستعاد المغرب توازنه مع المدرب الوطني رشيد الطوسي، وعوض خسارته أمام الموزمبيق بهدفين بفوز بالأربعة في مراكش، ليرافق تونس التي تأهلت بفضل تسجيلها خارج ملعبها خلال التعادل (2 - 2) مع سييراليون، التي كانت قريبة من المفاجأة. وأنهت مالي أحلام بوتسوانا في الظهور الثاني على التوالي، كما تغلبت غانا بشكل منطقي على مالاوي، وكذلك عادت نيجيريا إلى الأجواء بفوز عريض على ليبيريا، فيما تأهلت أنغولا على حساب زيمبابوي. وشهد الدور الأخير من التصفيات موقعة من الطراز الثقيل في غرب القارة بين كوت ديفوار والسنغال، فازت فيها الأولى (6 - 2) بمجموع المباراتين، ليواصل ديدييه دروغبا بحثه عن لقب قاري مع بلاده. وتقام قرعة البطولة في 24 من الشهر الجاري بمدينة دربن، التي ستستضيف بعض المباريات، شأنها في ذلك شأن جوهانسبرغ وبورت إليزابيث ورستنبرغ ونيلسبروت.