« كنت أسجل القليل من رؤوس الأقلام في هذه الكراسة السوداء. في كل مرة، كنت أتوجس من ألا يأتي الشخص إذا ما أنا كتبت مسبقا وقت وتاريخ لقائنا. لا يجب ، علينا أن نكون بمثل هذا اليقين في المستقبل. وكما يقول بول كاستانيي، فقد كنت أفضل إذن سير جنب الجدار. فقد كان يأخذني الشعور بأنني أعيش حياة سرية، وفي مثل هذا النوع من الحياة نتحاشى أن نترك آثارا وأن نكتب ، حبرا على ورق ، جدول الزمن». هذا مقطع من الرواية الجديدة التي كتبها باتريك موديانو. الروائي الشهير،كتب هذه المرة» حشيش الليل»، الصادر مؤخرا، بنفس الرواية البوليسية. وهو ما يشكل تحولا كبيرا، لكن الرئيسي في هذا التحول هو أنه استقى أجواء الرواية من قصة اغتيال... المهدي بن بركة. موديانو الروائي والكاتب الفرنسي الشهير صدر له أزيد من 30 مؤلفا، وحاز العديد من الجوائز. عاش حياة متفردة للغاية، كان أبوه متجولا، ومغامرا، من أصول إسبانية. استطاع أن يفلت من شرطة النازية وحليفها فيشي ابن الاستعمار النازي لفرنسا. أمه نفسها كانت حياتها مضطربة، ولم تستطع، لا هي ولا والده تقديم الشيء الكثير للإبن الذي عاش حياة صعبة للغاية. أول نص كتبه ونشره،«كان سنة 1965 ، أي في السنة التي اختطف فيها المهدي بن بركة. وأول رواية كانت له في سنة 1966، سماها ساحة النجوم ونشرتها دار غاليمار.أول جائزة حاز عليها في 1972، عن روايته««شوارع الحزام»» الجائزة الكبرى للرواية الفرنسية للأكاديمية الفرنسية كتب موديانو الأغنية والسيناريو. وقدم العديد من الكتب منها تقديم ديرماريا ريلكه. حصل على 11 جائزة على الأقل منهاجائزة الأدب الأوروبي. تستوحي روايته البوليسية الحكائية قضية الشهيد المهدي بن بركة. والتي أثارته وأثارت اهتمامه كثيرا، بفصول الاختطاف والاغتيال لمغربي مشهور عاش في باريس، كماأثارته لأنه-حسب الصحافي الثقافي للوموند- «كان على معرفة بأحد الأشخاص كان على علاقة بالملف». « بعد نصف قرن على بداية القضية، يمتح الكاتب من هذه القصة المعتمة الأسماء ،والأمكنة ونتف من الحبكات وأجواء ثقيلة للغاية»، حيث نقرأ «في كل مكان ، يسود شعور بالخطر يعطي لونا خاصاللحياة». في الرواية أيضا يصبح جورج بوشيش. المتهم بقتل المهدي بن بركة في العديد من الروايات ،جورج .ب باعتباره رجلا لا يمكن أن نصفه بأنه عاطفي». والفندق (يحمل اسمه// الوحيد) في مونبارناس، وهو أحد مالكيه، يوجد في قلب الحكي.، بول كاستانيي، الرجل التابع له، يرد باسمه في الرواية، كما اسم الشخصية الروائية غالي اغموري، لا يمر بدون أن يذكرنا باسم الطالب تهامي الزموري، الطالب الذي كان يرافق الشهيد المهدي بن بركة عند اختطافه. والأساسي في الكتابة هو أن موديانو يضيف لمسته المحبوبة في الضبابية،حتى إن الرواية تدور حول قضية بن بركة، نوعا ما، لكنها في المقابل تكاد تكون بلا قضية وبلا شهيدها. فهو لا يتحدث عن اختطاف سري قليلا، ويركزأضواء كتابته على شخصيات ثانوية في المأساة، ليكتب عنها شهورا قبل أن تعرف وتصبح مشهورة بالقتل. وكما هو حاله دائما ، يدفع// موديانو الحكي إلى جذوره لحظة الاستعمار النازي لفرنسا، وأيضا للمغرب. فبوشيش، قبل أن يتورط في مقتل الشهيد، كان قد قدم مساعدات كثيرة للغستابو الفرنسية ، والدكتور (هل هو الحسوني ، الممرض الشهير) لوكازيك، كان على صلة بالقضية المأساوية، كما كانت له صلة بالعصابة الإجرامية.. اعتبرت الفيغارو من جهتها أن «الرواية 27 لموديانو تملك كل أسباب النجاح كسابقاتها». فيها نلتقي بشخصيات مريبة، تنتقل من فندق رخيصالى مقهى ليلي، في حين يسعى الراوي، وهو كاتب في الرواية أن يستعيد ذكرى امرأة عرفها في الماضي، وربما تكون وراء قتل« أحد ما. يحكي موديانو الرواية «بموسيقى صغيرة»، كما يقال بالتعبير الفرنسي، بغموض بين السطور ، منذ بداية القصة عندما يبدأ الراوي بالقول «مع ذلك، لم أكن أحلم»».