يرى نقاد مصريون أن عرض مسلسل تركي عل الفضائيات المصرية أمر معتاد إلا أن الجديد هو عرض مسلسلات مصرية على الشاشات التركية، حيث يجري حاليا دبلجة مسلسلي «الدالي» و«سقوط الخلافة» للغة التركية وهو الأمر الذي طرح تساؤلات عديدة عن مستقبل ذلك التبادل الدرامي بين البلدين، والأسباب التي أدت إلى تنامي ذلك الاتجاه وارتباطها بالعلاقات السياسية. ويقول الناقد الفني عصام زكريا هناك أسباب عديدة لقيام تركيا بدبلجة المسلسلات المصرية أهمها تقارب الثقافة بين تركيا ومصر والأبعاد السياسية الجديدة التي ظهرت بعد الثورة المصرية وتولي جماعة الإخوان المسلمين الحكم في مصر»، مدللا على ذلك بالتعاون السياسي والاقتصادي بين تركيا ومصر خلال الفترة الراهنة. ويرى زكريا أن الدراما تتأثر بالسياسة بصورة كبيرة حيث تؤثر منهجية الحكم على التبادل الدرامي بين الدول «بدليل حصول التلفزيون المصري على وجبة دسمة من الدراما والأفلام الأمريكية بعد حرب أكتوبر 73، حيث تقارب الرئيس الراحل أنور السادات مع الأميركان وهو الأمر الذي يتكرر حاليا بين الإخوان وتركيا». وأشار إلى أن غزو الدراما التركية لمصر بدأ في زمن ما قبل الثورة، «نظرا لأن تلك النوعية من المسلسلات تلاقت مع ذوق الجمهور المصري، كما أن هناك تقاربا ثقافيا بين مصر وتركيا من حيث العادات والتقاليد والمواضيع التي تخص الحب والشوق وأزمات المجتمع العربي». لكن أكد في الوقت نفسه أن المسلسلات التركية تتميز بمواصفات لا توجد بكثافة في الأعمال الدرامية المصرية مثل الديكور والأناقة في الملبس للممثلين واختيار أبطال من الرجال والنساء لديهم قدرة علي جذب الجمهور وتجسيد أزمات المجتمع الأرستقراطي «الذي تسعى الشريحة نفسها في مصر إلى الارتباط به واتخاذه قدوة في حياتهم اليومية وهو الأمر الذي منح الدراما التركية قدرة على الوجود والنجاح في مصر مقارنة بالدراما الأميركية التي تختلف بصورة كبيرة عن طبيعة الشعب المصري». وأضاف زكريا أن فكرة دبلجة الأعمال الدرامية من دولة إلى أخرى عملية مربحة للغاية كما أن تكلفتها قليلة مقارنة بالتكلفة الفعلية التي تتطلبها الأعمال الدرامية في الفترة الراهنة. وقال إن الأمر سيكون مختلفا بالنسبة للأعمال السينمائية التركية التي ستأتي إلى مصر مثل فيلم «السلطان الفاتح» الذي يعرض حاليا في دور العرض المصرية، وتوقع عدم تحقيقه نجاحا كبيرا نظرا لطبيعة الشعب المصري «الذي لن يذهب إلى السينما ليشاهد فيلما تركيا مدبلجا، إلا أنه سينتظره في التلفزيون، كما أن هناك فارقا كبيرا بين الأفلام المصرية والأفلام التركية، حيث إن الغالبية العظمى من الأفلام التركية تعرض بقليل من الرقابة وتنطوي على مادة وثائقية وطبيعة سياسية بحتة وهو الأمر الذي لن يلقي إقبالا في مصر». أما الناقد طارق الشناوي فيرى أن قيام تركيا بدبلجة أعمال درامية مصرية هو رد فعل طبيعي للغزو التركي للسوق المصرية الذي بدأ منذ فترة طويلة، مؤكدا أنه اتجاه جيد، مشيرا إلى أن هناك بعض المطربين المصريين اتجهوا إلى الغناء في تركيا مثل غادة رجب التي قدمت أغنية تركية في ألبومها الجديد، وتوقع حدوث مزيد من التعاون بين مصر وتركيا خلال الفترة المقبلة لاسيما أن كليهما يسيران على الخط السياسي والثقافي والاجتماعي نفسه. وقالت الناقدة ماجدة موريس إن دبلجة مسلسلي «الدالي» و«سقوط الخلافة» إلى اللغة التركية ستحقق نجاحا كبيرا في تركيا لأن مستوى المسلسلين جيد، وأشارت إلى أن المنتجين الأتراك ينفقون الكثير من الأموال على الأعمال الدرامية «لذا فهي تخرج متكاملة وجيدة وتجذب إليها الجمهور». وأضافت أن هناك أسباب عديدة لنجاح المسلسلات التركية ومنها مسلسل «حريم السلطان» التاريخي «الذي يعبر عن نوعية قيمة من الدرما تتعطش إليها مصر بصورة كبيرة». بالمقابل، يرى الناقد محمود قاسم أن دبلجة المسلسلات المصرية وتقديمها في تركيا في إطار ميل درامي ليست له علاقة بالسياسة، متوقعا أن هذه التجربة لن تحقق نجاحا في تركيا خاصة الدراما التي تجسد طبيعة الطبقة الثرية مثل مسلسل «الدالي»، و»هو الأمر الذي لا يرغب المشاهد التركي بمتابعته في الدراما»، إلا أنه قال إن مسلسل «سقوط الخلافة» قد يحقق نجاحا في تركيا، نظرا لميل المشاهد التركي إلي المسلسلات التاريخية. وأشار قاسم إلى أن دبلجة الأعمال التركية حققت نجاحا كبيرا في مصر، «نظرا لتفوقها وتميزها وتقديمها ثقافة مختلفة وهو الأمر الذي يتطلب تطوير الدراما المصرية لكي يحالفها النجاح في تركيا.