بهذه المناسبة أجدد التحية لروح الفقيد توفيق العمراني .الصورة التي أستحضرها دائما عن الفقيد هي ذلك القلق المستمر الذي يستوطن ذهنه باستمرار على كون أن الأشياء لا تمضي كما يريد . كان دائما يحس في عملنا في عطائنا في برامجنا في تفكيرنا لا نعطي بما فيه الكفاية . كان يستحثنا كما لو أنه كان يستشعر بأن زمن رحيله قريب فكان يريد أن نحقق في أقصى مدة ممكنة أكثر ما يمكن من انجازات ومن انتصارات ومن البرامج ومن المناشط ومن الانجازات . بالنسبة الى الشبيبة الاتحادية لا يمكن أن نتحدث عنها دون أن نتحدث عن أستاذنا جميعا الأستاذ عبد الهادي خيرات . أستحضر الدور الذي لعبه وأعتبر شخصيا أن من الشخصيات السياسية في المغرب التي لم تنل ما يكفي من العرفان هو الأستاذ عبد الهادي خيرات .إذا ما قدر لنا أن نبحث في الحركة الاتحادية خاصة مع انطلاق المؤتمر الاستثنائي : عمن صنع المؤتمر الاستثنائي والخطوات التنظيمية الأساسية ووضع الأسس التي أرسي عليها بناء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنجد خيرات ضمن لا أقول العشرة الأوائل ولكن أقول الخمسة الأوائل الذين بنوا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهذا التنظيم الذي اسمه الشبيبة الاتحادية . الفترة التي كان فيها الأستاذ عبد الهادي خيرات كاتبا عاما قدر لي أن أشتغل فيها بجانبه كعضو في المكتب الوطني ويمكن أن أقول أن تلك الفترة تميزت ببعض المميزات : أولا، عبد الهادي خيرات أشرف على خطة وعلى صياغة لإعادة استرجاع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونفذنا كشبيبة اتحادية هذه الخطة ونجحت وعقد المؤتمر الخامس عشر . في تلك اللحظة من كان يتصور بأن المؤتمر ، بأن أوطم سينتصر على الحظر وسينتزع الشرعية وسيعيد بناء هياكله وسيعقد مؤتمرا في قوة وحماسة المؤتمر الخامس عشر وسيأتي قدماء أوطم من كل الاتجاهات ليزكوا هذا المؤتمر وليسلموا المشعل الى قيادة المؤتمر الأخ محمد بوبكري ؛ فلا شك أن هذه من بين الأشياء التي يمكن للشبيبة الاتحادية في ظل قيادة الأستاذ عبد الهادي خيرات أن تعتز بها . الشيء الثاني الذي كان مهما في مرحلة الأستاذ عبد الهادي خيرات ابتداء من سنة 1975 ثلاثة أيام بعد اغتيال المرحوم عمر بنجلون هو الدور الذي لعبته هذه المنظمة في النضالات الديموقراطية خاصة في سنة 1976 و 1977 والنضالات الانتخابية . الشبيبة الاتحادية كانت ، إذا استثنينا حزب الاستقلال الذي كانت له الى حد ما الشبيبة التي كان لها دور ، ولكن المعركة الانتخابية كانت هي الشبيبة الاتحادية لأن الشبيبة الاتحادية هي التي تحول التنافس السياسي الى معركة سياسية وليس الى معركة انتخابية : تحاكم فيها الاختيارات . وهذا ما دفع بعد 1976 مباشرة بعد انتخابات 1976 ، قامت حملة التي تم فيها اعتقال ما يسميهم أحمد لمسيح الكواكب الإحدى عشر للشبيبة الاتحادية في الدارالبيضاء لكي يتم زج الجناح الذي كان يحلق به الاتحاد الاشتراكي وهو الشبيبة الاتحادية . لم يكن أي حزب سياسي من جميع الاتجاهات الذي كان له هذا السلاح في هذا المدار وفي هذا الفتك الذي هو سلاح الشبيبة الاتحادية. الأحزاب كلها كان لها شباب مأجورين يعطونهم الفلوس. الاتحاد الاشتراكي له ذراع شبابي قوي مساهم هو الشبيبة الاتحادية. في المسألة الثانية في نظري في تجربة الأخ عبد الهادي خيرات هو أن الشبيبة الاتحادية دخلت ، وكانت موجودة قبل 1975 ، في هيكلة قطاعية بالطول وبالعرض . هيكلة قطاعات محلية و...ولأول مرة بدأت الشبيبة الاتحادية في التخطيط . إذا لاحظتم في المذكرة التنظيمية 65 هناك تنبيه بهذه المسألة يجب أن لا نبقى في رد الفعل بل في الفعل الذي يقتضي أن نخطط له وللبرامج ويمكن أن نعطي فقط مثالا : أن قطاعات مثل عمل الشباب الاتحادي في الجمعيات . كنا نعقد لقاءات وطنية لكي نبرمج وننهج وننظم عملنا في مختلف الجمعيات وهيآت المجتمع المدني . فلم تعد هذه الأمور متروكة لمساهمة المناضلين بتلقائية ولكن أصبحت وراءها خطة مدروسة في قطاع الجمعيات وفي قطاع التلاميذ وفي القطاع الطلابي .هناك خطط مدروسة مسبقا وهذا لم يكن عند الحزب كحركة اتحادية أو في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو الاتحاد الاشتراكي فيما بعد . المسألة الثالثة هو دور الشبيبة الاتحادية فيما يتعلق بهيكلة وبناء تنظيم الحزب : كان مجموعة من الشباب طبعا معظمهم يعمل في مجال التعليم . وكانت التعيينات تتم في مناطق بعيدة . ومن بعد التخرج تلك الأنوية من الشباب كانت تمضي وتتضارب مع القائد والشيخ لكي يفتح مقر الحزب ولكي ينظم الاجتماع الأولي لمجموعة من المناضلين ومن تم تضع الهياكل الأولى للشبيبة الاتحادية . إذن الشبيبة الاتحادية لعبت أدوارا على الصعيد الطلابي ( أوطم )، على صعيد برمجة وتخطيط معارك القطاعات المختلفة . على مستوى مساعدة الحزب كأجنحة أساسية في الحملات الانتخابية ورابعا على مستوى بناء الهياكل الحزبية . ولكي أصارحكم سيقع تراجع ابتداء من 1984 الى سنة 1987 .ولكن ذلك الاندفاع القوي من 1975 الى 1983 لن تصل الشبيبة الاتحادية الى ذلك المستوى ذلك الاندفاع الجماهيري القوي .طبعا تحملت المسؤولية في سنة 1987 ولكن في مرحلة الجزر وليس في مرحلة المد فكان المطلوب إعادة البناء من جديد .كان هناك نوع من الإجهاد الطبيعي بعد دورة أولى كانت في رأيي من 1975 من المؤتمر الاستثنائي للحزب الى 1984 وما بين 1984 و 1987 سيقع نوع من التراجع . في المرحلة التي تحملت فيها المسؤولية ، لا تنتظروا مني أن أنتقد تلك المرحلة ، ما يمكن أن أقوله هو أن الانجاز الذي يمكن أن أقوله للشبيبة الاتحادية في تلك المرحلة أن الشبيبة الاتحادية أصبحت لها شخصية سياسية . طبعا هناك من كان يعاتب أن هذه الشخصية السياسية هي شخصية مستقلة. هي لم تكن مستقلة لأنها ، يمكن أن نعيب عنها إذا كانت مستقلة عن التوجهات الكبرى ، وهي لم تكن مستقلة عن التوجهات الكبرى المسطرة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية . هذه الشخصية سأقول أهم حاجة أنها حفزت الفعل السياسي الحزبي . مثلا ، المستجدات التنظيمية التي يتم إلحاقها ببنية الحزب وفي سير عمله . الشبيبة الاتحادية سبقت الى ذلك والمؤتمر الخامس قام بالمستجدات التنظيمية الذي كان غير متصور بأن الاتحاد الاشتراكي كحزب أن يقوم بها : حرية الترشيح ، الاقتراع السري ، وجود تنظيمات أجنبية تراقب أو تتبع الاقتراع ..يمكن أن أقول على هذا المستوى أن الشبيبة الاتحادية مارست نوعا من استفزاز الحزب ودفعه الى التجديد على المستوى السياسي أو التنظيمي .. فهناك أمور كثيرة : إصلاحات تمت أولا في الشبيبة الاتحادية ثم بعد ذلك في الحزب . في الأصل في المرحلة السابقة كانت الإصلاحات تتم في الحزب أولا ثم بعد ذلك في الشبيبة الاتحادية . وفي هذه المرحلة أصبحت لدى الشبيبة الاتحادية أدبيات التي تقدم فيها وتساهم فيها بجزء كبير من التفكير الحزبي . البيت الاتحادي فيه الشبيبة الاتحادية كقطاع ، كشخصية سياسية تساهم في النقاش السياسي وليست فقط بالتقييم أو بجلد الذات أو بالنقد بل تساهم أيضا بأفكار في الإصلاحات الدستورية أو بالإصلاح الثقافي ... الجانب الثاني هو أنه في المرحلة الأولى التي كان فيها الأستاذ عبد الهادي خيرات كاتبا عاما للشبيبة الاتحادية الطابع الغالب على الشبيبة كان العمل كشبيبة اتحادية بينما في مرحلة 1987 الى ما فوق وخاصة 1990 و1991 و1992 و 1993 كان العمل هو الشبيبة الاتحادية في تحالفات مع أطراف أخرى من خارج الاتحاد الاشتراكي ونقصد بها الأطراف اليسارية وهنا يمكن مثلا أن نذكر الدور الذي لعبته النشرة في الإشعاع السياسي والندوة الأولى التي عقدتها مجلة الرائد ما بين الفصائل الطلابية اليسارية كلها .كانت في دجنبر 1991 وكان الهجوم الأصولي على الطلبة في 1991 . في هذا اللقاء حضرت جميع تيارات اليسار وهنا نشأت لجنة التنسيق الشباب الطلابي ما بين التنظيمات الديموقراطية واليسارية . بمعنى أن الشبيبة الاتحادية في هذه المرحلة انفتحت على الأفق للفعل الشبابي اليساري الموحد وخاصة مع رفاقنا في التقدم والاشتراكية واليسار ابتداء من بداية التسعينات بدأنا نطبع العلاقة معهم نحو الفعل . إن ما يمكن أن نقوله أن مرحلة ما بين 1987 الى 1998 تميزت بهذه المؤشرات الذي قلت : من جهة نوع من الاجتهاد في البيت الحزبي : تقديم مقترحات .. من جهة أخرى تحفيز الحزب على إصلاحات تنظيمية وبنيوية وذاتية ما بين الشبيبة الاتحادية والشبيبات الأخرى ؛ من جهة ثانية محاولة بناء تحالف تقدمي ديموقراطي يساري . هذا بصورة عامة . طبعا غادرنا الاتحاد الاشتراكي والتحقنا بالاشتراكي الموحد . طبعا لم نخطئ عنوان أعدائنا ولم نعتبر الاتحاد الاشتراكي عدوا واعتبرنا أعداءنا موجودين في الصف الآخر .في الاشتراكي الموحد وجدنا أصدقاءنا من الأستاذ بنسعيد آيت يدر ، الأستاذ يونس مجاهد ، الأستاذة نبيلة ... نشتغل معهم الآن ولكن عندنا دائما أفق وحدة العائلة اليسارية . عندنا هذا الأفق نشتغل عليه . طبعا ليس هناك شروط مسبقة للحوار ويجب أن يكون على جميع المستويات في الفضاءات اليسارية أو بين القيادات . الأساس الذي سنبني عليه المستقبل لابد أن ينبني على أسس سياسية وتنظيمية بناء المستقبل : الآن في المغرب بكل صراحة هناك حزب محافظ اسمه العدالة والتنمية ولكنه موجود في الساحة وهو قوي . الليبيراليون وقد تحدث عنهم الأستاذ عبد الحميد جماهري للأسف ليس عندنا ليبيراليون مستقلون عن الدولة وليس عندنا هيكل ليبيرالي مستقل عن الدولة ونتمنى أن يكون . من جهة أخرى يبقى هناك اليساريون وكلهم مشتتون في البلاد . ليس هناك توازن سياسي في البلاد . طبعا لاشك أن الأستاذ حسن طارق يعرف أنه في الانتقالات الديموقراطية كلها واحدة من شروط الانتقالات : هو وجود ثنائية حزبية ونوع من التوازن الحزبي ما بين الحزبين أو بين مجموعتين حزبيتين لأن تلك القدمين هي التي تنجح المرحلة الدقيقة للانتقال فيجب علينا بناء قوة يسارية ونحن مستعدون لأن تبنى هذه القوة شيئا فشيئا لأننا جميعا يجب أن نقدم نقدا ذاتيا سواء للناس الذين ظلوا في الاتحاد الاشتراكي أو الذين خرجوا منه . الأغلبية من الشبيبة الاتحادية والحزب لم يغادروا الحزب . ولكن بلا شك لهم نقد ذاتي على أشياء . أيضا نحن لنا أيضا نقد ذاتي على أشياء أخرى إذن يمكن أن نكاشف أنفسنا ونصارحها . يمكن إذا ما سمحتم ولو أن الجو فيه تكريم للمرحوم توفيق أردت فقط أن أحكي لكم نكتة ليس لأقول أختار أن أفعل كما يفعل بنكيران ولن أكثر عليكم كثيرا . أردت فقط في هذه المناسبة التي يكرم فيها الكتاب العامون في الشبيبة الاتحادية أن نكرم نوعا من الكتاب العامين الذين لا نعرفهم كثيرا وهم المداومون الذين كانوا في الشبيبة الاتحادية وأذكر في إحدى المرات وأوجه تحية الى الأستاذ عبد السلام العماري وأتمنى أن نقوم بالتفاتة لفائدته وهو مريض الآن ، ونبدأ بأول مداوم وهو سي محمد الخو .. لماذا السي عبد السلام العماري ؟ لأن هذا الأخير لما جاء الى المقر من طرف الأخ الطيب الحمضي سألني : ما معنى المداوم ؟ فأجبته هو الذي يحل جميع المشاكل . فقال لي إذن هو الكاتب العام . فقلت له نعم هو الكاتب العام الفعلي.طبعا هناك الكثير من الرفاق : رشيد بطاحي ، طرشون ، رشيد المهرس ، سميرة بطاحي ، رشيدة ، خديجة ، بشرى بورضون ، بهنا ، بليخانوف ( عبد اللطيف حراري ) الخ ....هؤلاء كلهم أحييهم لأننا كنا نشتغل بمثابة أسرة : نأكل معا وننام معا في المقر نفسه . على كل حال تعجبني مقولة المرحوم السي عبد الرحيم بوعبيد في وصيته التي يقول فيها ما معناه : يمكن أن نكون قد أخطأنا في المرحلة ويمكن أن نكون قد أصبنا في ذلك ولكنه خرج من صميم الفؤاد . ما قدمناه لبلادنا ، يقول السي عبد الرحيم بوعبيد ، يمكن أن نكون قد أخطأنا في هذه القضية ولكن تأكدوا خرج ذلك من صميم الفؤاد . وانتبهوا إنها عربية السي عبد الرحيم بوعبيد : المشاعر الصادقة دائما تجد الكلمات من صميم الفؤاد . أريد أن أقول لكم بأنه يمكن أنا أو الذين جاؤوا من بعدي أو من قبلي أن نكون قد أخطأنا في هذه ? القضية ? أو تلك ولكن تأكدوا أن ذلك خرج من صميم الفؤاد .