نحن لا نملك أية بنيات حقيقية تؤسس لتقاليد الدخول الثقافي كما يشهد الغرب، وهذا راجع لضعف سياسات النشر لدى معظم الناشرين بالمغرب وللحكومة، إلى جانب غياب المتابعة النقدية والإعلامية للإصدارات الجديدة البلدان التي تُحقق معدلات جيدة في القراءة، لا تستبعد أية مناسبة، دون التأكيد على دور القراءة والكتاب ونشره ونقاشه والتسويق له والتشجيع عليه، وتعد مناسبة الدخول الأدبي والثقافي، فرصة قوية لترويج والإشهار للكتب الصادرة حديثا، فبلد مثل فرنسا، وعلى كثرة التشكي فيه من تقلص مساحة القراءة بالفرنسية، وهجرها من الجيل الجديد نحو اللغة الانجليزية أساسا، تقول التوقعات، أن عدد الروايات التي ستُطبع بالمناسبة هو 626 رواية، بالإضافة إلى 69 رواية تشكل أول تجربة لأصحابها.. بين تلك التي كتبت في الأصل بالفرنسية، وتلك المنقولة إليها مترجمة من غيرها -يشار إلى أنه أضعف رقم تسجله فرنسا في العشر سنوات الأخيرة-، ويتهيأ محبو الكتب الفركفونيون بالمناسبة، ليضعوا برنامجا لرحلتي الصيف والشتاء، بأفكار مبدئية عن كتب الحب والمغامرة والسياسة والأزمة.. التي ستدشن الدخول الأدبي الجديد في شهر سبتمبر القادم. وقد طرحنا سؤال ماذا يتهيأ في دخولنا الأدبي والثقافي؟ على أربعة أطراف، يُفترض أنها تُشكل أطراف المعادلة الثقافية المغربية، وهم وزارة الثقافة، ودار نشر، وشاعرة ومترجم يصادف نشرهما كتابيهما المناسبة، نقلناها كما هي: فاتحة نوحو، شاعرة، أصدرت ديوان «لن يستلنا العدم» قبل أيام: «ليس لدينا دخول ولا خروج ببساطة لأننا لا نتوفر على أبواب» «بتقديري المتواضع إن الدخول الأدبي بالمغرب موسوم بالبرمجة الموسمية لأنه أضحى تقليدا يؤثث أجندة العام بانشطة ثقافية بدون اي إستراتيجية أو تحديث، كما أن المناسباتية تغلب على الموسم الأدبي للاحتفاء بشيء ما استجد، ما نحتاجه هو فعلا متابعة للأدب المغربي كما وكيفا، وتسليط الضوء على الجوانب المغمورة فيه ماذا يضيف الكتاب للمشهد الثقافي هل هناك صيرورة أم انعطف الأدب في اتجاه ما." وعن إذا ما كانت الشاعرة تعتبر ديونها ضمن المناسبة أجابت: "اشعر دائما أنني غير معنية بالسياق والسباق، وأنا لم أفكر قط إذا كان ديواني سيحسب على دخول الموسم او خارجه". حسن الوزاني - مديرية الكتاب - وزارة الثقافة: «موسم الكتاب في المغرب نحتفل به أساسا ساعة المعرض الدولي» أولا : تصعب كثيرا المقارنة مع السياق الفرنسي أو غيره من التجارب التي عرفت تراكما. لا يجب أن ننسى أن المغرب كان آخر الدول الإسلامية التي عرفت دخول الطباعة، وكان ذلك أربعة قرون بعد لبنان، على سبيل المثال. وبالطبع للجانب التاريخي ثقله الخاص، بالإضافة إلى عوامل أخرى. ثانيا : إيقاع النشر بالمغرب أصبح مضبوطا على موعد المعرض الدولي للكتاب، على الأقل على مستوى صناعة الكتاب بالمغرب، بما يحمله المعرض من عدد هام من الإصدارات التي تصدر بمناسبته. بينما يعرف شهرا شتنبر وأكتوبر تفرغ أغلب المطابع ودور النشر المغربية ومكتبات البيع لإنتاج وترويج الكتاب المدرسي، خصوصا بعد تحريره. ثالثا : بالنسبة لوزارة الثقافة، ستطلق عددا هاما من التظاهرات الثقافية والفنية خلال هذا الدخول، منها تنظيم خمسة عشر معرضا جهويا للكتاب، وندوات ومهرجانات. رابعا : بالرغم من كل هذا فنحن نعي في الوزارة، بأننا لا يجوز أن لا نصير فاعلا ثقافيا يعوض الفاعلين الأساسيين،فعلى كل طرف أن يقوم بدوره، تعلق الأمر بمجالات النشر أو التنشيط الثقافي. ودور الوزارة هو أن تخلق الإطار العام المناسب لاشتغال هؤلاء. بسام كردي- مدير المركز الثقافي العربي: «وزارة الثقافة المغربية تكتفي بالشحن للمعارض ونحنُ نبذل جهدنا لإحياء المناسبة» الناشرون يقومون بجهد كبير بالمناسبة، فالمركز الثقافي عنده أكثر من 50 عملا جديدا، بينها الروايات الأربع التي رشحناها لجائزة البوكر، وأغلبها لكتاب مغاربة، وسنستمر في الطبع والنشر بجهد طيلة الدخول، إلى غاية المعرض الدولي للكتاب. وعن الدور الذي تقُوم به وزارة الثقافة في تشجيع النشر بالمناسبة، قال مدير المركز -وهو واحد من أكبر دور النشر بالمغرب والدول العربية-، أن دور وزارة الثقافة في مجال النشر غير تمكين دور النشر المغربية من جزء من فضائها في المعارض التي تشهدها الدول العربية، وتساهم في أجور الشحن إلى تلك المعارض، فقط. محمد الخديري- صحفي ومترجم- يُعد ترجمة رواية المستشفى للراحل أحمد البوعناني إلى العربية، ستصدر موافقة للدخول: «المشكل بنيوي» من الصعب الحديث عن دخول ثقافي بالمغرب، نتيجة الظروف التي يعيشها قطاع النشر بالمغرب. نحن لا نملك أية بنيات حقيقية تؤسس لتقاليد الدخول الثقافي كما يشهد الغرب، وهذا راجع لضعف سياسات النشر لدى معظم الناشرين بالمغرب وللحكومة، إلى جانب غياب المتابعة النقدية والإعلامية للإصدارات الجديدة. في هذه الفوضى العارمة لا توجد سوى دار نشر واحدة، تقاوم من أجل إخراج سلسلة كتب إلى الوجود في فترة شهر شتنبر وأكتوبر، قصد إرساء هذا التاريخ. * * * * * * * * اختلفت إجابات الفاعلين الثقافيين، لكن اقتربت كلها، من أن لا وجود لما يُمكن أن نطلق عليه الدخول الثقافي أو الأدبي في بلدنا، وأنه لا يوجد تنسيق حقيقي بين الفاعلين في هذه النقطة أيضا، ليضيع منا مرة أخرى، موعد كان يُمكن أن نعبئ فيه المغاربة للاقتراب من القراءة أكثر، هل نعوض ذلك في مناسبات قادمة، رُبَمَا.