رغم قرار الحكومة الإسبانية إجلاء جميع رعاياها من مخيمات تندوف ، أصر عدد من المتعاونين الإسبان المعروفين بتعاطفهم مع الانفصاليين على السفر إلى الجزائر ومنها إلى تندوف في تحد لحكومة ماريانو راخوي التي حذرت مواطنيها من مخاطر تعرضهم للاختطاف هناك. وحسب مصادر إعلامية إسبانية، فإن وفدا مكونا من حوالي 30 شخصا حل مساء الثلاثاء بتندوف قادما من الجزائر العاصمة ، وأظهر شريط فيديو لوصول هؤلاء، أنهم قدموا على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية . وقد نقلت وكالة «إيفي» للأنباء على لسان المتطوعين المساندين للبوليساريو، أن «الوضع الأمني في المخيمات «لا يدعو إلى القلق» وأن الانفصاليين «اتخذوا كافة الإجراءات الأمنية للقيام بعملنا»» وهي تصريحات تناقض ما سبق أن أعلنه وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل غرثيا مارغايو الذي صرح بأن حكومة مدريد توصلت بمعلومات تفيد بأن هناك عملية اختطاف للمتعاونين الموجودين في تندوف يجري الإعداد لها، وهو ما دفع الحكومة لاتخاذ قرار بإجلائهم. كما أن وسائل الإعلام إسبانية نشرت الأسبوع الماضي خبرا يفيد أن التحقيقات التي بوشرت مع متعاونين إسبانيين، سبق أن اختطفا في تندوف قبل تسعة أشهر، وأطلق سراحهم في 18 يوليوز الماضي، كشفت أن لتنظيم القاعدة المتمركز شمال مالي عناصر تتعاون معهم داخل مخيمات تندوف، وأن هذه الأخيرة كانت تجمع معلومات عن أعضاء منظمات غير حكومية عاملة بالمخيمات، وخصوصا الإسبان، وذلك للإعداد لاختطافهم من أجل الفدية كما حدث المرة السابقة. وقد أكدت المخابرات الإسبانية صحة هذه المعلومات. التعزيزات الأمنية المشددة التي واكبت وصول المتعاونين الإسبان إلى تندوف الثلاثاء وتجولهم يوم الأربعاء، تؤكد أن الوضع الأمني هناك مهزوز عكس ما حاولوا إظهاره لوسائل الإعلام ، فقد ذكرت وكالة إيفي أيضا أن المتعاونين كانت ترافقهم تعزيزات أمنية وعسكرية مهمة، وأن تحركاتهم تتم تحت مراقبة مشددة، وهو ما يؤكد أن هناك تخوفا من عناصر داخل المخيمات تتعاون مع القاعدة كما أشارت إلى ذلك الاستخبارات الإسبانية. وكانت قيادة الانفصاليين وعدد من المساندين لها في إسبانيا قد اتهمت الحكومة الإسبانية بالتواطؤ مع المغرب من أجل إضعاف البوليساريو وتشويه سمعتها ، وهو ما فنده وزير الخارجية الإسباني نفسه الذي كشف المعلومات الاستخباراتية التي حذرت من المخاطر المحدقة بالرعايا الغربيين في تندوف وعلى رأسهم الإسبان ، وهي تحذيرات أخذتها على مأخذ الجد أيضا إيطاليا التي حذرت بدورها وعلى نحو مطلق، مواطنيها من السفر إلى المناطق الجزائرية المتاخمة لمالي والنيجر وليبيا وموريتانيا، وأوصتهم بتجنب أي سفر «غير ضروري» إلى مخيمات تندوف. وكان ثلاثة رهائن أوروبيين (إسبانيان ومواطنة إيطالية)، قد تعرضوا للاختطاف في 23 أكتوبر 2011 بمخيمات تندوف قبل أن يطلق سراحهم في 18 يوليوز الماضي بشمال مالي. وذكرت مصادر إعلامية أن المختطِفين تسلموا فدية مقابل إطلاق سراحهم. وحسب عدد من المراقبين فإن الخطوة التي اتخذها هؤلاء المتعاونون عبارة عن محاولة يائسة لتلميع صورة البوليساريو التي تلطخت كثيرا في الأشهر الأخيرة ، سواء من جراء التقارب بين بعض عناصرها مع القاعدة أو مساندتها اليائسة لنظام القذافي المنهار، والتنكيل اليومي الذي يطال المحتجزين في تندوف، خصوصا المناهضين لمجموعة عبد العزيز المراكشي.