على اثر تصريحات لحسن الداودي وزير التعليم العالي وتكوين الأطر حول إلغاء مجانية التعليم العالي ببعض التخصصات كالهندسة والطب، التقت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» محمد درويش الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي والكاتب العام لنقابات التعليم العالي بالمغرب العربي، وحاورته حول هذا الموضوع وبعض قضايا الجامعة المغربية والتعليم العالي.
} كيف تلقيت تصريحات الداودي لحسن وزير التعليم العالي وتكوين الأطر حول إلغاء مجانية التعليم العالي؟ يواجه المغرب بكل مكوناته تحديات كثيرة ناتجة عن تراكمات متعددة سببها السياسات المتبعة في مجالات التدبير السياسي الاقتصادي والاجتماعي وغيرها، ونعتقد أن هذه التحديات تواجه الحكومة الحالية وفي مقدمتها المسألة التعليمية التي تعد قضية أولى إلى جانب قضية الوحدة الترابية ، فحين يقال هذا الأمر فمعنى ذلك أن ثمة إجماعا وطنيا على القضية التعليمية على الاختلاف والاتفاق في المعالجات التعليمية للمسألة، نعجب للتعثرات التي تعرفها منظومة التعليم بكل أسلاكها، ونعجب أكثر حين نعلم أن إمكانيات مالية غير مسبوقة وفرت للتعليم من ميزانيات الدولة؟ ان الخلل في المنظومة ليس أساسه في اعتقادي ماليا، فالإمكانيات المالية متوفرة ولنا أن نراجع خزينة الأكاديميات والجامعات وحساباتها المالية لنتأكد أن المال موجود اذن أين المشكل؟ أولا أؤكد أن القضية التعليمية هي قضية وطن بكل مؤسساته وتنظيماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية والجمعوية، ومن ثم لا يجوز لأي كان مهما كان موقعه أن ينفذ قرارا في أحد قضاياه، وفي مقدمتها التعميم، الجودة، اللغة، والمجانية فهي قضايا كبرى وجب استفتاء الجميع في القرارات المرغوب اتخاذها، ومن ثم نعتقد أن تصريح وزير التعليم العالي وتكوين الأطر مجانب للصواب، بل ليس في محله مضمونا وزمانا. } ماهي الأسباب التي تؤسسون عليها هذا الموقف بصفتكم كاتبا عاما للنقابة الوطنية للتعليم العالي وأستاذ جامعي؟ لعدة اعتبارات أولها أن الوزارة وعلى رأسها السيد الوزير، له من الأوراش ما يجعله لا يفكر في هذه القضية على الإطلاق الآن، أذكر منها مراجعة القانون 0100 ، وسن مساطر مالية جديدة للتعامل المالي للجامعات والمؤسسات ثم مراجعة الخريطة الجامعية، بالإضافة إلى إيجاد مناصب مالية لسد الخصاص الحاصل في الجامعات، وتحسين التدبير المالي والبشري في مجموعة من المواقع الجامعية ودعم البحث العلمي وتطويره، فضلا عن البحث عن شراكات مع المؤسسات المنتخبة والاقتصادية محليا وجهويا ووطنيا ودوليا، ووضع نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين وحماية التعليم العالي من الرأسمالية المتوحشة وتحصينه حتى لا يصير سلعة تشتري وتباع . وعقلنة وترشيد التدبير الاداري والمالي بالوزارة والجامعات والمؤسسات وتوحيد التعليم العالي توحيدا شاملا وشموليا، ودعم الديبلوماسية الموازية بأساس علمي أكاديمي مغاربيا وعربيا وافريقيا وعالميا، وإيجاد حل للاشكال اللغوي ثم تجميع مؤسسات البحث العلمي في مؤسسة وطنية للبحث، والبحث عن جواب شاف وكاف عن سؤال أية جامعة نريد لمغرب القرن 21 للمغرب الديمقراطي الحداثي المتطور.
} إلغاء مجانية التعليم موضوع قديم جديد، هناك من اعتبر امر طرحه مجرد جس للنبض في المجتمع المغربي؟ إن هذه الأوراش الكبرى لن تستطيع في نظرنا الحكومة الحالية الانتهاء منها في ضرف خمس سنوات وفي اعتقادي هي أولويات العمل والتفكير والبحث حتى ترقى جامعاتنا الى مصاف الجامعات العالمية ، ولانرى مكانا في هذه الأولويات لمسألة إلغاء المجانية ؟ لذلك نتعجب من طرحها وتوقيتها والهدف منها،والقضية التعليمية لا تقبل المزايدات السياسية ولا التحركات البطولية ولا حتى الزعامات، أنها تحتاج الى العمل اليومي والصدق والمتابعة والتشاور مع المختصين والعارفين بخبايا القضايا وعم التسرع والثقة في الأخرين... إن المسألة التعليمية مسألة تخرج عن الحزبية الضيقة وعن كل أنواع التصفيات الحسابات فمخطئ من يعتقد بأن قراراته الخاصة بالتعليم والتي تمس أساسا المجانية مثلا يجني منها ثمارا حزبية ضيقة، فالتاريخ القريب يؤكد أن وزراء اتخذوا قرارات تهم التعليم، تنصل منها اقرب المقربين منهم...فالشعب المغربي شغب ذكي يعرف متى يقول نعم، ومتى يقول لا، ومتى يمتنع وليتأكد من همس باقتراح إلغاء مجانية التعليم العالي، أن المغاربة على اختلافهم واتفاقهم طبقات اجتماعية وسياسية واقتصادية وفكرية وثقافية سيقولون لا لضرب مجانية التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا لأسباب سنعود إليها لاحقا. } إذن بما تنصح وزير التعليم العالي وتكوين الأطر في هذا الموضوع؟ لكل ما ذكرت وما لم أذكر أناشد السيد لحسن الداودي وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والأستاذ الجامعي والمناضل النقابي، والأب، للتخلي عن هذا المشروع -الفكرة- النابعة من التفكير بصوت مرتفع أو المنخفض أو المهموس، والانكباب على الملفات التي ذكرت والتي أصدر في شأنها بلاغات مشتركة مع النقابة الوطنية للتعليم العالي، وسيجد الأساتذة الباحثين بجانبه حين يلتزم بتنفيذها وحين محاربة الفساد والمفسدين وربط المسؤولية بالمحاسبة وجعل البحث العلمي أساسا للعمل الجامعي وتشجيع الطلاب على ولوج مهنة الأستاذ الباحث والاهتمام بالموارد البشرية، طلابا، وموظفين، وأساتذة باحثين بتحسين وضعياتهم المادية والاجتماعية والمهنية وجعل التعليم العالي والبحث العلمي، أمرا يدافع عنه كل المسؤولين الحكوميين والاجتماعيين والاقتصاديين ويبلغ أمر تعميم التعليم العالي وجودته ... فان فعل ذلك فنحن معه، بجانبه أمامه ووراءه وان لم يفعل - ونرجو أن يفعل - فسيكون ابتعد عن الجامعة والجامعيين والنقابة والنقابيين... وله واسع النظر لأنه الوزير ... وحينها سيكون للنقابة الوطنية للتعليم العالي كلمتها.