مازال الصمت يكمم أفواه المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم وزير التجارة والصناعة محمد اعمارة الذي لم يبد حتى الآن أي موقف من التهديدات التي يلوح بها الفرنسيون بسحب مراكز النداء نحو بلدهم، أي ما يزيد عن 5000 منصب شغل.. في المقابل اتسعت رقعة الجدل في الأوساط الحكومية الفرنسية حول ترحيل الخدمات الى المغرب، عقب إعلان قرار تفويت صفقة عمومية فرنسية لشركة تتوفر على مراكز نداء بالمغرب، وهو ما أثار ضجة مازالت مستعرة بدعوى أن القرار سيتسبب في تعطيل 80 فرنسيا عن العمل، وإغلاق مركزي نداء في فرنسا. وفي محاولة لاحتواء الوضع، طلب وزير التقويم الإنتاجي الفرنسي، أرنو مونتبورغ من رئيس منطقة "إيل دو فرانس" "مراجعة قراره" القاضي بتفويت صفقة خدمة الزبائن لشركة تتوفر على مراكز نداء في المغرب. وقال مونتبورغ: "قلت للسيد (جون بول) هيشون إنه من الأفيد أن يعيد النظر في القرار ويطرح من جديد طلب العروض الخاص بنفس الصفقة." وردا على ذلك، قال هيشون، الذي يترأس مؤسسة "ستيف"، وهي السلطة المخول لها تنظيم النقل في منطقة "إيل دو فرانس"، إن المؤسسة لم يكن أمامها خيار آخر غير تفويت الصفقة للشركة المذكورة، بناء على قانون الصفقات العمومية في فرنسا. وهو ما رد عليه مونتبورغ بأنه يأمل "ألا يظل الفرنسيون سجناء قوانين تساهم في ترحيل الخدمات عندما يتعلق الأمر بالخدمات العمومية." وأضاف بالقول: "الحكومة تبذل قصارى الجهود من أجل استعادة الخدمات التي تم ترحيلها، ولا يمكن أن تقبل بالاستمرار في ترحيلها." ومن جهته، قال فيليب جوسي، مساعد رئيس شركة "webhelp" التي تستغل هذه الصفقة من سنة 2006 إلى حدود فاتح فبراير من العام القادم، إن آخر أجل لإعادة النظر في هذه الصفقة هو يوم السبت، موضحا أن مجلس إدارة مؤسسة "ستيف" اعتمد على "رأي لجنة تقنية لتفويت الصفقة لشركة أخرى لأنها تقدم امتيازات أفضل في ما يتعلق بالتكلفة". وأضاف أن ترحيل هذه الخدمات إلى المغرب سيمكن من تخفيض التكلفة مرتين عما هو الحال عليه الآن في فرنسا. على صعيد آخر عبر الكثير من الفاعلين الاقتصاديين، فرنسيين ومغاربة، عن تشكيكهم في إمكانية سحب معظم الأنشطة المرحلة نحو المغرب وإرجاعها إلى فرنسا خصوصا في قطاع مراكز النداء الذي لم يعد مربحا كما كان في السابق، وذهب الخبراء في المجال إلى أن استرجاع حوالي 20 ألف منصب شغل المرحلة نحو شمال إفريقيا ( المغرب وتونس خصوصا) يبقى حلا غير واقعي وبعيد المنال. وانتقد المعارضون لسياسة الاسترجاع التي رفع لواءها الوزير الفرنسي مونتبورغ، الحسابات المغلوطة التي تم الدفع بها لتبرير هذه السياسة، حيث "لا مجال للمنافسة بين كلفة منصب الشغل في مراكز النداء بفرنسا ونظيره في المغرب ، إذ تكلف ساعة العمل الواحدة في فرنسا 30 أورو بينما لا تزيد في المغرب عن 15 أورو" حسبما أكده أوليفيي دوها صاحب مجموعة ويب هيلب التي خسرت صفقة طلب العروض . الصحافة الفرنسية التي انتقلت بالمناسبة إلى كازانير شور بالدار البيضاء للبحث عن السر وراء جاذبية المغرب إزاء هذه المهن ، وقفت على حقيقة أن المغاربة لن يجلسوا مكتوفي الأيدي أمام موجة التلويح باسترجاع مناصب الشغل نحو فرنسا، وإن بدا الأمر مقلقا بالنسبة للشباب العامل في القطاع والذي بدأ يعبر عن مخاوفه إزاء الموضوع. «دعوة مونتبورغ تهدد 5000 فرصة عمل بمراكز النداء في المغرب" لدينا بالفعل كل ما يدعو للقلق "، يقول كريم البرنوصي، الرئيس التنفيذي لمجموعة أنتيلسيا التي توظف نحو 2000 شخص" خصوصا وأن قطاع مراكز النداء في المغرب يعتمد أكثر من 80% منه على السوق الفرنسية، كما أن حصة شركات الاتصالات تمثل أكثر من 30% ويضيف البرنوصي محتجا "لا يمكننا الدفاع عن العولمة وتحرير التجارة لترويج المنتجات الفرنسية، وفي المقابل نعامل بإجراءات بدعوى وقائية لحماية العمالة في فرنسا!"