خلد الأخوات والإخوة مناضلات ومناضلو النقابات الوطنية والديمقراطية المنضوية تحت لواء الفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط، وكذا عمال وعاملات القطاع الخاص التابع للاتحاد المحلي الفدرالي ذكرى فاتح ماي، وبحضور ممثلي الأحزاب الديمقراطية التقدمية الحليفة، وبحضور الأخ المناضل الكبير الطيب منشد الذي وإن غادر المسؤولية النقابية لازال لم يغادر الفدرالية قلبا وهما، وحضور الكثير من المناضلين المنتمين للرعيل الأول للعمل النقابي الذين أدوا ضريبة النضال ومنهم من اعتقل وزج به في غياهب السجون نذكر من بينهم الأخ المناضل الفذ مولاقاة الذي أبى كعادته إلا أن يقدم كلمة افتتاحية رحب خلالها بالمناضلات والمناضلين الفدراليين من مختلف القطاعات وأعطى نبذة تاريخية عن كفاح الطبقة العاملة وعن المسار التصحيحي الذي جاء بميلاد الفدرالية الديمقراطية للشغل كبديل نقابي ديمقراطي حداثي ضد قوى الظلام والإقصاء، ونبه إلى استمرار الأساليب الماضية للمخزن ولكن بحلة جديدة، وبعد ذلك تلا الأخ محمد البناوي كلمة الاتحاد المحلي الفدرالي تحدثت حول السياق الدولي الذي تتزامن معه ذكرى فاتح ماي لهذه السنة المتميز بهيمنة العولمة النيوليبرالية المتوحشة على الاقتصاد العالمي وما ينتج عنها من تداعيات سلبية على اقتصاديات الدول النامية وفي ظل الأزمة الاقتصادية المالية العالمية التي تهدد العديد من الدول الأوربية والتي سجلت أدنى نسب النمو لها وصلت إلى %1.5- مما جعل موجة الغضب والإضرابات ترتفع بإسبانيا وإيطاليا واليونان المهدد اقتصاده بالانهيار التام وانعكاسات ذلك على جلب الاستثمارات الأوربية ببلادنا، وكذا تراجع العائدات المالية للمهاجرين المغاربة بالخارج وانخفاض أرباح ومداخل القطاع السياحي، وتحدثت كذلك عن السياق العربي لهذا العيد الأممي الذي يشهد تطورات مهمة نتيجة نجاح الربيع العربي في إسقاط أنظمة شمولية استبدادية في كل من ليبيا وتونس ومصر واليمن...، وفي ظل القمع الهمجي والعنف الذي مازال النظام الديكتاتوري يمارسه في حق الشعب السوري الأعزل التواق إلى الحرية والديمقراطية وننحني بإجلال وإكبار للأبطال والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الإنعتاق من قيود الرجعية والأنظمة الشمولية، وإن انتصار إرادة الشعوب العربية للحرية والكرامة تشكل دعما متجددا لنضالات الشعب الفلسطيني لمواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعمة والتي لا تفرق بين الأطفال والشيوخ والنساء، واستمرار استفحال سرطان الاستيطان وسياسة الهدم والمصادرة والتهجير، وتطرقت كلمة الاتحاد إلى الظروف والمنعطف المهم الذي تمر منه بلادنا بفضل الحراك الشعبي وظهور حركة 20 فبراير وبفضل القوى الديمقراطية والتقدمية الحية ومطالبتها منذ سنوات طويلة بإصلاحات سياسية توجت نضالاتها بإقرار دستور جديد ساهمت منظمتنا من خلال المذكرة المرفوعة إلى لجنة صياغة الدستور في ميلاده عبر الأخذ بالاعتبار لمجموعة من الاقتراحات، وعرفت السنة المنصرمة إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها نتيجة ذلك أعطت نتائج مخيبة للآمال وأفرزت حكومة محافظة تميزت تركيبتها بتناقض صارخ وعرف ميلادها وأداءها ارتباك ملحوظ، وصراع طاحن بين مكوناتها السياسية عبر تعدد خرجاتها الإعلامية والتصريحات المتناقضات لوزرائها وكأننا أمام حكومة أغلبية ومعارضة في نفس الآن، وذكرت الكلمة بمساهمة الطبقة العاملة بنضالاتها وتضحياتها الجسيمة في التحول الذي تعرفه بلادنا وباعتبار الرباط العاصمة الإدارية للمملكة معقل القطاعات الأساسية للوظيفة العمومية لوحظ الارتفاع نسبة الاحتقان عبر الحرب الشرسة التي أصبحت تشنها الحكومة على التظاهر السلمي الذي يقره الدستور واستمرار انتهاك الحقوق والحريات النقابية الفردية والجماعية والانتصار للمقاربة الأمنية بدل التعاطي الايجابي مع الملفات المطلبية للشغيلة المغربية والاستجابة للمطالب الاجتماعية لعموم المواطنين، كما لجأت الحكومة إلى تعطيل مقتضيات اتفاق 26 أبريل 2011 وفي ظل هذه الأجواء التي لا تبشر بالخير تطرقت الكلمة إلى العديد من مطالب التي لازالت عالقة بخصوص الملف المطلبي منها: - بإصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية واستحضار البعد الاجتماعي مع إصلاح وتخليق المرفق العمومي * توحيد الشبكة الاستدلالية وتخفيض الضريبة على الدخل مما سوف يساهم في الرفع من القدرة الشرائية للموظفين وخاصة أصحاب السلاليم الدنيا - تحفيز الموظفين، وتشجيع الكفاءات والسماح لهم بالحق في التكوين والتكوين المستمر - الاهتمام بصغار الموظفين والقطاع المشترك وخاصة الأعوان وذلك بتحسين أوضاعهم المادية - التفعيل الايجابي لقانون التغطية الصحية وإصلاح حالة المستشفيات العمومية وتجهيزها بالتقنيات الضرورية - ضرورة مراجعة النظام الأساسي للمتصرفين التي بادرت الدولة سنة 2010 لإخراجه بدون تشاور والذي لا يمكن المتصرف من التموقع المهني داخل الوظيفة العمومية. * مراجعة وإصلاح أنظمة التقاعد مع فتح تحقيق في التدبير المالي والإداري للمؤسسات التي تعاني من العجز وأشادت كلمة الاتحاد المحلي بنضالات بالأخوات والإخوة داخل جميع النقابات الوطنية والديمقراطية وخصت بالذكر قطاعات العدل والجماعات المحلية والتعليم..، والنقابة الديمقراطية للماء الصالح للشرب الذين لازالوا يخوضون معارك نضالية نتيجة إغلاق باب الحوار أمام الممثلين النقابيين من طرف المدير العام للمكتب وكذلك الوزارة الوصية المستخدمين. وفي القطاع الخاص تطرقت كلمة الاتحاد المحلي لاستمرار مسلسل التسريع الفردي والجماعي للعاملات والعمال ومحاربة العمل النقابي الجاد، وشدت بحرارة على أيدي الأخوات والإخوة بقطاع النقل الحضري شركة ستاريو بالرباطوسلا الذين لازالوا يخوضون معارك نضالية مستمرة نتيجة سوء التدبير الإداري والمالي الذي اتسمت به المرحلة السابقة، ومطالبتهم الجهات المسئولة بفتح تحقيق وافتحاص مالي وإداري للوقوف على حجم الاختلالات العميقة التي عرفها التسيير العشوائي والارتجالي ومحاسبة كل من له يد في هذه الوضعية المزرية التي آل إليها القطاع، كما تحدثت عن الوضعية المزرية لعمال سوق السمك بالجملة ومطالبتهم السلطات المحلية بتحمل كامل مسؤوليتها بخصوص التجاوزات التي يعرفها تسيير هذا المرفق وبأن السمك الذي يباع في عاصمة المملكة الرباط هو سمك كله مهرب وغير خاضع للمراقبة الصحية ويحرم العمال من أجورهم، ويحرم بلدية العاصمة من مدا خيل مهمة بتواطؤ تام مع سلطات الولاية، وعن وضعية عمال ومستخدمو التعاونية الفلاحية المغربية لتخزين الحبوب المساواة «الفضيلة» AFCAM بجهة الرباطسلا زمور زعير، المحرومون من أجورهم لمدة 30 شهر، ومن تسديد مستحقات الصناديق الاجتماعية منذ 2007. وبعد ذلك أعطيت الكلمة للأخ عبد الحميد الفاتحي لإلقاء كلمة المكتب المركزي تمحورت خطوطها العريضة حول: المغزى من اختيار الفدرالية الديمقراطية للشغل لشعار « حماية الحريات النقابية دعامة أساسية للخيار الديمقراطي» الذي يعكس مدى أهمية تكريس الحقوق والحريات النقابية كدعامة أساسية للخيار الديمقراطي الذي أصبح من ثوابت الأمة بعد التصويت على الدستور الجديد الذي فتح المجال وبشكل جلي لتوسيع الهامش الديمقراطي كخيار استراتيجي طالما طالبت به القوى الديمقراطية الحية والتقدمية وفي مقدمتها الطبقة العاملة ومنذ عقود، وقدمت التضحيات الجسام من أجله خلال كل المراحل التاريخية التي عاشتها بلادنا سواء من خلال مساهمة الطبقة العاملة في معركة الاستقلال وكذا من خلال مساهمة المناضلات والمناضلين النقابيين في المعركة من أجل الديمقراطية طيلة سنوات الجمر والرصاص مما نتج عنه طرد وتسريح العديد من المناضلات والمناضلين من عملهم لأسباب واهية، وأدى كذلك إلى نفي واعتقال وتشريد المئات الذين بفضلهم تم تعبيد المسار وفرض الخيار الديمقراطي، وفي هذه المناسبة لابد من استحضار أرواح الشهداء وروح الشهيد عمر بنجلون وكذا عريس الشهداء المهدي بنبركة وندعو بالمناسبة المسئولين إلى كشف الحقيقة كل الحقيقة إنصافا للتاريخ ومن أجل المصالحة مع الماضي والتطلع نحو مستقبل أفضل. وإذا كان الدستور الجديد على مستوى النصوص يستجيب لتطلعات الطبقة العاملة والشعب المغربي إلا أنه يحتاج إلى تفعيل حقيقي وديمقراطي حتى لا يبقى حبرا على ورق على غرار الكثير من النصوص القانونية المتقدمة، التي ظلت طيلة عقود مجمدة وخاضعة لتأويلات وأمزجة الحاكمين، ويعتبر مشروع القانون التنظيمي للإضراب الحالي نموذجا صارخا للتأويل الخاطئ والمنفرد للحكومة حيث سجلنا انفراد الحكومة بهذا المشروع واستعماله بشكل متعسف لتهديد بعض الإضرابات القطاعية التي خاضتها قطاعات الفدرالية وهددت فيه الحكومة بالاقتطاع من أجور المضربين، ضاربة بذلك حقا شرعيا يضمنه دستور البلاد وهو ما يؤشر على تراجعا جلي عن تقاليد وأعراف الشراكة التي عشناها أكثر من عقد من الزمان ورسخها الإجماع الوطني حول دستور فاتح يوليوز 2011. وبعد ذلك أكد الأخ عبد الحميد الفاتحي على الموقف الثابت للفدرالية باعتبار الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من الشعب المغربي داعيا حكام الجزائر الشقيقة إلى تغليب فضيلة الحوار ومصلحة شعوب المغرب العربي في أفق بناء وحدة المغرب العربي الكبير وتجسيد حلم شعوبه في الوحدة وإزالة الحواجز والحدود في إطار كيان قوي وموحد لمواجهة التحديات العالمية، ومؤكدا على الدعم المطلق لنضالات الشعب الفلسطيني وتجديد دعم الفدرالية الديمقراطية للشغل المبدئي لعدالة القضية الفلسطينية في مواجهة الغطرسة الشرسة للآلة العسكرية الإسرائيلية. وفيما يخص الحوار الاجتماعي ذكر بالتصور الشامل الذي عملت به الفدرالية الديمقراطية للشغل منذ تأسيسها في تدبير الملف الاجتماعي في شقيه التفاوضي والنضالي، وعرج على مختلف جولات الحوار لسنة 2011 التي توجت باتفاق 26 أبريل، الذي ساهم في إيجاد بعض الحلول وفتح الطريق لمعالجة عدد من النزاعات التي كانت سببا في أجواء الاحتقان والتوتر، وسجل موقف الفدرالية بتباطؤ الحكومة في تنفيذ عدد من الالتزامات وخاصة في ما يتعلق بالملفات العالقة التالية: * مراجعة منظومة الأجور وتعميم زيادة 600 درهم في الأجر على القطاعات التي لم تستفد بعد - إخراج صندوق التعويض عن فقدان الشغل للوجود وأجراة التعويض عن العمل بالوسط القروي والمناطق النائية والصعبة - فتح درجة جديدة في سلم الترقي بالوظيفة العمومية * مراجعة القوانين المنظمة لانتخابات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بما يضمن المساواة بين كل فئات المأجورين في القطاعين الخاص والعام وملاءمتها مع فلسفة ومقتضيات الدستور الجديد والفدرالية الديمقراطية للشغل تدعو الحكومة بضرورة الوفاء بعهودها وتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل وتهييء كل الشروط المادية والقانونية الكفيلة بالاستجابة للملفات المطلبية المطروحة على طاولة الحوار الاجتماعي وعلى طاولة الحوارات القطاعية والمؤسسات. والفدرالية الديمقراطية للشغل ترفض أن يبقى %50 من المؤسسات الإنتاجية والخدماتية خارج التطبيق الفعلي لمقتضيات مدونة الشغل، كما ترفض أن يظل المتقاعدون رهائن للإصلاح المنتظر والضروري لأنظمة التقاعد، كما ترفض استمرار العمل بالفصل 288 من القانون الجنائي الذي يكبل الحريات النقابية ويجعل المناضلات والمناضلين النقابيين مدانين مسبقا ومهددين بالاعتقال والطرد ومختلف أشكال التعسف، وتطالب الدولة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية 87 التي صادقت عليها اغلب الدول المتحضرة من أجل تكييف قوانيننا مع منطوق الدستور الجديد الذي يؤكد على احترام مختلف القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا. وبعد مرور 100 يوم من عمر الحكومة وبعد طول انتظار للحوار الاجتماعي الذي لم يؤخذ بعد مساره الحقيقي، باستثناء الاتفاق على جدول الأعمال المتعلق بالوظيفة العمومية مازالت ملفات وقضايا القطاع الخاص مغيبة من طرف الحكومة التي لم تقدم أي تصور في هذا الصدد ونؤكد على أن القانون المنظم للنقابات يجب أن يكون هو الإطار الأساسي الموجه لقانون الإضراب، كما أن بلوغ هدف إصدار هذه القوانين ينبغي أن يكون بشكل تشاركي وتوافقي، ويجب أن يستند على أرضية معالجة الملفات المطلبية الملحة لعموم المأجورين، والتزام الحكومة وأرباب العمل بفرض احترام مقتضيات مدونة الشغل والتغطية الصحية والاجتماعية، وضمان التعويض عن فقدان الشغل. وفيما يخص التصريح الحكومي عبرت الفدرالية من خلال فريقها البرلماني بالغرفة الثانية عن موقفها بكونه لا يعطي الإجابات الواضحة حول مختلف قضايانا العمالية والاجتماعية سواء في ارتفاع مستوى المعيشة وتنامي البطالة أو في إصلاح شمولي يشمل أنظمة التقاعد ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقبل الفدرالية الديمقراطية للشغل استمرار تدهور الوضع الاجتماعي واستمرار التضييق على الحريات النقابية وعلى الحق في العيش الكريم للمواطن المغربي بصفة عامة والعامل بصفة خاصة، كما أن المؤشرات الحالية للأداء الحكومي بعيدة عن انتظارات الطبقات الفقيرة والوسطى في المجتمع المغربي من تجار وموظفين ومأجورين كما لا تعكس تطلعات المجتمع المدني والمرأة المغربية في مجال المناصفة وتحصين الحقوق في المساواة وتكافئ الفرص، وحماية الطفولة والقاصرات من كل أنواع الاستغلال. وبهذه المناسبة والفدرالية الديمقراطية للشغل تحيي ذكرى فاتح ماي تتوجه إلى المركزيات النقابية لتقوية التنسيق ورسم البرامج المشتركة والعمل على تنفيذها، فمصلحة الشغيلة المغربية فوق كل اعتبار، وفي النهاية شكر من جديد الأخوات والإخوة المناضلات والمناضلين على حضورهم ومشاركتهم في المسيرة العمالية بالرباط وللأحزاب التقدمية والديمقراطية على دعمها المتواصل وكذا النقابات الحليفة. وفي الختام انطلقت المسيرة العمالية في حدود الساعة الحادية عشر صباحا من ساحة المامونية مخترقة شارع الحسن الثاني مرورا بشارع محمد الخامس ثم شارع مولاي يوسف وانتهاء بباب الرواح.