أبانت حكومة الأستاذ عبد الإلاه بنكيران عن عجز ملحوظ في مواجهة مجموعة من الإشكالات المطروحة من بينها ضعف الطلب الموجه إلى المغرب وتراكم عجوزات الميزانية والخزينة والميزان التجاري وميزان الأداءات وارتفاع المديونية الخارجية والداخلية بالإضافة إلى تضرر العديد من الأنشطة الزراعية والرعوية بفعل الجفاف. لقد افتقدت الحكومة لرؤية منسجمة وشاملة لمواجهة هذه الإشكالات الصعبة مما جعل عملها يتسم بالإفراط في التفاؤل على مستوى الخطاب والتردد والتلكؤ على مستوى الفعل مما أدى إلى تأخر عرض القانون المالي وبالتالي تضييع نصف سنة مالية ستكون لها كلفة اقتصادية واجتماعية باهظة سنستشعرها على المدى القصير والمتوسط. لقد خلف هذا التأخير جوا من الانتظارية والضبابية وعدم الاطمئنان لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين حيث انعكس سلبا على السير العادي للمقاولات في القطاع العام وشبه العمومي والخاص خصوصا تلك التي يرتبط نشاطها الدائم أو الموسمي بشكل مباشر مع الصفقات العمومية. إن 52% من المقاولات قد توقفت أنشطتها بفعل تأخر صدور القانون المالي لسنة 2012 وبالتالي انتظار المشاركة في طلبات العروض المبرمجة في ميزانية الاستثمار لهذه السنة علما أن هذه المقاولات تشتكي أصلا من تأخر صرف الاعتمادات المرصودة لها في السنوات المالية العادية فما بالك بهذه السنة المالية الاستثنائية. إن هذه المقاولات خصوصا المتوسطة والصغرى أصبحت تعاني من ضعف بين في سيولة خزينتها مما أثر سلبا على توازناتها المالية بفعل تأخر صدور القانون المالي وتباطؤ الدورة الاقتصادية. إن هذه الوضعية الاستثنائية والصعبة التي تعيشها هذه المقاولات جعلت أربابها يتخذون العديد من القرارات ضد الطبقة العاملة والتي تساهم في إنتاج الفقر وتكريس الهشاشة الاجتماعية كتوقيف خلق مناصب الشغل والتقليص من ساعات العمل ومنح عطل اضطرارية وغير مبرمجة وتسريح العديد من العمال والعاملات وغيرها. إن استمرارية تخبط الحكومة وغياب الحس الاستباقي وعدم وضوح الرؤية لديها في التعاطي مع قطاعات المال والأعمال بشكل عام سيعمق انعكاسات هذه السنة المالية البيضاء سواء على مستوى مناخ الأعمال وجاذبية الاستثمار أو على مستوى مؤشرات التنمية الاجتماعية مما يعطي صورة سيئة عن بلادنا في الخارج ويكلف اقتصادنا الوطني غاليا على مستوى التنافسية بمختلف أبعادها. إن حكومة الأستاذ بنكيران مطالبة بالبحث وبوتيرة سريعة على هوامش التحرك من أجل إنقاذ المقاولة الوطنية وإلزام أرباب العمل باحترام التزاماتهم الاجتماعية إزاء الطبقة العاملة التي تضرر ت من هذه التأخيرات وفتح حوار جدي ومسؤول على كافة المستويات أفقيا وعموديا من أجل وقف تفاقم الأزمات والاعتراف بلا جدوى تأخير قانون المالية لأنه لم يضف شيئا إلى مشروع الحكومة السابقة بل خلف أضرارا في مقدمة ضحاياها الطبقة العاملة.