انعقد يوم الأحد 22 يناير 2012 بمقر فرع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بحي سي سالم بمدينة بني ملال ،اجتماع المجلس الاقليمي للحزب أطره لحبيب المالكي, عضو المكتب السياسي للحزب, وعرف حضور أعضاء الكتابة الاقليمية ببني ملال ، أعضاء المجلس الوطني للحزب بجهة تادلا أزيلال و أعضاء الفروع بالإقليم. في البداية افتتح الداكي,الكاتب الاقليمي للحزب ببني ملال, الاجتماع بكلمة ترحيبية قبل أن يطلب من الحضور الوقوف لقراءة الفاتحة على روح الفقيد القائد السي عبد الرحيم بوعبيد الذي خلد الحزب مؤخرا ذكرى رحيله،و كذا روح الشهيد عمر بن جلون الذي طالته أيادي الغدر الغاشمة . بعد ذلك ذكر بالسياق الذي يأتي فيه هذا اللقاء خصوصا بعد محطة 25 نونبر و ما أعقبها من تقييم على المستوى المحلي و الوطني و اختيار الحزب التموقع في المعارضة، و كذلك بعد التقارير التي توصلت بها الكتابة الإقليمية ببني ملال من مختلف الفروع الحزبية و التي أكدت جميعها على التعبئة لإعادة بناء الأداة الحزبية و كذا الاستعداد للمحطات النضالية المقبلة. في بداية كلمته التوجيهية, أكد لحبيب المالكي أن نضالات جهة تادلا أزيلال تعتبر من ركائز النضال الاتحادي من الناحية التاريخية و من ركائز مغرب الغد لما لها من مؤهلات اجتماعية و اقتصادية, واعتبر الجهة مختبرا لما يجب أن يكون عليه مغرب الغد, و لم يفت الأخ المالكي الوقوف على تشخيص الوضعية التنظيمية للحزب, حيث قال إننا نعيش تراجعات في المجال الحزبي في السنوات الأخيرة ودعا إلى وقفة تأمل وطرح كل الأسئلة التي تفرض نفسها دون اللجوء الى تصفية الحسابات وألا تأخذ هذه الأسئلة طابع المحاكمة بروح من المسؤولية والنظرة البعيدة و معالجة مشاكلنا من منطلقات إيجابية وليس من منطلقات تساهم في تأزيم وضعنا التنظيمي, على اعتبار إننا جميعا حاملين لغضب موضوعي وعلينا يقول لحبيب المالكي ان نجعل من هذا القلق والغضب ارضية لمساءلة الذات من اجل معالجة اوضاعنا الحزبية وهو ما يميز سلوكنا الاتحادي. كما ركز على ان الانتخابات السابقة لأوانها في 25 نونبر فتحت مرحلة جديدة و ان هناك نقطة تحول اساسية تفرض طرح العديد من الأسئلة, حيث فاز حزب يميني محافظ ذو مرجعية اسلامية شارك في اربع محطات تشريعية فاز انتخابيا من الناحية العددية, وأفرز وضعا سياسيا يسائلنا على جميع المستويات وعلينا أن نجيب على فهم ما جرى وما يجري, حيث فرضت مجموعة من الأسئلة نفسها , أوجزها فيما يلي : هل أصبح المجتمع المغربي محافظا؟ هل الفئات الحاملة لمشروع التغيير قد تخلت عن ذلك وخصوصا الطبقة المتوسطة و بعض الفئات البرجوازية, و أن طرح هذه الأسئلة يقول الأخ المالكي لا يفرضه فقط الفوز بعدد كبير من المقاعد, بل ما شكله هذا الاكتساح الاجتماعي غير المبرر سياسيا بالنظر الى نمط الاقتراع الذي لا يسمح بهذا الاكتساح الذي حققه حزب محافظ و هذا معطى مجتمعي جديد يجب التعامل معه بواقعية و بجرأة و باجتهاد و تحليل عميقين, كما حدد المالكي في معرض تساؤلاته عن سبب ذلك حيث لامس مجموعة من المحددات السياسية لذلك, فهل الأمر يتعلق بمسايرة المغاربة لموجة الردة على العولمة العالمية و الالتحاق بركب التحولات بالربيع العربي و هو ما اعتبره عاملا غير حاسم, نظرا لطبيعة التراكمات السياسية و التاريخية للنظام السياسي المتبع في المغرب, لكنه يقول قد يكون عاملا مساعدا لما حدث كما عزا ذلك الى ما عرفته اوضاعنا الحزبية الداخلية من التفكك و غياب تلك الأداة الصلبة القادرة على التعبئة و الشرح و الاقناع و ما عرفه حزبنا احيانا من تحاقنات داخلية ظل العديد من مناضلينا سجناء لها, اضافة الى ما عرفه تنظيمنا الحزبي من تقاطعات بين المكونات الحزبية و النقابية و القطاعية, و دعا الى نوع من النقد و النقد الذاتي و تغليب طرح الأسئلة من قبيل ما العمل ؟ و الاجابة عن كل الأسئلة بدل البقاء على عملية التشخيص خاصة و ان اختيارنا للمعارضة انطلاقا من تحليلنا لنتائج الانتخابات و لرصيدنا الذي راكمناه من خلال مشاركتنا في تدبير الشأن العام قد يؤدي الى اضعافنا اكثر من مشاركتنا في الحكومة ان لم نستطع تدبير استثمار مرحلة مشاركتنا الحكومية, و اذا لم نستنهض كل مقوماتنا السياسية و الحزبية في بناء مواقف سياسية واضحة اتجاه كل قضايا المواطنين و هو ما يدعونا الى وقفة تأمل مبنية على النقد الذاتي البناء. و من جهة اخرى اعرب المالكي عن ايجابية المرحلة السياسية الجديدة باعتبارها مرحلة ساهمت في توضيح الأوضاع, لذلك اخترنا المعارضة كموقف سياسي واقعي بالاجماع و في ذلك رسالة للجميع. كما اعتبر ان الأسباب العميقة الذي جعلت مشاركتنا لم تكن في مستوى ما ننتظره جميعا على اعتبار ان المشكل ليس في المشاركة بل في اسلوب تدبير و منهجية المشاركة, و هو ما يشكل أرضية حقيقية لمن سيمارس المسؤولية اليوم و لم يكن دخولنا للحكومة يعني اننا هاجرنا الحزب على اعتبار ان من يهاجر الحزب يهاجر المجتمع, و هو ما قد يعتبره البعض سببا في عزل الحزب بعدما كان متجدرا في المجتمع ,و عليه يجب ان تكون لنا النظرة الشمولية على المستوى السياسي لنبلور خطابا سياسيا جديدا و تصورا جديدا و نجعل موقع الاتحاد الاشتراكي منطلقا جديدا لبناء الاتحاد و استنهاضه. و دعا المناضلين الى استحضار التحولات العميقة التي يعيشها المجتمع المغربي و استرجاع الدفء النضالي فيما بين جميع مكونات الحزب, ان على المستوى الفردي او العلائقي في اطار علاقات اخوية مبنية على الثقة, و هو ما اعتبره مقوما اساسيا حيث ركز على ان العمل السياسي بدون ثقة يتحول الى متاجرة وان الثقة عنصر اساسي فيما يجمع بيننا ثقافيا اخلاقيا فكريا اديولوجا خدمة لمصلحة الحزب وخدمة للمصلحة العامة, و في سياق حديثه عن الالتزام الحزبي عبر الأخ المالكي عن عميق اسفه لمجموعة من الأمراض التي تفشت داخل المجتمع و التي تحد من العمل السياسي البناء و خص بالذكر الالتزام الحزبي النظيف و انتشار تداعيات قيم العولمة التي محت كل ما يجعل اليسار يسار و اليمين يمين, و زاغت القيم و الأفكار النبيلة وأشاعت سلوك التغيير في التدبير في الحكامة التي تحولت الى اديولوجية العولمة و نحن في حزبنا يقول الأخ المالكي يجب ان لا نحل محل ما هو اسمى و هي انتظارات الشعب المغربي على جميع المستويات, و من الايجابيات كذلك للمرحلة السياسية الجديدة بالنسبة للقوى التقدمية انها حاملة لعدة رهانات معقدة و صعبة و حاسمة للخمس سنوات المقبلة و حدد هذه الرهانات فيما هو اساسي و خص بالذكر تطبيق الدستور المغربي الذي شكل بداية تنزيله في عهد حزب يميني محافظ تبخيسا لم يكن متوقعا ,حيث خص بالذكر عدم احترام روح الدستور و مقتضياته بل شكل تنصيب الحكومة وما تلا ذلك استخفافا بأهم مضامينه وهو ما اعتبره الأخ المالكي استخفافا بالمسؤولية وبالتالي استخفافا بالمجتمع و بانتظاراته ,حيث انه تأكد من خلال مجموعة من الممارسات والتصريحات و الوعود و الالتزامات, و أحيانا اخرى اعتبر هذا الاستخفاف امرا واقعيا و كأن السياسات القطاعية قد طبعت قبل التصريح الحكومي و من جهة اخرى شدد على ان التراجع الخطير في تنزيل الدستور كان في تمثيلية المرأة و اعتبر هذه المؤشرات وضعا لا يليق بتطلعات الشعب المغربي و هو ما يحملنا مسؤولية كبيرة للعمل على فرض احترام روح الدستور وتطبيقه بطرق شفافة و ديمقراطية وجعله يوفر الشروط الكاملة للمرحلة المقبلة حتى تصبح الملكية البرلمانية واقعا سياسيا, و هذا رهاننا الأول يؤكد الأخ المالكي, و رهاننا الثاني متمثل في معالجة القضايا الكبرى التي تهم المجتمع المغربي و في نفس السياق عبر عن أسفه للبرنامج الحكومي الذي شكل خيبة امل كبيرة و لم يأت كما كنا نتوقع بأي جديد و ما هو الا استمرارية للمواقف و الاختيارات السابقة و هو ما اعتبره المالكي برنامجا مكررا و هذا يدعو للقلق, خاصة و ان ما كانت تعارضه الأغلبية المكونة للمعارضة بالأمس تبنته اليوم بدون شروط و هذا بؤس في المجال السياسي و لا جديد مع الحكومة الجديدة و هو ما اعتبره خيبة امل كبيرة جدا, حيث لم يفته التنديد بكون البرنامج الحكومي يبقى بدون مقومات في غياب اية اشارة للتشخيص و القفز على الواقع و غياب اية منهجية واضحة من حيث الأرقام, و هو ما يؤكد على غياب الحد الأدنى من المصداقية وخاصة في المجال المالي, حيث جاء التصريح الحكومي بغرض ذر الرماد في العيون و خاصة في مجال تحديد نسبة النمو في 5.5 في المئة دون استشعار الأزمة العالمية و لمحيطنا الاقتصادي وخاصة ما يعيشه الاتحاد الاوروبي كشريك اساسي للمغرب, تؤكد كل الاحصائيات الرسمية في ظل هذه الأوضاع و أوضاع المغرب الاقتصادية المرتبطة بالتساقطات المطرية أن مستوى النمو سيكون ما بين 0.5 و 1 في المائة وهو ما يعني غياب الحد الأدنى للواقعية, كما استغرب المالكي ما جاء به التصريح الحكومي فيما يتعلق بتخفيض نسبة البطالة بنسبة 1 في المائة اي من 9في المئة الى 8 في المائة و ان مستلزمات تحقيق هذا الهدف يتطلب خلق 320 الف منصب شغل سنويا و هذا لن يتحقق الا بتحقيق نسبة نمو تتراوح على الأقل ما بين 6.5 و 7 في المائة و هو ما اعتبره ضحك وهراء في حق الشعب المغربي عامة و المعطلون على الخصوص و ان هذا الاستفزاز الذي جاء به التصريح الحكومي سيجعل منها الفريق الاشتراكي داخل البرلمان عناصر معركة سياسية قوية و هذه المعطيات التي افزها التصريح تؤكد على اننا كنا على صواب للرجوع الى المعارضة, خاصة و أن الأغلبية الحالية لا تتسم بالجرأة و لا ببعد النظر على اعتبار ان القضايا الكبرى للمغاربة كان مفروضا ان تكون محط تحليل دقيق مع وضع الوسائل الكفيلة لتطبيق البرنامج الحكومي وجعله قابلا للانجاز, حيث استنكر بشدة عدم استحضار البرنامج الحكومي لوسائل التنفيذ خاصة في المجال المالي واعتمد هذا التصريح على كلمة "سوف" و بالتالي فهو برنامج تسويفي و هو ما يدعونا الى ممارسة معارضة داخل و خارج المؤسسات و كذا الوقوف لبناء الذات على تشخيص موضوعي للصعوبات التنظيمية التي جعلت اداءنا الحزبي تعترضه مجموعة من المشاكل ادت الى مجموعة من التراجعات بتشخيص واقعي و ليس أسود والاستعداد لما ينتظرنا سنة 2012 باعتبارها سنة غير عادية و ما تكتسيه من اهمية في مجال الاستحقاقات السياسية. و في الأخير دعا المالكي الى وحدة الصف الاتحادي و بدون وحدة, يقول,من الصعب استنهاض الاتحاد و الوحدة تعني الاتصال بالكفاءات و الفعاليات و الانفتاح الجاد و المسؤول لجعل الجسم الاتحادي متماسكا اكثر, و علينا ان نمارس هذا الانفتاح بكيفية لا تسيء لهذا الانفتاح من خلال توفير بنيات الاستقبال مع ممارسة الصرامة الضرورية للانضباط و الحد من الفوضى التي يعيشها الاتحاد مع العمل على تطوير اساليب العمل السياسي من خلال ربط علاقات على اسس جديدة مع المواطن و بناء القطاعات و هذا يتطلب خلق جو جديد ودينامية جديدة لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية, و دعا الى التفكير بجدية في بناء التنظيمات القطاعية والنقابية و الحد من التقاطعات التنظيمية في هذه المجالات، و اعتبر ان امانة الاستمرار في مواصلة المسار النضالي للاتحاد الاشتراكي هو جزء من ملك واحد و هو رأسمال جماعي. وبنبرة جد متفائلة دعا الى التوجه الى المستقبل بوحدة تتصدى لكل من اساء للاتحاد الاشتراكي. بعد ذلك تم فتح باب النقاش حيث ركز جل المتدخلين على ضرورة خلق آليات جديدة للتواصل مع دعوة المتدخلين الى اعادة النظر في مجموعة من الاختيارات و أساليب العمل, كما شددت المداخلات على تقوية تأطير المناضلين, بل تسييس كل المنخرطين و اعدادهم لبناء مواقف تتماشى ورصيدنا النضالي.