مع قرب نهاية السنة الميلادية في كل موسم يحط «بابا نويل» الرحال بمختلف أحياء ودروب العاصمة الاقتصادية بما فيها الشعبية منها عكس سنوات خلت، كان حضوره ينحصر في وسط المدينة ويقتصر على أماكن بعينها مجسدا «التمييز الطبقي»، وداعيا محبيه إلى التنقل إليه، عوض أن ينتقل هو إليهم. الأب « نويل » بلحيته البيضاء وردائه الأحمر، أصبح شخصية مألوفة ومعتادة، تجده عند هذه الناصية أو تلك، أمام محلات التصوير الفوتوغرافي، كما يمكن أن تصادفه مستنسخا بممر الأمير مولاي عبد الله المعروف ب «البرانس»، يحيي المارة بيده وهو يتكئ على عصاه التي يلوح بها هي الأخرى تارة، وتارة أخرى يحاول إغراء الصغار تحديدا ببالونات مختلفة الألوان، والغاية هي دعوتهم لأخذ صور تذكارية معه تؤرخ للحظة من لحظات السنة، وتبقى شاهدة على لحظة عمرية قد يشكل الرجوع إليها في مرحلة من مراحل العمر لحظة نوستالجية متميزة. اللافت للانتباه أن «بابا نويل» البيضاوي، ليس بالضرورة كهلا كما يوحي بذلك مظهره أو شخصا متقدما في السن، فقد يكون شابا كما قد يكون يافعا، والملاحظة الأخرى التي لم تفت عددا من المارة ومن الآباء هي عدم اعتناء بعضهم بمظهره وبلباسه، فكم من «بابا نويل» يرتدي لباسا متسخا، تتناثر البقع السوداء عليه في مختلف المناطق، ومع ذلك لم يعمل على تغييره أو استبداله، وحتى الابتسامة التي يحاول توزيعها أضحت ابتسامة صفراء بفعل القناع الذي قد يدخل الرهبة والرعب أكثر منه أن يكون مبعثا للانشراح وأن يغري بجلب الصغار إليه، أما لحيته الكثة فهي غير مهذبة على الإطلاق، الأمر الذي يجعل من هذه الشخصية في كثير من الأحيان، شخصية مرعبة أكثر منها ذات جاذبية بالنسبة للصغار! «تبهديلة» الأب «نويل» لم تقف عند هذا الحد، فقد أصبح صاحب الهدايا هو نفسه هدية يباع بعشرة دراهم بعد تحويله إلى دمية من البلاستيك من النوع الرديء القابل للنفخ، يعرض على قارعات الطرق وعلى «الفرّاشات»، وهو ما علق عليه البعض بقوله بأن «بابا نويل» هذه الشخصية التاريخية «تلاّت به ليام» بشوارع وساحات الدارالبيضاء. وكيفما كانت الملاحظات المسجلة بشأن المنحى الذي اتخذه «بابا نويل» البيضاوي، فإنه لايمكن مقارنته بالمنحى الذي سطره لنفسه « بابا نويل» أمريكي مؤخرا، والذي أقدم على ارتكاب جريمة قتل بشعة بمنزل أسرته بتكساس وذلك لحظة فتح الهدايا، حيث أجهز على سبعة من أفراد عائلته قبل أن ينتحر هو الآخر؟!