يبدو أن معالم الأزمة الاقتصادية التي مست عددا من القطاعات الحيوية في مجموعة من البلدان الأوربية تجاوزت خلال الأيام الأخيرة تأثيراتها على الجالية المغربية المهاجرة في إسبانيا التي اضطرت إلى مراجعة أفق حضورها على التراب الإسباني، لتحط هذه الأزمة ذات التداعيات المقلقة الرحال دون سابق إشعار وسط المؤسسات التعليمية العمومية بجهة كاطالونيا خاصة. ليس غريبا أن تظهر بعض معالم تأثيرات الأزمة المالية الأوربية وتداعياتها الاقتصادية على المؤسسات التعليمية في إسبانبا، وخاصة في جهة كاطالونيا، غير أن الأغرب أن تحط الأزمة الرحال بمراحيض مدارسها العمومية. في ظل هذا الوضع المتأزم اضطرت وزارة التربية بحكومة كاطالونيا، ولأول مرة في تاريخ إسبانيا، إلى تبني سياسة تشاركية ترمي إلى دفع التلاميذ في كاطالونيا في تدبير مؤسساتهم التعليمية، إشراك ليس الهدف منه بحث المناهج ووضع مخططات العمل، بل من أجل تدبير أحسن لتداعيات الأزمة الاقتصادية، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير الإجرائية تروم تقييد استهلاك التلاميذ لورق المراحيض الصحي. إن اعتماد وزارة التربية في جهة كاطالونيا سياسة تقشفية، إسهاما منها في تدبير جيد لميزانيتها والحد من العجز المالي، الذي تعاني منه ميزانية الحكومة المحلية الكاطالونية، جعل مسؤوليها خلال الأيام القليلة الماضية يتبنون ساسية «الحصص» فيما يتعلق باستهلاك ورق المراحيض الصحي في المؤسسات التعليمية العمومية. لقد قررت وزارة التربية الكاطالونية أن، كما أشارت إلى ذلك مصادر إعلامية فرنسية في إسبانيا، تضع حدا لما اسمته «الاستهلاك المفرط» لورق المراحيض الصحي بالمؤسسات التعليمية العمومية على ترابها. ووافت الوزارة، بالموازاة، مسؤولي هذه المؤسسات، بتوجيهات محددة بشأن طرق الاستهلاك، وأيضا بجرد تحليلي ومفصل لاستهلاك المؤسسات من ورق المراحيض خلال السنة الماضية. وتسعى وزارة التربية في جهة كاطالونيا من خلال تبني هذا الإجراء التقشفي، الأول من نوعة في إسبانيا والذي تأمل أن تنفذه المدارس التعليمية بتعليمات محددة ومرقمة أيضا. لم تحظ بعد اليوم، مراحيض المؤسسات التعليمية الكاطالونية بورق المراحيض الصحي التقليدي، بل ستتغير سلوكيات التلاميذ في استهلاكم لهذا الورق، إذ سيحل محله ورق صحي أقل سمكا وتكلفة. وقامت على الخصوص بوضع رهن إشارة كل تلميذ 25 مترا من ورق المراحيض الصحي، كحصة شهرية في حدودها القصوى، بالإضافة إلى توفير 11 مترا كحصة من الورق المنشف لليد، زيادة على 15 منشافا صغيرا. وتعتبر هذه الإجراءات التقشفية نتيجة لبحث قامت به وزارة التربية الكاطالونية الذي كانت من بين خلاصاته أن ثمة استهلاكا متباينا ما بين مختلف المؤسسات يلفه الغموض ودون توضيحات ممكنة. لقد عاشت إسبانيا جدلا كبيرا وردود فعل متباينة على خلفية قرار تقييد وزارة التعليم الكاطالونية استهلاك ورق المراحض الصحي في مؤسساتها التعليمية، الذي يمكن أن تحذو حذوه جهات أخرى في إسبانيا، لتطرح من جديد مسألة مجانية التعليم التي يكفلها الدستور، وهل مسألة المراقبة الصحية بداخل المؤسسات مكفولة أيضا أم لا. وقد حصل أن عاشت إسبانيا نونبر الماضي إجراء مماثلا لقرار وزارة التعليم الكاطالونية، حيث فرضت الإعدادية العمومية «مانويل سويرو دو بالما ديل كوندادو» بجهة هويلفا على كل تلميذ أن يحضر رفقه ورق المرحاض الصحي الذي من المحتمل استعماله بالإضافة إلى المساهمة بخمسة أوروهات شهريا لمواجهة تكاليف النسخ الورقي، وهو الإجراء الذي تم التخلي عنه في ما بعد بشكل نهائي. الأمر ليس غريبا بالنسبة لإسبانيا، إذا ما كانت فقط تتقفى خطى الولاياتالمتحدةالامريكية في هذا المضمار بخصوص إعمال الحكامة الجيدة في تدبير «ورق المراحيض الصحي». فمنذ السنة الماضية أصبح ورق المراحيض الصحي جزءا لا يتجزء من لائحة الأدوات المدرسية للتلميذ بداية كل موسم دراسي في المدرسة الأمريكية في عدد من ولاياتها.