وافق المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي في اجتماعه الأخير قبل 3 ايام والذي انعقد تمهيدا للقمة الخليجية القادمة في الرياض التي ستلتئم في 19 دجنبر المقبل، رفع توصية للمجلس الأعلى لإقرار برنامج تنمية اقتصادية، مدته خمس سنوات، وذلك لتمويل مشاريع التنمية في كل من المغرب والأردن. ويحاول مجلس التعاون الخليجي الاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في دعم اقتصادات الدول الناهضة حتى يتمكن المغرب والأردن من الانضمام للمجلس، لكون مستوى الدخل والإنفاق من العناصر المهمة في هذا الجانب، حيث إن متوسط نصيب الفرد من الناتج الداخلي الخام في دول المجلس خلال السنوات الخمس الماضية يناهز 36166 دولارا، فيما لا يتعدى متوسط نصيب الفرد من الناتج في الأردن والمغرب على 3207 دولارات فقط؛ مما يعني أن متوسط نصيب الفرد من الناتج في دول المجلس يبلغ أكثر من 11 ضعفا. وأدرك الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه هذه المشكلة، فأنشأ عام 1957 الصندوق الأوروبي للتنمية الإقليمية الذي يشرف على توجيه المساعدات للدول الأقل غنى فيه، وتنسيق برامج التنمية وتنمية القطاعات الاقتصادية الأقل تطورا، كذلك إنشاء الصندوق الأوروبي الاجتماعي، وكذلك الصندوق الأوروبي للاستثمار الموجه بصورة أكبر لمساعدة القطاع الخاص في الدول الأوروبية الأقل غنى. ويملك الاتحاد الأوروبي تجربة غنية في هذا المجال يمكن الاستفادة منها.وبعد نشوب الأزمة العالمية عام 2008، وبروز أزمة الديون في اليونان والبرتغال وإسبانيا، قام الاتحاد بتأسيس صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، لمساعدة الدول الأعضاء في منطقة اليورو التي تعاني مشكلات السيولة. ويعدّ الصندوق الأوروبي والذي يمكنه جمع 440 مليار يورو في شكل مساهمات من الدول المنتمية إلى منطقة اليورو (16 دولة)، هو جزء من آلية شاملة من الإنذار المبكر، وهي آلية يمكنها نظرياً جمع ما يناهز 750 مليار يورو بالتعاون مع صندوق النقد الدولي. ويملك صندوق الاستقرار المالي الأوروبي هيئة إدارية تشرف عليه من مقرها في لكسمبورج. وقد أكد محللون أن دول المجلس ستبادر بوضع الآليات المناسبة لتقليل الفوارق الاقتصادية بينها وبين كل من المغرب والأردن مستفيدة من دروس أزمة الديون السيادية المتفاقمة حاليا في منطقة اليورو. وأبرزت الأزمة الاقتصادية العديد من نقاط الضعف في تجربة الاتحاد الأوروبي، ولا بد لدول المجلس من الاستفادة منها من حيث تنسيق حجم المديونيات السيادية، والبطالة، والمساعدات الاجتماعية، والعمل تدريجيا على تقليل التفاوت بينها على المدى البعيد. وليس بالضرورة أن تنضم كل دول الاتحاد الجديدة إلى خطوات الاندماج نفسها وفي الوقت نفسه، أي يمكن أن تمضي الدول المتمكنة من الانضمام للسوق المشتركة الجديدة، وتقوم الدول الأخرى باللحاق بها، كذلك فيما يخص الوحدة النقدية وهكذا. ويعتبر الراقبون إدراج الأردن والمغرب تحت مظلة دول مجلس التعاون الخليجي خطوة سياسية ذات أبعاد اقتصادية كبيرة. وفي حال كلل بالنجاح فإن تكتلاً جديداً يتمتع بنفوذ اقتصادي سيبصر النور. فدخول الأردن والمغرب إلى النادي الخليجي يضيف 120 مليار دولار للناتج الإجمالي للدول الخليجية الذي سيبلغ 1.3 تريليون دولار. وبعبارة أخرى فإن البلدين الجديدين سيشكلان نحو 10 في المائة من ناتج دول مجلس التعاون الخليجي. ووفقاً لمعهد التمويل الدولي فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي في الأردن العام الماضي 28 مليار دولار، ما يجعلها ثاني أصغر بلد في الاتحاد الخليجي المزمع إقامته، متفوقة على البحرين التي يبلغ ناتجها المحلي 23 مليار دولار. أما المغرب فبلغ حجم اقتصاده 90 مليار دولار في 2010، مما يجعله شريكاً ذي ثقل اقتصادي. أما على صعيد التبادل التجاري فإنه يبلغ بين دول مجلس التعاون الخليجي والأردن نحو 3.8 مليار دولار سنوياً، في حين يقتصر التبادل الخليجي المغربي على 1.8 مليار دولار. كما أن التحالف الاقتصادي الخليجي مع المغرب والأردن من شأنه أن يرفع تصنيف هاتين الدولتين نحو معدلات أعلى، وبالتالي فإنها ستكون قادرة على جذب استثمارات أجنبية جديدة من شأنها أن تضيف سيولة عالية في هذه الدول.