طلبت تركيا أمس بلهجة حازمة من سورية «وقف العمليات العسكرية في المدن السورية على الفور وبلا شروط»، ونفى وزير خارجيتها احمد داود اوغلو ان تكون بلاده منحت النظام السوري «مهلة زمنية أو فترة سماح» لمواصلة هذه العمليات خلال المحادثات التي اجراها في دمشق الاسبوع الماضي. في هذا الوقت، اوقع هجوم الجيش السوري على مدينة اللاذقية مزيداً من القتلى والجرحى، وادى الى تهجير آلاف السكان واللاجئين الفلسطينيين، فيما شددت أطراف دولية وعربية على ضرورة وقف العنف فوراً. وبعد ساعات من لقاء بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس التركي عبدالله غل في جدة مساء أول من أمس، تناول الأوضاع في سورية، أفادت معلومات إيرانية أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سيزور طهران خلال الأيام المقبلة لعقد لقاءات يتوقع أن تركز على التطورات في سورية. وقال داود اوغلو انه طلب من الرئيس السوري بشار الاسد خلال محادثاتهما وقف العمليات العسكرية فوراً وسحب المدرعات والقطعات العسكرية من مختلف المدن، كما طلب منه تنفيذ المطالب الشرعية للشعب السوري. واضاف »اتفقنا على أمور اساسية في هذا الاطار، لكننا لم نعط سورية اي مهلة زمنية او فترة سماح لمواصلة عملياتها العسكرية. بل طلبنا وقفا فوريا لهذه العمليات». واشار الوزير التركي الى ان «سورية اتخذت بضع خطوات مما اتفقنا عليه، بينها الانسحاب من حماة والسماح للسفير التركي بزيارة المدينة وتمكين الاعلام الدولي من زيارتها ايضا. لكن بعد ذلك، ومنذ الاربعاء الماضي حتى اليوم لم تتوقف العمليات العسكرية بل زادت وتصاعدت. ومنذ الخميس كررنا مطالبنا لسورية التي نحن على اتصال بها على مختلف المستويات، بالوقف الفوري للعمليات». وتابع: «ما حصل خرق واضح لحقوق الانسان، بل يتعدى ذلك. اريد ان اتوجه الى النظام السوري بكلمة اخيرة بالقول ان العمليات في المدن السورية يجب ان تتوقف فورا وبلا شروط، واذا لم تتوقف هذه العمليات فلن يبقى ما نقوله بخصوص أي خطوات لاحقة ستتخذ». واكد داود أوغلو ان تركيا «تدعم مطالب الشعب السوري ومطالب كل الشعوب في الشرق الاوسط التي تطالب بشكل سلمي بإحلال الديموقراطية. نحن نؤيد هذا التوجه ونقدم له كل دعم ممكن». وختم بالقول: «سنقوم بكل ما في وسعنا لدعم مطالب الشعب السوري المحقة، وننتظر من النظام السوري وقف العمليات العسكرية فوراً. ونريد ان يعرف النظام السوري والمجتمع الدولي ذلك». من جهتها، دعت ألمانيا أمس إلى فرض مزيد من العقوبات على سورية في اطار الاتحاد الاوروبي وحضت مجلس الامن على مناقشة التصعيد هناك. وقال الناطق باسم الخارجية الألمانية اندرياس بيشكه ان «أنباء قصف اللاذقية بنيران الدبابات والسفن الحربية تمثل سببا جديدا لارسال رسالة أقوى وزيادة عقوبات الاتحاد الاوروبي». ورأى أن «هذا الاستخدام الحالي للعنف لا يمكن تبريره أخلاقياً او في اطار القانون الدولي بأي حال من الأحوال. نحن ندعو الى أن يتصدى مجلس الامن لقضية سورية من جديد هذا الاسبوع». وفي نيويورك، قال رئيس مجلس الأمن السفير الهندي هارديب سينغ بوري إن المجلس سيستمع في جلسته المقررة بعد غدٍ إلى المفوضة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي حول الوضع في سورية. واكد أن »ما من أحد في مجلس الأمن يقلل من جدية الوضع في سورية لكن الاختلاف كان قبل صدور بيان مجلس الأمن على اللغة التي كان ينبغي استخدامها فيه». ميدانياً، أعلن «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» أن الجيش أطلق في اللاذقية «نداءات عدة في مخيم اللاجئين وساحة الرمل وحي سكنتوري للأهالي بإخلاء المنطقة واعتبار كل من يبقى فيها مقاوماً». وأكد «استشهاد امراة كانت تستقل حافلة تقل عائلة نازحة من حي السكنتوري» في اللاذقية، مشيراً إلى «إصابة السائق وتهشيم جميع نوافذ الحافلة جراء إطلاق الرصاص عليها». وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن «حيي الرمل الجنوبي وعين التمرة شهدا حركة نزوح جديدة فجر (أمس) بعد ان سمح الجيش للاهالي بالخروج منهما». وأكد «انتشار القناصة على اسطح الابنية». ولفت إلى حصول «إضراب عام في الصليبة ومشروع الصليبة والقوتلي والأشرفية والطابيات وشارع هنانو وحي القلعة والعوينة»، مشيراً إلى أن «الجيش اقام نقاط تفتيش على كل مداخل اللاذقية واعتقل أكثر من 300 شخص«. ونقل عن شهود رؤيتهم »آليات عسكرية مدرعة تقصف بالرشاشات الثقيلة أحياء مسبح الشعب والرمل الجنوبي كما شوهد تمركز للقناصة على الأبنية المقابلة للاحياء المحاصرة وانتشار لعناصر الجيش والامن في الممرات بين الابنية«. وأكد شاهد أن »السكان يحاولون الفرار ولكنهم غير قادرين على مغادرة اللاذقية لانها محاصرة. أفضل شيء هو الانتقال من منطقة لاخرى في المدينة ذاتها«. وفي حمص، أشار ناشطون حقوقيون إلى أن دبابات اقتحمت بلدة الحولة في عملية عسكرية تترافق مع إطلاق نار كثيف وحملة اعتقالات. وأوضح المرصد أن الجيش دخل في الثامنة صباح أمس »وبدأ بتفتيش المنازل وبدأت حملة اعتقالات وهناك انتشار للشبيحة والامن على جميع الطرق، فيما تمركز عدد من الدبابات على دوار الحرية في تلدو وشمال وشرق تلذهب، متزامنا مع اطلاق نار كثيف في بلدة عقرب شمال الحولة». وفي دير الزور (شرق البلاد)، توفي أمس رجل (67 عاماً) متأثراً بجروح اصيب بها مساء الجمعة برصاص قناصة في شارع التكايا وسط مدينة دير الزور، بحسب المرصد الذي أضاف أن قوات الأمن نفذت أمس «حملة مداهمات واعتقالات في حي الجورة وقرى الصالحية وحطوة والحسينية واعتقلت 27 شخصاً، كما اقتحمت قوات أمنية كبيرة تضم 23 حافلة و10 سيارات رباعية الدفع تحمل رشاشات ثقلية ريف معرة النعمان الشرقي، الواقعة في ريف ادلب (شمال غرب) وشنت حملة اعتقالات شملت 8 اشخاص». وفي حين أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» أن أكثر من خمسة آلاف لاجئ فلسطيني فروا من مخيم الرمل في اللاذقية بسبب القصف السوري، أعربت منظمة التحرير الفلسطينية أمس عن »إدانتها الشديدة« لاقتحام القوات السورية المخيم و »تهجير سكانه«، واصفة ما يجري ب «الجريمة ضد الإنسانية«. ودعا أمين سر المنظمة ياسر عبدربه »الهيئات الدولية المعنية كافة إلى التدخل الفوري لوقف هذه المجزرة«. وقال الناطق باسم »أونروا« كريس غونيس إن »آلاف اللاجئين فروا من المخيم، هناك عشرة آلاف لاجئ وهرب اكثر من نصفهم... ما بين خمسة آلاف وعشرة آلاف شخص فروا، يجب أن ندخل إلى هناك ونعرف ما الذي يحصل«. وأشار إلى أن التقارير الواردة من مخيم الرمل تتحدث عن »نيران مدفعية حاصرت المنطقة، إضافة إلى نيران قطع بحرية«. وطالب رئيس الوزراء الأردني معروف البخيت أمس نظيره السوري عادل سفر ب »وقف العنف فوراً«. وقالت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إن البخيت أكد خلال اتصال هاتفي أجراه أمس مع نظيره السوري »ضرورة وقف العنف فوراً والبدء بتنفيذ الإصلاحات والاحتكام إلى منطق الحوار«، معبراً عن »مشاعر الرفض والأسف لدى الحكومة الأردنية تجاه استمرار القتل وحالة التصعيد«. وأشارت إلى أن البخيت »لفت إلى تنامي الغضب العالمي، شعوباً وحكومات، وتبلور حالة من شبه الإجماع الدولي في رفض استمرار هذه المشاهد وضرورة وقفها فوراً، والانتقال إلى ما هو أفضل لسورية وللشعب السوري الشقيق«، مشدداً على أن »الأمل ما زال قائماً على قدرة الأشقاء في سورية على تحقيق هذه الغاية«.